وثائق النووي الإسرائيلي: هل هي صفعة أم مجرد استعراض؟

بقلم:احمد شتيه
باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى
في تطور جديد قد يقلب الموازين في صراع الظلال بين إيران وإسرائيل،
تتردد معلومات حول حصول طهران على وثائق حساسة وسرية تتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي.
هذا الكشف الذي لم تؤكده مصادر رسمية بعد، أثار حالة من القلق داخل الأوساط الأمنية والسياسية في تل أبيب،
وفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة إيران على اختراق أكثر الملفات حساسية في الدولة العبرية،
وهل ما حصل هو اختراق أمني حقيقي يمثل صفعة مدوية لإسرائيل،
أم مجرد محاولة إيرانية لتأكيد حضورها في مشهد إقليمي بات أكثر تعقيداً بعد سلسلة من الضربات والاختراقات التي تعرضت لها في الداخل والخارج؟
لطالما شكّلت الحرب السيبرانية والاستخبارية ساحة أساسية للصراع الإيراني الإسرائيلي، من اغتيالات العلماء النوويين، إلى تفجيرات داخل منشآت حساسة في إيران، وصولاً إلى اختراقات إلكترونية متبادلة ، لكن ما يتم تداوله الآن، إن تأكد، يشير إلى اختراق مختلف في طبيعته ، معلومات مباشرة حول برنامج إسرائيل النووي، الذي طالما اعتمد سياسة “الغموض البنّاء”، والذي تعتبره تل أبيب خطاً أحمر أمنياً لا يُسمح لأحد بتجاوزه.
فهل تمكنت إيران من الوصول إلى وثائق نووية إسرائيلية بالفعل؟ وإن صح ذلك، ما هو مصدر هذه المعلومات؟ هل هي عمليات تجسس ميدانية؟ أم تسريبات داخلية؟ أم نتيجة لهجوم سيبراني متقدم؟ الأسئلة كثيرة، لكن المؤكد أن وقع الحدث، حتى قبل التحقق منه بالكامل، أثار قلقاً غير مسبوق داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية.
وجهات النظر حول هذه التطورات متباينة. فهناك من يرى أن ما حدث يمثل ضربة استخبارية نوعية لإسرائيل، تعني أن قدرتها على الحفاظ على أسرارها النووية لم تعد محصنة، خاصة بعد سلسلة من الأحداث التي كشفت هشاشة في بنيتها الأمنية.
بينما يذهب آخرون إلى أن إيران تحاول، من خلال تسريب أو ترويج هذه المعلومات، استعادة زمام المبادرة وفرض نفسها كلاعب لم يغادر ساحة الصراع، بعد الضربات النوعية التي طالت منشآتها النووية، ومقتل عدد من كوادرها العلمية، وفشل محاولاتها الأخيرة في تعزيز نفوذها الإقليمي.
إن صح حصول إيران على هذه المعلومات، فإن التداعيات ستكون كبيرة:
أمنياً: إسرائيل ستعيد تقييم منظومتها الأمنية السيبرانية والاستخبارية، خاصة فيما يتعلق بمنظومة الردع الاستراتيجية.
سياسياً: قد تستخدم إيران هذه الورقة للضغط في أي مفاوضات دولية تتعلق ببرنامجها النووي، أو في مفاوضات التهدئة مع الغرب.
دعائياً: ستكون هذه فرصة دعائية كبيرة لإيران، لتأكيد أنها ما زالت رقماً صعباً رغم كل الضربات.
عسكرياً: هذا التطور قد يدفع إسرائيل لاتخاذ خطوات أكثر عدائية، سواء في المجال السيبراني أو حتى في عمليات ميدانية خارج الحدود.
في مشهد إقليمي متغير، حيث يتقاطع الاستخبار والسياسة مع الحروب غير المعلنة، تبقى مثل هذه التطورات بمثابة تذكير بأن الصراع بين إيران وإسرائيل لا يُقاس فقط بعدد الصواريخ، بل بعدد الأسرار التي تُكتشف، أو تُسرق.
فهل ما حدث هو بداية مرحلة جديدة من التصعيد الخفي؟ أم محاولة من طهران لإثبات أنها ما زالت في ساحة المواجهة، ولو بجراح غائرة؟
الأيام القادمة كفيلة بكشف حقيقة هذه الوثائق، ولكن المؤكد أن الحرب بين الظل والضوء لا تزال مشتعلة.
شارك