الشرق الأوسط والصراعات المستمرة

الشرق الأوسط والصراعات المستمرة

 

المستشار – أسعد محمود الهفل

منذ سقوط الدولة العثمانية، عام 1922، وتفكّك المنطقة العربية إلى دول وكيانات سياسية متأثرة بشكل كبير بالاستعمار الغربي، الذي قام بتقسيم منطقتنا العربية بين القوى الاستعمارية الكبرى في ذلك التاريخ “بريطانيا وفرنسا” بموجب اتفاقية سايكس بيكو، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني تمهيداً لإقامة دولة إسرائيل بعد وعد بلفور (1917)، الذي بموجبه قطعت الحكومة البريطانية وعدًا لليهود بتأييد إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين؛ منذ ذلك التاريخ والصراعات والحروب بين دول المنطقة لم تنتهِ؛ حيث كانت تُحرّكها القوى الاستعمارية لأجل ضمان استمرار السيطرة على هذه المنطقة الحيوية والمهمة في العالم. ولمّا كانت إسرائيل نتاج انتصار تلك القوى الاستعمارية في الحرب العالمية الأولى، وإيجادها تم لتكون قاعدة متقدّمة بيدها لمنع دول وشعوب المنطقة من تحقيق أيّ نهضة، فإنّ ما مكّنها من الاستمرار في ارتكاب جرائمها هي الأخطاء التي ارتكبتها دول وشعوب المنطقة في صراعاتها بينها، التي لم تخدم سوى أعداء هذه المنطقة.
وقد لقيت نظرية التخادم، التي قيل عنها الكثير في وصف العلاقة بين إسرائيل وإيران قبل اشتداد الصراع بينهما خلال الأيام الأخيرة، رواجًا كبيرًا؛ ما جعل الناس يصفون هذا العداء بينهما بأنه لن يخرج عن حدودٍ تمّ التوافق عليها. ويسوّق أصحاب هذه النظرية للتعاون الذي تمّ بين إيران وأمريكا في احتلال العراق عام 2003، وأيضًا التعاون الذي تمّ بينهما خلال ظهور داعش، وعدم وجود أيّ تصادم مباشر بينهما.

ما يهمنا في هذه المرحلة الخطيرة ما يتمّ الترويج له من أنّ حرب إسرائيل هذه الأخيرة هي لإقامة شرق أوسط جديد، وهذا كلام لا يخدم شعوب ودول المنطقة التي كانت وما زالت تعاني من جرائمها، وخير دليل على ذلك استمرار حرب الإبادة التي تشنّها على غزة منذ أكثر من عام ونصف العام، والتي ارتكبت فيها أبشع الجرائم. وإذا كنا نختلف مع سياسة إيران وتدخلاتها في المنطقة، ونرفض هذه السياسات التي لم تخدم سوى إسرائيل، فإننا لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن نقف مع من ارتكب وما يزال يرتكب أبشع الجرائم في حق أهلنا في غزة، بل إنّه في الأمس كان يهدّد بتقسيم دول المنطقة على أسس إثنية وطائفية، وعليه يجب على دول وشعوب المنطقة أخذ العبرة من الحروب السابقة التي لم تكن يوماً لخدمة مصالحها ولم تجلب لها سوى الدمار والخراب.

 

كاتب سوري

ظهرت المقالة منطقة الشرق الأوسط والحروب التي لا تنتهي أولاً على جريدة الصوت المصرية.