غزّة… عندما اختنق الوطن بأخر أنفاس الكرامة

غزّة… عندما اختنق الوطن بأخر أنفاس الكرامة

 

بقلمي، الكاتبة الجزائرية د. حكيمة جعدوني
كتبته بتاريخ 17 جوان 2024

هي عِبرةٌ أرهقت الزمن،
تُتعب الليل والنهار في سردها،
كأنها وحيٌ لا يُقال… بل يُبكى.

السلام على سيدنا محمد، نبراس الهدى وقدوة الصالحين.

أما بعد،

فلا يدافع عن الفاسد إلا فاسد،
ولا يبرر سقوط الساقط إلا من سقط معه.
ولا يهتف باسم الحرية إلا من ولد حرًّا.
ولا يركع للطاغوت ويدافع عنه إلا من اعتاد السلاسل.
ولا يرفع راية الثورة إلا قلب بطل.
ولا يصون المقدسات إلا من سكن الشرف دمه.

وكلٌّ منّا، يعلم تمامًا عمّا يُدافع.

رسالتي إلى كل ص ه ي و ن ي..

لم يكن عليك إطفاء
الشمعة إن كنت تخاف الظلام

-” ربّنا، أنت تعلم ما فعل هذا المحتلّ بها ؟؟! لقد أذلها وأهان كرامتها، هربت منه و قاومته لأنه حاول استعباد أرضها، تصدّت لكل أوامره ومطالبه القذرة ، ( تبكي) جدا وتشتكي إلى الله ولقد سمع الله قولها،…

كان يطمح إلى الحصول عليها رغما عن إرادتها ،….. أنا لم أستسلم له يا ربي، مستحيل أن أتركه ينال حتى غصن شجرة من أرضي، … لم أصمت (تبكي وتسرد له) أنظر إلى أثر هذه الذبحة ، لم أتركه يقترب رغم قيودي وسخريته ، فسللت منه خنجر الغدر وسفكت دمي أمامه ، قلت له أنني لن أركع ولن أمكّنه من نفسي و لن أكون بين يديه إلا إن

كنت جثّة ميته، قل لي يا ربي أ لا يحقّ لأرضكَ أن تعيش في هذا العالم بسلام ؟؟؟؟؟؟؟!؛ “

كيف يعني !!؛ إمرأة تنازل رجلا ورجل يهاب رجل ؟!؛

ليست القوة بالعضلات، غالبا ما تكون احتكارا على الأذكياء اللطفاء أو الأذكياء النذلاء … ،

أنا آسف ، كانت أرضك أكثر أمانا في غيابهم و لم يزدها حضورهم إلا تضررا …

تكلّم السيد وأمضى بقول صارخ غاضب ….

-” لاتؤذي أرضي ، وتأكد أنك ستندم على ما فعلته ، سأدفّعك الثمن ((كنزا بكنز)) ، سأدفّعك الثمن ((خسارة بخسارة)) ،

يسخر منه ويستهزئ كونه سلّم أرضه بيده ، فلا فرق بينه وبين عامل الحانات ، يبتسم الخائن ويضحك ، لما يشوبها الرماد والهون فتغرق في أهازيج صرخاتها كإبرة وسط المحيط …

تتذكر تخلّي الصديق ومكر الدنيا ، تدور كل الأحداث أمام عينها ،

توقفت عن المناداة فتخاطرت مع روح السيد

كان وجه” السيد “من تمثّل لها ، طلبت منه النجدة فأتى عليها حرّ النهاية وأغمضت عيونها للأبد … انتقلت روحها للبيت المعمور ، حيث ” السيد ” ،

لم يعد هناك صوت في الجرس … تساوت صفات الموت والحياة . . . إلتفتت يمينا وشمالا ، لا أحد غيره هناك، شعر بها،

“أرض المقدس” تُشكّلُ روح “السيد” ، استنجادها به يفسر خوفها، ملتحمين كالقلب والنبض ،

،؛، إذا تشارك اثنين نفس الشعور؛ فهناك يعيش التوأم للأبد،؛،

-” لا ، لن تفهم معنى الموت ، كيف تذهب الآن ؟! للتو كانت تصرخ، ماتت لأنها أصبحت محتلّة ؟!؛ كل الدول راودوها عن نفسها وأرادوا مني أن أحتلها وأستعبدها، ..ما هذه السخرية العميقة ؟!؛

هل الموتى يسمعون الإعتذار ؟؟! تكلمي ، لماذا تصمتين؟!، الآن أنتِ بين يداي، لكن جثّة هامدة، تتنزه حولكِ رائحة الموت وعطر التابوت ، أنا كنت أؤمن بتلمودي ولم أؤمن برغبتكِ ، لم أحترم إرادتكِ ، لم أصدق بكِ ، كنت سأداهمكِ في أي لحظة وأسخر منكِ ، وأخبركِ أنني هزمتكِ وكسرتُ كبرياءكِ ، هههه .. كم أنا مجرد لاشيء كما قلتي،

( يلامس تربتها ) أعتقد أنني سأحترم هذا الوعد ، علّمتِني كيف أفرق بين الفتاة والمتنكرة بزيّ الفتاة ، علّمتِني ما هو الشرف ، عزّة النفس ، الكرامة ، الزهد والبساطة ، العفّة والشجاعة الطاهرة والقوة ، …

أين كان كل ذلك لما كنتِ في الحياة؟! لماذا لا نرى قيمة الشيء حتى يتبخّر من بين أيدينا ؟؟! لو كان هكذا هو ((حب الأرض))؟! فأنا لم أحب في حياتي مطلقا ؛ وإن لم يكن هو سأعاقب نفسي بالحب!!؛ ، سامحيني أ تستطيعين؟؟!”

جلس بقربها وشدّ على قلبه ، أصبح يكره كل شيء كان يفعله لأنه السبب في موتها ، يتذكّر كل الكلمات التي ألقتها على مسامعه يوما …( أنتَ وأمثالكَ بالنسبة لي لا شيء ، عبّاد التفاهة والكفر ، إبقَى مكانكَ، لا تحاول الإقتراب مني )

(كم أنت قذر ، كيف تجرأ وتأسرني مجددا ، لن ينفعك معي ما لديك ، لن تغريني بشيء أ تفهم، تفتقر للرجولة، كما تنفر منكَ تماما ، أنا لا أنحني لحثالة القوم مثلكَ ، من تحسبُ نفسكَ ؟؟!؛ لا يشرفني أبدا الجلوس معك بنفس الطاولة ، مستحييييل أن تشتري ودّي، أ تعتقد حقا أنك ستقنعني؟! أ تظنني سأغيّر رأيي؟! أنت مخطئ ومخطئ للأسف )

-” معكِ حق، كنتُ مخطئ و مخطئ للأسف، يراعى المجد الذي بثّته في زمنها الجميل ، عرف أصحاب الأرض أنواعا وأشكالا لكنها كانت الأرض الحقيقية من بينهم جميعا …. ” فلترقد روحها بسلام ” ،

أمر الناس أن يتهيّأوا لأعظم حداد على الإطلاق، فترة حزن عميق، يشلّ حركة كل شيء ، يتوقف الوقت من أجلها ، كان يرى في ذلك تقصيرا في حق من قدّس شخصها ، نال شرف إحتلالها لبرهة ، يشعر بالفخر أنها تحمل اسمه ولو لمدة زهيدة ، فكرّس مشاعره وحزنه من أجلها … ووقف لها إحتراما وتقديرا لتلك ((النبوءة السماوية)) ، كم يراها منقرضة …

فكتب باكيا

إلى الإله ، حاكم الأرض ومن عليها …

أنا محتلّ أرض المقدس المجيدة ، أتقدّم لشعوب العالم بأعمق التعازي والمواساة ، إن “غزّة ” رحلت إلى مثواها الأخير

وعليكم الحضور للمراسم … فليضمّ الصبر أحاسيس الفقد …

اسمعوني جيدا، أريد الكل حزين، ماتت “غزّة ” ، لقد ماتت .. أين الزهور ؟! أين الورود ؟؟؟!

صمّم على تقاسم الحزن مع كل العباد، في الوقت الذي كان يَحتكِر فيه الاستمتاع بالقتل له وحده،

ثم أمر بعقاب كل من يولّي وجهه عن ((قِبلَة الحداد)) ، تلك التي أَقرَّ أن تكون أرضه على الورق وثمّه في الواقع، تقفّى آثارها، قلب راحتها رأسًا على عقب، زرع الفتنة في جوّها ، حطّم سعادتها وهشّم أحلامها، بحث عنها في أماكن الحريّة، ليُلقي بها وراء القضبان، بعثر بستان ابتسامتها، حبّها، قوتها، أملها وزرع مكانه شوك الحزن وحنظل الشؤم والفرار … كان يريد بها شرًّا واستفزاز وشتيمة حتى ما بعد الإحتلال ، .. ، كان التعسّف والتسلّط عنوانه اليومي ؛

،؛،لماذا أحيانًا يبدو للشخص الشيء جميلا وعندما يحوز عليه يجعله الأبشع !!،؛،

إن التأنيب بعد فوات الأوان مهزلة ؛ نزواته جلبت الحزن للأرض المقدّسة، عصير كآبة يرتشفه العطشى والمرتويون ،

دفع الكل ثمن خطيئته ….

-“منذ اللحظة التي أسرتكِ بيدَيّ هاتين، وأغلقت على أنفاسكِ شعرت أنني ولدت ميتًا، إنني خسرتُ الرهان منذ أن ظلمتكِ، أشعلت بكاءكِ، زِدت الحمم على اللهيب، وأنا غير موجود. تناثرت، تفاعلت مع السراب، في مكبّ الدمار، إنتهت حرب الحياة وتهاويتُ في الفشل في ملامح طعنكِ وهمس خيانتي،
“غزة “، أشباح زهوركِ تستقطبني للأعماق، نجوم ابتساماتكِ تخطف بصري، كواكب برائتكِ تلطمُ رأسَ زَلّتي، سَلَّمتكِ لأنيابِ الذئاب، قطَعتُ شجرة الزيتون من الجذور … شوّهتُ براءتكِ، دفنتكِ بيدي، صادفتُ خوفكِ بالرعب، أخطت لكِ الأكفانَ، لقد إغتلتكِ وخيّبتُ ظنّكِ . . .

تتراءى لها ضحكات المعتدي كأفاعي تلسعُ وريدها،

يستمعُ إلى صرخات “غزّة” التي “لم تعد صالحةً للعيش”، فتتصدّعُ جوارحه. كل صرخةٍ منها تنزعُ كبِدهُ وتُحرقه في الجحيم، يحسُّ أن أطرافه تتبرّأ من جسده، تتهاوى … تتهاوى إلى الأعماق وهي تستنجد به، ” غزّة ” إنه لا يشعر بجذوع وأغصان شجر الزيتون التي تلطمُه، يصغي فقط لذنبه الواسع، أذنه ترنّ بأشلاء الإغاثة ( أنقذني )، عذاب يغلّفه من فوقه عذاب ، تمزّق، يلّف تشريح عصب … ، صخب عنفوان تخبّطه في الألم إنتشر في الهواء، يختنق، يتقلّص في الغموض ، ينحرف عن التنفس شيئًا فشيئًا … كدمات الصخور ما هي إلا كابوس ، نار الواقع تَلفحُ دماغَهُ ، تضغطه حتى ينفجر في التأزّمِ والارتطام …”غزًة “،

مُغيَّب في شعوره الداخلي، يتذكّر كلامها الصفيّ ….( لم أصمت) ، تتلبّسه أشباح الانقياد نحو التهلكة (أنظر إلى أثر هذه الذبحة، لم أتركه يسوقني رغم قيودي وسخريته ، فسللت منه الخنجر وسفكت دمي أمامه) يمتصه الإنكسار ( أنا ، لا أُنكرُ أنني كنت خائفة منه وأدعو رحمة السماء ، جعلني أتذمر من نفسي وجنسي البشري )

يَغرق في الإستواء ، يقضمه السكوت الخانق ، يحضنه الموت ، (أنظر هنا ، جروح القيود ، لقد إستهزأ بي أمام جيوشه وظنّ أنني سأخاف وأضعف أمامه)،

“غزّة” كان عليكِ أن تخافي منا نحن جيرانكِ ” ، تقبض روحها ملائكة السماء ، تبتسم لروحها ( تعالي ، هيا معي) ، يمدّ يده في الهواء ، “غزة” ، دموعها تنشر المناشير في صدره ، تشدّه وتضغطه فيتقطّر ظلمة وأشواك … عذابها كان يسلخ جلده ويمضغ أحشاءه ، يعيش في اللاوعي وهناك يتمسّك بأمل من ينقذ،” غزة” ، يهوي ويتماسك،

((صخور)) يراها في العالم الآخر للعقل أشخاصا وأرواحا، ساعدوا “غزة” ، ساعدوها “يرتمي هنا وهناك ويصطدم بالحجر وينحدر حتى آخر زلّات السقوط ، يثمل في غيبوبته ، فاقد الرشد في الرشد ، إرتطم مع خشبة الأرض فسال عصير خرابه الأحمر ، يغرق و يغرق ، في آخر سطور حياته … عيناه مفتوحة لا يزال يتذكرها ، يراها أمامه واقفة ،

عمّ الحزن البلاد، وكأنها في سبات منسيّ ، أماكن الهرج خالية مهجورة ، أُغلِقت الأفواه قبل المتاجر والطرقات … كل شيء يغرق في الصمت ، وجوه المارّة تكبت الفرح غصبًا ، الصبية سجناء المعسكر ، حرس وجنود وقوات يقفون أمام ((بوابة الصخرة)) تأهبًا للمراسم ، أمر بإحضار تابوت العهد والعود العطري وأن يُنقش عليه اسمها بالماس المرصّع، يحفّه إطار بزخارف الأحجار الكريمة … ، يهيؤون الورود والعطور والفوانيس ليشحن بها تابوت المتلألئة ،

كان يقف وسط الحشود ويتذكر أول مرة كيف رآها ،

دموع متحجّرة ، متعرّقة الجبين ، ثياب مبعثرة وشعر منسدل بطريقة عشوائية ، مغيّبة في التجسّس على سوء حالها . . . ” فتاة السوء تفرح بذلك الزيّ الغير محتشم،

كانت متألّمة ولم انتبه ، لماذا لم انتبه ؟! جلّ أوقاتي كنت سعيدا ، ثملا ، منغمس في التفاهة والآن أشعر بالألم الحقيقي يزورني من كل فجّ دمعة وحزن “

-” – يبتسم بنكهة التمزّق ،- كنت سأكون في عينها بطل … – تنهد – كم كنت خسيسا “

(-” ششششششششت ، إخرس “)

-” أ تعلمين أنك أخرستني حقا ؟؟؟؟! خُدِعتُ بغزوي لك ظنّا مني أنني أنا المنتصر، لكن أنتِ من انتصرتي على هذا الفاشل ، أنا مجرد محتلّ فاشل “

يصرخ بقوّته دون أن يعلم أنه طريح على فراش الدماء ، عظامه سُحِقت ، أنفاسه مشهقة ، لكنه مشنوق في باطن التغيّب، لا يرى أمامه سوى روح “غزّة “…. كانت آلامه الداخلية تجاهها أقوى وأبشع مما تعرّض له …

-” – أصغى جيدا – إنه نباح كلاب ، أنظر حتى الطيور حلّقت بعيدا عن تلك الأرض الميّتة” حتى الكلاب لم تنبح بوجود شخص آخر، فعن أي صديق تتكلم ؟؟!؛”

هل تريدون أن تفسحوا مكانها لغيركم؟

هل تريدون ذلك أم أنكم ستنزعون العقدة التي عقدها الشيطان على جبينكم و رَبَطكم بقرينه كما يربط الكلب بصاحبه فيكون له مطيعا و مخلصا….!!!!!؟

أرسلوا إلى”السيد” رسولا يحمل إليه الخبر، أصبح كل شيء واقع لا مهرب منه ، إحدى صفات الغيب تنطبق عليه، فلم يعد يتمحّص في الفراغ، في حقول الضباب، أتجدد في الشعور المهجور، كملك بلا وطن

في البعيد جدا

كانت تعيش أحلامها

ترافقها إبتسامة

تضع تاج من الحطب المحترق

وتعتني بزهرة آلام بريئة

-” – سيدي ” وصلت برقية من الشرق “

( “ماتت”غزّة ) …

قرأ خبر موتها الذي نزل عليه كالصاعقة، أما مسألة احتلالها قد أقبرت حياته …التف به إعصار السفر الطويل ، تراجع في زاوية الأبد، يصطدم بسطور الوقت والعجز المنتحر ، سقط على كرسي الموت ، يغتسل بحرب الدماء ، إنعزال.. إنزواء..

إفتراق ممتد حتى شرايين المدى، إندلع الوداع مجددا ، …

لعلّنا دموع تحترق

أسفار كتاب الوهم

لعلّنا كنا فقط ذكرى

ووثيقة اعتذار

لعلّنا جئنا من أجل التوبة

من أجل أن نلتقي ونفترق قبل أن نلتقي

أ تعرفين هذا الجسد المريض ؟!

أهدتني إيّاه أطفال غزّة

باقات القتل المتوهّمة ، المتوهّنة على صدري

خبّئيني في دفتر الصمود

لم أعد ، لم أعد أنا بعد الآن …

عشتُ مرتين لأجل البقاء ،

ومتّ مرتين لأجل الرحيل …

افتحوا أبواب الكنائس لضوء الشمس

أَلثُم خطوات الموت على قبرها ….

المحارب بداخلي يمسك سيفه

يقطّع شهادتي ،

لعلّنا نيام في الواقع …

لعلّنا فقط ذكرى قبل هذا الوقت،

قبل هذا الموت ….

” لا يستطيع ، يتكلّم بغصّة في حضور ” السيد” الذي سمعه ووقف من جحيمه، خطى دون وعي وأمسكه من ثوبه فرفعه وجذبه

-” من ؟؟! من قتلها ؟!!!؛ ، هل أنت من بعتها ؟؟! قل من ؟! من قتلها … ؛- يبعده ويجرّه – غصبا ، كيف حدث ذلك ، تكلم ؟؟! “

-” قل لي أن هذا غير صحيح ؛ غير صحيييح ، من هو ؟؟! تكلّم ، تكلّم

“السيّد” يستمع ، تحجّر الغضب في عيونه ، وتذارف حرّ السمّ من قلبه المختنق ….

-” حَذَّرتُه ألا يلمسها ، عندما يسمع القلب الحقيقة يتجمّد ، جفّت عيون عروقه وشحب وجهه … بدأ الدمع يزأر بداخله وتعصّف جوّ فؤاده……

– مكروا بها … كان قد استهان بما تفعله ، ساومها على شرفها وعرض عليها التنازل والأموال لتقبل فرفضت لكنه أسرها بالقوة..

-“أ تعرف ؟!
جعل جنوده يدفعونها وكان يسخر من بساطتها، صرخت في وجهه وأذلّته بالتحقير والذمّ وبيّنت مقامه الدنيء من خلال مدحِها للشخص الذي اختارته، صرّحت أنه نبيل ، رفيع الأخلاق وأنها لم ترى مثله في هذا الزمان …

لكنه لم يتقبّل ذلك وشعر بالغضب وزجّ بها في زنزانة الأغلال …”-

” كيف ، كل هذا حدث معها ؟! أين كنت، وأنتَ أين كنتَ ؟؟! “تشكّلت براكين من الحمم في صدره ، غليان متلاطم …. يكاد يقذف النار من جوفه …إشتعلت آفاق عقله باللهيب ، جمار الإحتقان تقتلع جسور التعقّل من قعر قلبه …

( احتلّها ثم قتلها )، ….، إمتزجت روحه مع السراب، يقظة منغمسة في اللضى، حكمت عليه تلك الجملة بالإعدام، إحتفلت الاهتزازات في روحه، إنهال عليه عدّ قيمتها. جاهدت من أجل الحفاظ على شرفها، نظر إلى الصفاء والنقاء الذي هوى من روح ملاك قديس ،

كيف ألضم الجراح ؟!
هل أبدأ من أخلاقكِ أم من جنون طهارتكِ؟!
هل أزور لحدكِ أم أُدفن قربكِ ؟؟!

يا قطرة الشذى، أجيبي على سقيم ورفيق شهادتكِ ، أسترجي الصبر وألف مئة نثر ليسرد براءتكِ، ووفاءكِ لنفسكِ وأهلكِ ووطنكِ … أنتِ معنى الشرف وأصل الأمّة، أنتِ منبع الإخلاص وطيب الحلم ونبل التصرّف … لن أُقارنَ بكِ أحدا فإن فعلت أكون ظالم ، يا فخر العصر و يا سيدة الزمان ….

وقف يشدّ على قبضته حتى بزغ نور الحقيقة
•••
أين هي ثوابتكم ؟

ماهي مراجعكم ؟

مما تستمدّون قوة تحمّلكم ؟

فيما تستهلكون جهدكم ؟

على ماذا تركّزون تفكيركم و عقولكم ؟

كيف تقضون جلَ أوقاتكم ؟

ما نصيب الدنيا و ما نصيبكم منها ؟

ممن تكتنزون درركم و فيما تنفقون أموالكم؟

هل وصّدتم أبوابكم أمام وحش التزييف ؟

من أين تنتشلون بذور الحقيقة ؟

ماهي المبادئ التي تتبعّها وجوديتكم ؟

هل ستسألون أنفسكم يومًا هذه الأسئلة أم أن وقتكم دخل في جوفه الرِبا ؟

كان “فتى النبوءة” ينادي فيهم أن انصرفوا عمّن لا يكترث بوجودكم،
وتناسَوا من يتجاهلكم عمداً،
وافهموا حقيقة عالمهم قبل أن تُبتلعوا في زيف عوالم غيركم…

لا تنقادوا لمن لا يهتمّ بشؤونكم،
ولا تنصتوا لمن لا يكنّ لكم محبّة أساسًا،
فكيف يُطاع من هو دونكم علمًا، وأدنى منكم منزلةً وفكرًا وجوهرًا؟!

كيف يُتّبع الزيف والوهم، ويُقدّس التحريف والخداع، وهو سراب لا أصل له،
ولا أساس فيه ؟!

كيف تكرّمون من يستغلّ مجهوداتكم لنيل المجد وحده؟
وكيف تأمنون على من ينوي بكم الشرّ المطلق،
ويضعكم تحت أهبّة التعذيب متى أخطأتم… حتى لو عن غير عمد؟!

كيف تداوون مَن يُرهبكم ويُمرِضكم
وتُسعدون من يُحزِنكم ويَخنق أرواحكم،
ويَسجُنكم ….!!؟

الزهور وحدها ستخبركم الحقيقة…
زهور الريف، تلك التي عرفت دفءَ لمسات الأحبّة

ما من شكّ أن اليهود قد وجدوا ضالّتهم:
الحلول لكل مشكل، كان قد جعل بلدانهم تغرق في الرذيلة لقرون عديدة،
فإنكبوا على كتابٍ كان مركونًا جانبًا عند الأعراب،

كتابٍ فيه كل الأجوبة الكافية:
الأدوية الشافية لكل المسائل،
العقيدة والدين، العلم والحساب،
العروج و الولوج للفضاء، لباطن الأرض.
حقوق و مساواة عائلية و قِوامة و إنجاب أولاد أكِفّاء و أصِحّاء و زواج متين و محافظ …

كانوا يظنّون أن هذا الكتاب موجّه لأمّةٍ لا تقرأ،
أمّةٍ أرهقها السجّال وضاعت في زحمة السرد…

لكنهم حين أدركوا الحقيقة:

أن هذا الكتاب لم يُنزَّل لقومٍ دون قوم،
بل أُرسل إلى الناس كافة،

يحمل في طيّاته مبادئَ قويمة لا تزول،
ويفتح أبواب العلم المزدوج،

فهل أرادكم اليهود أن تخرجوا من هذا الدين،
فقط ليكون لهم وحدهم شرف الدخول إليه؟؟؟

أعيدها اليوم كما قلتها مرارًا:

كلّ من حرّف اسمًا ذكر في الكتب المقدّسة،
كلّ من بدّل لفظًا في القرآن الكريم،
تحلّ عليه اللعنة الإلهية، لا محالة.

وأزيدكم قولًا لا يحتمل التأجيل:
لن ينقضي هذا العام،
حتى يُطرَد الصهاينة من أرض الله المقدّسة،
طردًا لا عودة بعده وهم في ذلّ ومهانة.

حقًا أقول لكم…

لقد نبّهتُ إلى هذا الأمر منذ سنوات، وها هو اليوم يتحقّق كما أنذرتُ تمامًا.

كنت قد قلت حينها:

إنّ تغيير الاسم من فلسطين إلى إسرائيل لن يكون عبثًا لغويًا، بل لعنةً تجرّ الويلات.

لن تمضي حتى يُقتلع شعب “غزّة” من أرضه قسرًا، وقد وقع الأمر الآن،

وأمام أعين العالم بأسره… دون مواربة.

فلتعلموا إذًا:
كلّما تغيّر الاسم، حَلّت اللعنة على الشعب القاطن في الأرض المباركة،
ويأتي من يطردهم منها بالقوّة.

لذا، فإن إعادة الاسم الأول ليست مجرّد تصحيح تاريخي،
بل ضرورة ربّانية،
لتهدأ الأرض المباركة،
ولتتنزّل الرحمة.

إن الأرض المباركة، حيث المسجد الأقصى،
ما عانته على مدى السنوات إلا بسبب تغيير أسمائها،
ونبذ ما ذكره الله من أسماءٍ في كتابه.
وها هم أهلها يحصدون الآن الألم،
ويعيشون الدمار.

فما تشهده الأرض المقدّسة اليوم من حروب،
ما هو إلا نتاج تغيير اسمها من فلسطين إلى إ س ر ائ ي ل،
بدل أن تُحفظ كما أرادها الله:
أرض السّلم المقدّسة.

وشكرا.