بين الشوق والتطلعات: عندما تعبر مصر عن صوت المواطنين العاديين

بين الشوق والتطلعات: عندما تعبر مصر عن صوت المواطنين العاديين

 

بقلم : طارق فتحى السعدنى

داخل زحام الحياة وسط الطوابير في جلسة شاي على الرصيف، أو حتى في لحظة صمت داخل الميكروباص ونظرة صبر في عين موظف حكومي.
هذه التفاصيل الصغيرة تحكي حكاية بلد .مصر لا تتحدث بلغة البيانات والإحصاءات فقط،
بل بصوت رجل بسيط يضع يده على قلبه ويقول: “هو احنا رايحين على فين؟” و يسأل نفسه كل يوم: “هو في أمل؟”

هذا السؤال الذي ربما لا يطرح في المؤتمرات علما بأنه يتردد في الشوارع يوميا لا يرفعه سياسي ولا يتصدر عناوين الصحف،
لكنه حاضر في نظرات الأمهات، في تنهيدة أب عائد من عمله في أحاديث الشباب عن أحلام لم تجد طريقها بعد.
الناس لا تطلب معجزة، فقط يريدون أن يشعروا بأن هناك من يسمعهم يفهمهم ويتكلم بلغتهم.

نعم هناك جهود تبذل، ومشروعات تفتتح وطرق ترصف وهذا لا يمكن إنكاره.
لكن ماذا عن ذلك المواطن الذي ينظر لكل هذا من نافذته ويقول داخل نفسه كل ده “كويس بس أنا فين في الصورة دي؟”

المعادلة ليست سهلة بين أحلام الدولة وطموحات المواطن، لكنها مساحة تحتاج إلى حوار حقيقي لا يتم التحدث عنها من فوق بل الجلوس على الأرض والاستماع دون إصدار أحكام، ولابد من الاعتراف أن التحديات ليست فقط اقتصادية بل إنسانية أيضا.
ماذا يحتاج المواطن المصري اليوم؟ ربما لا يحتاج أكثر من ابتسامة صادقة من موظف حكومي لا يعامله كرقم أو وسيلة مواصلات آدمية لا تجعله يصل إلى عمله منهكا قبل أن يبدأ أو فقط سعر خبز لا يتغير فجأة في منتصف الشهر.
وربما أكثر من كل ذلك يحتاج أن يشعر أن صوته لا يعتبر شكوى مزعجة بل مؤشر خطر يجب التوقف أمامه.

إذا كانت الدول تقاس بمدى قدرتها على احتواء مواطنيها، فإن مصر بتاريخها العظيم تحتاج الآن إلى أن تنتصر لإنسانها البسيط.
ذلك الإنسان الذي لا يبحث عن رفاهية بل عن حياة عادلة فقط.

ظهرت المقالة بين الحنين والمستقبل: حين تتحدث مصر بصوت الناس البسطاء أولاً على جريدة الصوت المصرية.