فنزويلا تحارب الحصار وتختار مجلسًا تشريعيًا جديدًا

الحزب الاشتراكي الموحد يحصد أغلبية مقاعد البرلمان والجمعية الوطنية
الرئيس مادورا: هذا الفوز هو انتصار للسلام والاستقرار في فنزويلا
مئات المراقبين والمتابعين الدوليين شاركوا في العملية الانتخابية
المجلس الوطني للانتخابات: نسبة المشاركة بلغت 42.66%
“فلسطين” حاضرة بقوة … و”ناصر ” الحاضر الغائب
في أحضان المحيط الأطلسي تطُل “فنزويلا” كزهرة برية تشع بالنضارة تفتح قلبها الأخضر بوابة لأمريكا اللاتينية بكل ما بها من سحر وألق.
مجرد أن تهبط الطائرة على أرضها تستقبلك الوجوه السمراء وتحيطك بمودة جارفة ودفء يأسرك نحو عالم لاتيني مدهش عرفناه من خلال روايات ماركيز وإبداعات بالبوا نيوردا وغيرهم وفتحنا أعيننا على شاشات السينما حيث سينما “أوفاليس” و كوارون وأليخاندرو إيناريت وآخرين.
كانت شوارع “كاركاس ” تضج بالحياة … متوهجة بالحيوية كأنك في القاهرة فلا فرق كبير بين أسواق المدينة اللاتينية وأسواق قاهرة المُعز ربما لغة الرواد حيث العربية هنا والإسبانية هناك…. حتى صيحات الباعة وأمتعتهم وبعض من لون بشرتهم الخمري …فنحن أمام نفس البساطة وروح التسامح وتلك الابتسامة التي تعلو الوجوه وتزداد مُهللة لمجرد معرفتهم أننا مصريون لتتعالى الصيحات ” ناصر ” و”بيراميدز”.
على مسافة 40 دقيقة تقريبا يقع فندق الإقامة نتأمل الطبيعة الساحرة التى تحيط بنا خلال كل الجولات … حالة من المحبة وجبال خضراء وشوارع تحتمى بالأشجار والزهور … هى الجنة في تضاريسها.
طبيعة فاتنة …ومن هنا ربما جاء حب سكانها للحياة بهذا الشكل الهائل.
كان الحدث هو الانتخابات البرلمانية التي جرت في 25 مايو وكنا مشاركين – من مصر – ضمن وفود من مختلف دول العالم لمتابعة هذا الحدث الذى شغل الجميع لما أحاط به من اهتمام واسع.
قبيل الموعد المقرر لهذا الحدث الديمقراطي حاولت بعض أطراف المعارضة – المقربة من الولايات المتحدة – أن تُفسد العملية الانتخابية عندما أعلنت عن مقاطعتها للمنافسة ودعت جماهير الشعب الفنزويلى لاتخاذ ذات الموقف.
كانت محاولات العرقَلة واضحة منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي حسمها الرئيس “مادورا” لصالحه رغم شراسة المنافسة واستخدام بعض معارضيه لأساليب الترهيب ومحاولات العَبث بأمن واستقرار البلاد – وفقا لمصادر رسمية كشفت عن متورطين في أعمال عنف والتحريض عليه –
وكان على إدارة الرئيس “مادورا” وقيادات “الحزب الاشتراكي” الحاكم مواجهة التحديات بكل حسم خاصة في ظل دعم أمريكي معلن لكل خصومه ومنافسيه ومع إصرار إدارة “كراكاس” على السير في خطاها نحو دعم كل قوى الاستقلال والتحرر من الهيمنة الأمريكية والعمل على مواجهة كل أشكال الفاشية والعنصرية وخاصة تلك التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وأعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الكيان ضد الشعب الفلسطيني.
لذلك لم يكن غريبا أن نجد أعلام فلسطين خفاقة في كل الفاعليات بمدينة كراكاس، ولم نندهش عندما شاهدنا قادة الحزب الحاكم وكافة مرشحيه يرتدون الكوفية الفلسطينية الشهيرة في تعبير واضح عن الدعم والمساندة بقضية العرب الأولى.
كل تلك الملامح كانت كاشفة لطبيعة العملية الانتخابية التي جرت في تحد رسمي وشعبي للحصار الذى يضرب البلاد منذ عقود، والذى تسبب في معاناة اقتصادية – رغم ثروات فنزويلا الهائلة – إلا أنه لم ينجح في كسر إدارة الشعب البوليفاري وحكومته ولم يُغير من توجهاتها وانحيازها الداعم للإنسانية والعدالة والديمقراطية الحقيقية التي تحفظ للشعوب سيادتها وتحميها من محاولات الهيمنة واستنزاف ثرواتها وخيراتها من جانب قوى عالمية.
جرت الانتخابات في أجواء هادئة ولم تنجح تحديات أطراف محسوبة على المعارضة في أعمال عنف أو خروج على القانون.
وجهت الإدارة في فنزويلا الدعوة لوفود دولية بلغت نحو 400 شخصية إلى جانب منظمات المجتمع المدني والمنظمات الرسمية كما حضر نحو 80 مراقبًا دوليًا من قارات مختلفة إلى فنزويلا بدعوة من المجلس الوطني للانتخابات (CNE)، الجهة المسؤولة عن ضمان شفافية العمليات الانتخابية.
وجرت العملية الانتخابية تحت إشراف مراقبين دوليين تمت دعوتهم من قبل أحزاب من مختلف الأطياف ومن بين هؤلاء المراقبين كان وجود قوى أعضاء من البرلمان الإفريقي، وبرلمان مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية (SADC)، بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات انتخابية من 17 دولة إفريقية، من بينهم 4 رؤساء و2 نواب رؤساء.
وخلال تفقدنا عددا من مقار الاقتراع أتيحت لنا فرصة القيام بجولات في شوارع العاصمة التي كانت تسير الحياة بها شكل طبيعي جدا وكان وجود حشود من مواطني فنزويلا أمام بعض اللجان مقترنا بالموسيقى والغناء ليمثل ذلك المشهد المُبهج أحد مكونات الحياة في بلد يعشق سكانه الموسيقى والرقص ويمارسونه في كل تفاصيل حياتهم ويُعبرون من خلاله عن أحلامهم وأفكارهم .. تصنع الموسيقى في فنزويلا كل شيء وتفسر كل المشاعر وتكشف عن مكنونات بشر يحبون الحياة ويقاومون كل محاولات الإحباط التي يصنعها الحصار وتحاول خلقها صرخات اليأس الصادرة من قوى تستمد دعمها من “العم سام”.
وانتهت عملية الاقتراح في مساء الأحد 25 مايو والتي شارك فيها 54 حزبا سياسيا — غالبيتها من المعارضة — وتنافس أكثر من 6,000 مرشح على المناصب المختلفة.
وتم انتخاب 285 عضوًا في الجمعية الوطنية باستخدام نظام التصويت الموازي، مع انتخاب 149 مقعدًا عن طريق التمثيل النسبي بالقائمة المغلقة (مع تخصيص المقاعد باستخدام طريقة دونت) و136 مقعدًا عن طريق التصويت الكتلوي في 87 دائرة انتخابية.
أعلن المجلس الوطني للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 42.66%. كما أشار إلى أن الحزب الاشتراكي الموحد احتفظ بأغلبيته في الجمعية الوطنية وفاز في 23 من أصل 24 انتخابات حاكم ولاية. ووفقًا للمجلس الوطني للانتخابات، كما فاز بنحو 82% من الأصوات، بينما حصلت الأحزاب الأخرى التابعة للقطب الوطني العظيم على 6.25% من الأصوات. وحصلت تحالفات المعارضة على نحو 5.17% من الأصوات.
وعقب اعلان النتائج شهد ميدان سيمون بوليفار في وسط العاصمة احتفالات صاخبة لأنصار الحزب الاشتراكي الموحد وصرح الرئيس مادورو في لقاء بثه التلفزيون الرسمي وشارك فيه عدد من رموز الحكومة ونواب البرلمان وممثلي الأحزاب السياسة العربية والأجنبية أن “هذا الفوز هو انتصار للسلام والاستقرار في فنزويلا برمتها”، وأضاف “أثبتت الثورة البوليفارية اليوم أنها أكثر أهمية وقوة من أي وقت مضى. اليوم، أثبتنا قوة التشافيزية” الحركة التي أسسها الرئيس الراحل هوجو تشافيز”.