الأمن لا يُمكن ضمانه بدون مشاركة النساء: مصر لا تزال تتجاهل تنفيذ القرار 1325 بعد 25 عامًا من إصداره

خبراء: مطلوب خطة وطنية لمجتمع خال من العنف والتمييز ضد السيدات والاطفال وكبار السن واللاجئين
رغم مرور أكثر من 25 عام على صدور قرار مجلس الأمن 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام وتحديدا النساء فى حالة الصراع ,والذى يعد حجر الزاوية فى التزام الدول بمشاركة المرأة فى قضايا السلم والأمن الدوليين وحماية النساء والفتيات ..إلاأن مصر لم تهتم حتى الآن بوضع خطة وطنية لتنفيذ محاور القرار..
ناقش برنامج المشاركة العامة للنساء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، معوقات وفرص الخطة الوطنية المصرية..
فرغم أن مصر ليست دولة صراع مسلح إلا إنها فى الجوار مع دول الصراع فهناك حرب الابادة فى غزة وحرب أخرى فى السودان وحالة عدم الاستقرار داخل ليبيا ,وأيضا تعتبر مصر من أكبر الدول المستقبلة للاجئات ..هذا ما أكدته د.أمل حمادة أستاذ مساعد العلوم السياسية بجامعة القاهرة من خلال دراسة صادرة عن مؤسسة قضايا المرأة المصرية بعنوان أجندة المرأة والسلم والأمن الدوليين.
أكدت الدراسة علي أنه برغم الأهمية البالغة لهذه الأجندة، فإن الاستجابة المصرية شهدت تأخرًا إذ لم يُعلن عن البدء في إعداد الخطة الوطنية لتنفيذ قرار 1325 إلا في مايو 2019، بعد مرور ما يقرب من عشرين عامًا على صدور القرار الأممي. وقد أسندت مهمة الإعداد إلى عدد من الجهات الوطنية، أبرزها المجلس القومي للمرأة، ووزارة الخارجية، ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، بينما أُوكلت الدراسة التمهيدية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. وبرغم الانتهاء من هذه الدراسة في عام 2021، لم تُعلن الخطة الوطنية رسميًا حتى الآن، ولم تُعرض على أصحاب المصلحة والمجتمع المدني، ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى الجدية السياسية والإدارية في الالتزام بأجندة المرأة والسلم والأمن.
وأوصت الدراسة على أهمية خلق الفرصة السياسية من جانب مؤسسات المجتمع المدني للدفع باتجاه خلق زخم حول مشاركة المرأة في مجال بناء السلام واستدامته واستثمار المشهد الإقليمي والدولي واهتمام الدولة المصرية الذي تعبر عنه مؤسسات الدولة ووسائل الاعلام,وكذلك الزخم المرتبط بوجود نساء في داخل البعثات المصرية في قوات حفظ السلام والإشادة الدولية بأدائهن مما يشجع المزيد من النساء على الانخراط في صفوف الجيش والشرطة المكونة للبعثة.
وطالبت الدراسة بضرورة تسليط الضوء على الأدوار التي تلعبها النساء على المستوى المجتمعي في مجال حل النزاعات في داخل المجتمعات المحلية، وإمكانية الاستفادة من هذه الأدوار في تشبيك برامج وهيئات قادرة على رفع الوعي وزيادة الكفاءة ومن ثم ترجمة هذا في برامج وسياسات وتدخلات حكومية وتنموية مختلفة. وزيادة أدوار النساء في الآليات المجتمعية التي توظفها الدولة في حل الصراعات كلجان المصالحة العرفية, فزيادة تواجد النساء في مثل هذه اللجان من شأنه أن يقدم فهم أفضل لتعقيدات الصراع على المستوى المحلي، كما أنه يقدم فرصة للنساء للمساهمة في حل الصراعات بشكل عضوي مما يؤهلهم فيما بعد للمشاركة بشكل أكثر مؤسسية.
كما أوصت بسرعة وضع وإصدار خطة العمل الوطنية المرتقبة حول قرار مجلس الأمن 1325 مع ضمان مشاركة النساء والجمعيات العاملة فى مجال المرأة في صياغة وتطوير الخطة الوطنية للقرار 1325, والتشبيك بين مؤسسات المجتمع المدني خاصة النسوية والمؤسسات الحكومية المشتركة في تطوير الاجندة الوطنية بغرض اجراء حوار مجتمعي شامل وحقيقي حول هذه الاجندة والمطلوب منها وامكانيات تطبيقها وأولويات النساء والفتيات وتضمينها بالأجندة ، لتلبية احتياجات وتطلعات المرأة المصرية على كافة المستويات، بالإضافة إلى مساحات التداخل والتقاطعات بين الأجندة الوطنية للمرأة والسلم والأمن والاجندات الأخرى ذات الصلة بقضايا المرأة (استراتيجية تمكين المرأة) أو بمحاربة الإرهاب، او الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالتنمية.
والاستفادة من التجارب الدولية والعربية السابقة ومن المبادرات الإقليمية التي تهدف لتطوير الأجندات الوطنية مثل المبادرة التي أطلقت في عام ٢٠٢٤ بمساندة مكتب الأمم المتحدة للمساواة والتي هدفت لتكوين مجموعة عمل من الدول العربية للإعداد للاحتفال بمرور ٢٥ عاما على أجندة المرأة والسلم والأمن الدوليين, و البحث عن مصادر تمويل وطنية بالإضافة إلى مصادر التمويل الدولية تتمتع بالاستدامة في مراحل تطوير الخطة وفي السنوات الأولى لتطبيقها، مع تطبيق آليات تمويل مستدامة تسمح للخطة بالتنفيذ والتطوير والمراجعة دون التهديدات المرتبطة بانقطاع التمويل لسبب أو اخر.
فيما أكدت ندى نشأت، مديرة برنامج المشاركة العامة للنساء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن هذا القرار الأممي صدر عام 2000 ,وأهميته تكمن في محاوره وخطته التي لم يتم تنفيذها حتى اليوم
و شددت على أهمية إعادة تعريف مفاهيم السلام والاستقرار بعيدا عن المفاهيم التى يتم تصديرها وتعريفات قاصرة حيث يتم ربط السلام بعدم وجود صراع أو حرب ..إلا أن السلام بمفهومه الأشمل لا يعني فقط عدم وجود حرب، وإنما يعني وجود سلام مجتمعي خال من العنف والتمييز ضد النساء والصغار وكبار السن واللاجئين واللاجئات، وهو ما يعني أن أهمية الخطة الوطنية لقرار 1325 لابد وأن تنبع من فكرة أن المجتمع لابد وأن يتمتع بعدالة وسلام شامل وليس سلام مجتزئ.
وأكدت أن فى مجتمعنا المصرى تفتقد النساء فكرة السلام بعناه الأشمل فلا يوجد سلام في الشارع وهناك تصاعد في معدلات العنف بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية مما يعزز من احتياجها لهذا القرار.
وحول وضع اللاجئين أكدت ندى نشأت، أنهم هربوا من بلدانهم كي ينجوا من ويلات الحرب، إلا أن هناك تجييش ضدهم بخطاب جعلهم سبباً في الأزمات التي تعاني منها البلاد الاقتصادية منها والاجتماعية على غير الحقيقة وجميعها ممارسات بحاجة لضوابط وقوانين تحكمها.
وأكدت على أهمية صدور خطة وطنية لتنفيذ القرار ,تتضمن آليات عمل حقيقية يمكن العمل عليها على أن تكون قابلة للتنفيذ والقياس والمتابعة حتى تصبح واقعاً ملموساً.
فيما أشارت رابحة علام – خبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجيةإلى أن أجندة المرأة والسلم والأمن الدوليين تعد منعطفًا تاريخيًا في مسار تطوير قواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، حيث جاء قرار مجلس الأمن رقم 1325 الصادر في 31 أكتوبر 2000 كأول وثيقة رسمية تصدر عن مجلس الأمن تعترف بشكل واضح بالأثر المتفاوت والعميق للنزاعات المسلحة على النساء والفتيات، وتؤكد على دورهن المحوري في منع الصراعات وبناء السلام. لم يكن القرار مجرد إعلان نوايا، بل انبثقت عنه أجندة متكاملة تشكلت حول أربعة محاور رئيسية هي: الوقاية، الحماية، المشاركة، والإغاثة وإعادة الإعمار، بما يعكس تحولًا جذريًا في إدراك المجتمع الدولي لدور النساء في قضايا الأمن والسلام، وضرورة تمكينهن قانونيًا ومجتمعيًا لحمايتهن وإشراكهم بصورة فاعلة.
وأكدت أن حالة العنف التى يشهدها مجتمعنا المصرى تفرض علينا إصدار خطة وطنية لتنفيذ هذا القرار مشيرة إلى أن هناك محافظات عديدة ترتفع فيها جرائم العنف وأول المتضريين النساء والأطفال وبالتالى علينا البحث فى آليات لتقنين العنف المجتمعى ضد النساء وارساء السلام .
حول آليات رفع مشاركة النساء في تنفيذ القرار ١٣٢٥ في السياق المصرأشارت إلى إننا نحتاج إلى قاعدة بيانات موحدة ترصد جرائم العنف ضد النساء فالمشكلة لدينا عدم وجود إحصاء سنوى خاص بالعنف ضد النساء.,كما نحتاج إلى زيادة انخراط النساء فى المجالس العرفية على المستوى المحلى ,وزيادة مشاركة الفتيات فى الشرطة النسائية ,واعادة النظر فى جرائم العنف المنزلى غير المنظور .
وأكدت أمل مختار خبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستلراتيجية أن مصر تعتبر من أكبر الدول المستقبلة لعدد كبير من النساء اللاجئات من دول الصراع المجاورة وهذا يفرض عليها وضع خطة وطنية عاجلة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 الخاصة بحماية النساء فى أماكن الصراع وتوفير الحماية لهن ,فاللاجئات يلجأن إلى مصر وهن محملات بآثار الصراع ..فمصر تستقبل ملايين من السودانيين 53 % منهن سيدات و75 نساء وأطفال وأغلب النساء تفقتد لرب الأسرة ويقع عليهن عبء إعالة الأطفال وأول المشكلات التى تواجه هؤلاء السيدات الوضع الاقتصادى ,والحماية ,والاستغلال فاذا حدثت مشكلة مثلا بشأن الأحوال الشخصية أو اثبات النسب,واثبات الزواج , وتقدمت السيدة اللاجئة للقضاء يتم احالة القضية إلى قوانين الأحوال الشخصية لدول اللاجئين رغم إنها تعيش على أرض مصر اللاجئات لا يتمتعن بالحماية اللائقة ولذلك لا بد من وضع خطة وطنية لجعل حياتهن أكثر آمنا.
فيما أكدت د.أمل حمادة استاذ العلوم السياسية أن وضع الخطة الوطنية المصرية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 لا يعتبر مجرد خطوة نحو تحقيق الأمن والسلام فى مصر ,بل هو أيضا خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين لان الاجندة لا تعبر فقط عن سياق الحرب والنزاع وإنما تدفع لبناء السلم والأمان المجتمعى الذى تحتاجه النساء .
وأشارت إلى أن التحديات التى تواجهها النساء فى مصر فيما يتعلق بالسلام والأمن تتطلب إرادة سياسية جادة وموارد مستدامة وتكاتف كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية حتى تستطيع مصر تحقيق تحول نحو إشراك النساء فى عمليات السلم والأمن .