زيادة أسعار تذاكر السفر بين القاهرة والخرطوم إلى الضعف خلال 48 ساعة

زيادة أسعار تذاكر السفر بين القاهرة والخرطوم إلى الضعف خلال 48 ساعة

وكالات : شهدت أسعار تذاكر السفر بين القاهرة والخرطوم ارتفاعًا حادًا وملحوظًا بلغ الضعف خلال يومين فقط، وذلك بالتزامن مع فترة عيد الأضحى المبارك وزيادة حركة العائدين من السودانيين المقيمين في مصر إلى بلادهم. هذا الارتفاع المفاجئ أثار غضبًا واستياءً واسعًا بين المسافرين، الذين يواجهون بالفعل ظروفًا اقتصادية وإنسانية صعبة للغاية بسبب النزاع المسلح في السودان.

أسباب الارتفاع الجنوني:

زيادة الطلب المرتبطة بعيد الأضحى: تُعد فترة الأعياد مواسم ذروة للسفر بشكل عام، وتزداد الحاجة للسفر بين القاهرة والخرطوم بشكل خاص مع رغبة العديد من السودانيين في العودة إلى بلادهم لقضاء العيد مع عائلاتهم، أو لظروف خاصة كالعلاج أو العودة الدائمة.
الوضع الإنساني في السودان: دفع النزاع المسلح في السودان ملايين السودانيين للنزوح إلى دول الجوار، وعلى رأسها مصر. ومع استمرار الأزمة، يضطر الكثيرون للعودة، خاصة المرضى وكبار السن والحوامل والأطفال، الذين لا يستطيعون تحمل مشقة السفر البري. هذا يخلق طلبًا هائلاً على السفر الجوي.
قلة المعروض الجوي: على الرغم من ارتفاع الطلب، فإن عدد الرحلات الجوية المتاحة بين القاهرة والخرطوم (أو بورتسودان حاليًا) قد يكون محدودًا بسبب الظروف الأمنية أو القيود التشغيلية، مما يخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب.
تحديات شركات الطيران: تواجه شركات الطيران العاملة على هذا الخط تحديات تشغيلية كبيرة، مثل ارتفاع تكاليف التأمين والمخاطر المرتبطة بالتحليق والهبوط في مناطق قريبة من النزاع، بالإضافة إلى تقلبات أسعار الوقود.
تدهور العملة السودانية: على المدى الأطول، يؤثر التدهور المستمر في قيمة الجنيه السوداني على قدرة المواطنين على تحمل تكاليف السفر، حيث تصبح التذاكر المقومة بالعملات الأجنبية باهظة للغاية.

وشهدت أسعار تذاكر العودة من القاهرة والإسكندرية إلى العاصمة الخرطوم مباشرة زيادة من 2000 جنيه مصري خلال شهر مايو/أيار إلى 4500 جنيه دفعة واحدة منذ مطلع يونيو الجاري.

بين مراكز تجميع المسافرين السودانيين من العاصمة المصرية، وسط وشرق العاصمة القاهرة، على مدار اليومين الماضيين، رصدت تضاعف عدد حافلات نقل الركاب من متوسط 80 إلى 300 حافلة يومياً، بالإضافة إلى زيادة عدد الحافلات من الإسكندرية والأقصر وأسوان، حيث تتمركز تجمعات السودانيين الذين وفدوا إلى مصر، عقب اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش والحكومة السودانية، عام 2023، والتي أدت إلى فرار نحو 4 ملايين سوداني تجاه الحدود المصرية.

وافقت السلطات المصرية على تشغيل نحو 300 حافلة لنقل السودانيين من مصر إلى السودان بدلاً من 80 حافلة يومياً، تبدأ بعضها من العاصمة وشمال البلاد الإسكندرية تتجه إلى معبر أرقين البري وأخرى من الأقصر وأسوان بجنوب الوادي تتجه إلى معبر قسطل لخدمة العائدين من جنوب مصر.

ويتوقع مسؤولون في السفارة السودانية بالقاهرة، أن يصل عدد العائدين على مدار الشهر الجاري نحو 500 ألف سوداني، في حركة نزوج معاكسة هي الأكبر من نوعها منذ اندلاع المعارك العسكرية في السودان.

وقالت مصادر بشركات الطيران إن ارتفاع أسعار العودة خلال الأيام الماضية، بسبب زيادة الإقبال على السفر، ووضع السلطات المصرية شروطَ أن تكون الحافلة التي تقل الركاب حديثة ومكيفة الهواء، ومجهزة في أغلبها بدورات مياه ووسائل الراحة للمسافرين، وعدم ركوب أكثر من 40 فرداً في الحافلة سعة 55 مقعداً، لترك مساحات واسعة أمام المسافرين، تحقق راحتهم داخل السيارة، مع منحهم فرصة لنقل كل أمتعتهم بداخل السيارة.

أوضح أن الشروط الجديدة منحت الحافلات فرصة نقل الركاب مباشرة إلى الخرطوم، من دون توقف لتغيير الحافلة، عند عبور الحدود المصرية، مبرراً زيادة السعر بأن الحافلات المصرية ستعود بدون ركاب في رحلات العودة، بما يحمل الشركات تكاليف هائلة. ينبّه آدم إلى أنه رغم زيادة أسعار الرحلة، يظل اختيار تلك الحافلات الجديدة الأكثر طلباً من المسافرين الذين لن يضطروا إلى التوقف عدة مرات أسوة بما كان يجري في السابق، عند منافذ الوصول في أسوان أو جنوب أبو سمبل والتحرك على مراحل، وهي رحلة كانت تستغرق عدة أيام، بينما لا تزيد عن يومين حالياً لقطع مسافة تصل إلى نحو 2000 كيلومتر من شمال مصر إلى العاصمة السودانية الخرطوم.

ودفع ارتفاع أسعار تذاكر السفر المفاجئ الخمسيني حسن المكي إلى طلب تخفيض على رسوم السفر لعائلته التي تتكون من زوجة و3 أبناء، إذ خطط منذ أسابيع لعودة جماعية إلى مسكنه بمنطقة أم درمان.

وهناك حرص على عودة السوداننين إلى بلدهم بسرعة بعد أن أضناه العيش في مصر طوال العامين الماضيين، عانى فيهما صعوبات في الحصول على إقامة نظامية، وتعليم أبنائه في مدراس عامة مصرية أو سودانية، بما دعاه للاستجابة إلى نداء الأهل في الخرطوم بالعودة السريعة من مصر، بعد تلقيه تطمينات باستقرار الأوضاع الأمنية، واستعادة النظام العسكري الحاكم السلطة على العاصمة وأم درمان والمناطق المحيطة بهما.

بالطبع كثافة الأعداد الكبيرة الراغبة في العودة إلى الخرطوم، ترجع إلى انتهاء العام الدراسي في مصر، ورغبة العائدين في قضاء عيد الأضحى بين أهلهم الذين افترقوا عنهم لفترات طويلة، منبّهاً إلى رغبته في دمج أبنائه بالمدارس النظامية بالخرطوم، التي ستعيد تسجيلهم في امتحانات أخرى تساعدهم على تخطي العام الدراسي الذي فقدوه من قبل أثناء وجودهم في مصر أو على الأقل قبولهم في العام الدراسي الجديد لعام 2025/ 2026.

وهناك ارتباط بين كثافة الرحلات، بفترة ما قبل هطل الأمطار الغزيرة على شمال ووسط السودان، التي ستبدأ مع فيضانات الصيف الجاري خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر المقبل 2025، لتفادي مشكلات السفر على الطرق الرئيسية وغير الممهدة، قبل موسم الأمطار الغزيرة، التي تؤدي عادة إلى انهيار بجسور نهر النيل والممرات التي تصل إلى المناطق النائية بالعاصمة وما حولها.
كما أن استجابة شركات النقل المصرية إلى زيادة أعداد الحافلات مرهون بفترة الأعياد وشهر يونيو التي تواكب تراجع حركة السياحة الدولية والمحلية في مصر، بما يمكنهم من تدبير الحافلات السياحية، لنقل السودانيين العائدين، مستدركاً بأنه رغم ارتفاع الأسعار تصب تلك الحلول في صالح الطرفين، حيث يصعب دخول الحافلات السودانية إلى مصر للعمل في مصر بدون إجراءات شديدة التعقيد.

وهناك بعض السودانيين يبحثون عن تمويل عملية العودة إلى الوطن، عبر الكفالات المالية التي تقدمها هيئات دولية ومصرية وأخرى تابعة للسفارة السودانية بالقاهرة، لشراء تذاكر السفر للراغبين في العودة طوعياً.

كان القنصل العام لجمهورية السودان في مصر السفير عبد القادر عبد الله قد أكد في تصريحات صحافية أن عودة السودانيين من مصر شهدت تزايداً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، منبّهاً إلى أن العودة ترتبط بتحسن الأوضاع الأمنية في السودان، خاصة بعد تمكن الجيش من سحق قوات الدعم السريع في الخرطوم وأم درمان، وولاية الجزيرة، بما شجع العديد من الأسر على العودة إلى وطنهم.

وأشار القنصل السوداني إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها السودانيون، بسبب ارتفاع الإيجارات وتكلفة المعيشة في المدن المصرية، مع تراجع الدخل وصعوبة الحصول على فرصة عمل، ساهمت في زيادة وتيرة العودة، ولا سيما بعد أن استنفد أغلب السودانيين مدخراتهم، بما دفعهم إلى تبكير العودة ومواجهة التحديات التي قد تواجههم في بلدهم.

وتقدم السفارة السودانية تسهيلات لعودة مواطنيها، منها إنهاء إجراءات ووثائق العودة مع السلطات المصرية، والإعفاء الجمركي على الأثاث والأجهزة المنزلية المصاحبة للعائدين، وضمان جودة الخدمات على الحافلات المصرية المخصصة للسفر لمسافات طويلة وتحسين الخدمات على منافذ الوصول والسفر.

وتشير بيانات السفارة السودانية في القاهرة، إلى سفر نحو 250 ألف سوداني من مصر خلال الفترة من أكتوبر 2024 إلى إبريل/ نيسان 2025، بما يعني رغبة ضعف تلك الأعداد بالسفر خلال أسابيع، وبقاء نحو 3 ملايين آخرين، في انتظار العودة لفترة غير معلومة المدة.

إقرأ أيضاً :