ماجدة موريس تكتب: “نُقدّر لك حلمك معنا”

ماجدة موريس تكتب: “نُقدّر لك حلمك معنا”

“شكرا لأنك حلمت معنا”، ليس فقط عنوان لفيلم المخرجة الفلسطينية ليلي عباس والذي حصل علي جائزة أفضل إخراج خلال جوائز النقاد للسينما العربية التي عرضت في مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته رقم  ٧٨ والتي وزّعت جوائزها مساء الأحد الماضي، ولكنه -أي هذا العنوان -شديد التعبير عما قدمته السينما والسينمائيون في العالم  لرفض العدوان الإسرائيلي علي غزة، ودعم الشعب الفلسطيني في معاناته الرهيبة، وفي الوقت الذي يقف فيه السياسيون في العالم موقف التأييد لدولة العدوان (مع استثناءات مثل إسبانيا وبلجيكا) وقف أهل الفن والسينما معا لدعم فلسطين ورفض العدوان، ووقع ٤٠٠نجم ونجمة يعملون في السينما بيانا في يوم افتتاح المهرجان يطالبون فيه بإيقاف الحرب علي غزة، وفي الافتتاح أيضا وقف الحضور لتأبين المصورة الفلسطينية (فاطمة حسونة ) التي اغتالها جيش الاحتلال هي وأسرتها بعد أن علموا أنها ستذهب للمهرجان لدعم فيلم وثائقي عنها، استطاعت فلسطين أن تخطف الكاميرا والكلمة وأن تحرج العالم في أكبر مهرجان للسينما، كما قال الكاتب والمخرج السينمائي يحيي بركات في مقال له، ليتأكد لنا أن السينما وصناعها قدموا ما لم تقدمه السياسة، وأن يعبروا بالفن عن ما لم  يقل بدون فن، وعلي حد تعبيره (الاحتلال لم يدخل لكن فلسطين فعلت، وتحدت، وانتصرت في دورة استثنائية، ارتدت فيها فلسطين الكوفية، ومشت علي السجادة الحمراء بحذر الشهداء وكبرياء الناجين، لم تكن ضيفا عابرا، ولا رقما في جدول العروض، بل كانت الروح التي سكنت المهرجان، والصوت الذي دوي في القاعات، والظل الذي القي حكايات أطفال تحت الأنقاض وشهداء خلف العدسات، جاءت فلسطين من غزة، من جنين، ومن الشتات محمولة علي أكتاف مخرجات ومنتجين، وأكتاف دموع ومشاريع وذاكرة لا تموت، لم يكن حضورا باهتا كما اعتادت بعض الوفود أن تمر كظل في زحام العالم، لكن هذه المرة حضرت فلسطين بجسدها الحي، وروحها الجريحة، بصوتها الذي لا يخرس، بأفلامها، وجمهورها، وجراحها المفتوحة، وذاكرتها التي لا تزال تنزف منذ النكبة وحتي الإبادة الجارية في غزة الآن).

أنا سعيد أنك ميت الآن

 

 

 

فاز فيلم (أنا سعيد انك ميت الآن ) بذهبية الأفلام القصيرة وصعد مخرجه الفلسطيني توفيق برهوم إلي منصة التتويج ملتحفا بالكوفية وبيده الكاميرا ليقول (هذه الجائزة لفلسطين، وللسلام، تحرير الشعوب لا يعادي احد،هناك فرق بين التحرير والكراهية ) لتهز كلماته وجدان الحضور الكبير، فهو وان كان فلسطينيا، فهو أيضا صانع للجمال ذى الفن، ومنتصر للحياة في وجه المدفع، وهو ما أدركه ويدركه كل من يعرف أهمية السينما وقيمتها في التعبير عن أصعب القضايا، ومن هنا جاء الفيلم الرابع من غزة ليعرض في (كان ) للمخرجان الشقيقين طرزان وعرب ناصر، واللذان رأينا فيلمهما السابق (غزة مون أمور ) في مهرجان القاهرة السينمائي منذ أربعة أعوام، ويعودان الآن بالفيلم الجديد واسمه (كان يا مكان في غزة. ) فغزة هي مدينتهما، وأهلها وحياتهم مصدر اهتمامهما، والفيلم الجديد يتتبع حياة شابين في المدينة والتحديات التي تواجههما، ليفوز الفيلم بجائزة أفضل إخراج في قسم (نظرة ما )، أما (شكرا لأنك تحلم معنا ) للمخرجة ليلي عباس، فهو يذهب إلي قصة أخري لفتاة فلسطينية تواجه التقاليد الاجتماعية الظالمة في ظل مجتمع محاصر بقهر الموروث مع قهر الاحتلال، وبرغم نضال نسائه الكبير. ولتبقي فلسطين حاضرة بإبداعها كما هي حاضرة بنضالها.