قافلة الصمود: هل هي خرق للحصار أم استغلال سياسي؟

قافلة الصمود: هل هي خرق للحصار أم استغلال سياسي؟

 

بقلم /احمد شتيه

باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى

في خضم التوترات الإقليمية والتجاذبات السياسية التي تشهدها المنطقة، تتجه قافلة من الناشطين تُطلق على نفسها اسم “قافلة الصمود” إلى معبر رفح الحدودي تحت شعار “كسر الحصار عن غزة”، في مشهد يحمل الكثير من الرسائل السياسية والرمزية على حد سواء.

تُقدّم القافلة نفسها على أنها تحرك شعبي وإنساني خالص، يهدف إلى لفت أنظار العالم إلى معاناة سكان قطاع غزة، والمطالبة بفتح المعبر بشكل دائم أمام المساعدات الإنسانية والطبية. ويحمل المشاركون شعارات تدعو إلى رفع الحصار ووقف العدوان ودعم صمود الشعب الفلسطيني، وهو ما يُظهر الوجه العلني للقافلة كتحرك تضامني لا أكثر.

لكن قراءة أكثر تعمقًا في خلفيات بعض المشاركين وانتماءاتهم السياسية، إضافة إلى توقيت التحرك وخطابه الإعلامي الحاد تجاه الدولة المصرية، تثير تساؤلات حول أهداف غير معلنة للقافلة، فبعض النشطاء المرتبطين بالقافلة معروفون بمواقفهم المناهضة للدولة المصرية، وتحديدًا فيما يتعلق بملف الأمن القومي والحدود الشرقية.

وقد تشير بعض المؤشرات إلى وجود محاولات لاستخدام شعارات الدعم الإنساني كغطاء لتحركات تستهدف الضغط على القاهرة أو حتى إحراجها دوليًا، خصوصًا في ظل استغلال هذا النوع من القوافل في السابق من قِبَل جماعات سياسية أو دينية ذات طابع راديكالي.

رغم غياب دليل قاطع على تورط القافلة في أنشطة تهدف إلى زعزعة الاستقرار، إلا أن وجود أسماء محسوبة على جماعات إسلامية أو نشطاء مثيرين للجدل يدفع إلى التشكيك في الطابع السلمي البحت للتحرك وقد تكون القافلة جزءًا من استراتيجية إعلامية تستهدف نقل صورة مشوشة عن الدور المصري في إدارة معبر رفح، أو توجيه رسائل سياسية إلى النظام تحت ستار التضامن مع غزة.

من وجهة نظري، لا يمكن فصل هذه التحركات عن السياق السياسي العام، صحيح أن الوقوف مع غزة واجب إنساني وأخلاقي لا يختلف عليه اثنان، لكن من غير المقبول أن يُستغل هذا الواجب لتصفية حسابات سياسية أو لتنفيذ أجندات تتجاوز حدود التضامن إلى مساحات من التصعيد أو التجييش الإعلامي.

إن المساس بسيادة الدولة المصرية أو محاولة جرجرتها إلى مواجهة إعلامية أو ميدانية عبر هذه القوافل لا يخدم القضية الفلسطينية بل يضر بها ، فالحفاظ على استقرار الحدود وضبط المعابر لا يقل أهمية عن تقديم الدعم الإنساني، ويجب أن يكون أي تحرك في هذا الإطار منسقًا ومحترمًا للسلطات المعنية.

قافلة الصمود، وإن كانت تحمل اسمًا يُوحي بالبطولة والنبل، إلا أن محتواها ونيّات بعض المشاركين بها تحتاج إلى تمحيص حذر ، فالدعم الحقيقي لغزة لا يكون بخلق أزمات على الحدود أو بإثارة الفتن، بل بالتنسيق العقلاني مع الجهات الرسمية، وبالعمل الإنساني الصادق الذي لا يتورط في الأجندات الخفية.

ظهرت المقالة قافلة الصمود : كسر للحصار أم توظيف سياسي؟” أولاً على جريدة الصوت المصرية.