منى بدير: الحذر في خطاب المركزي يخفض التوقعات لوتيرة التيسير النقدي إلى 6%

منى بدير: الحذر في خطاب المركزي يخفض التوقعات لوتيرة التيسير النقدي إلى 6%

يارا الجنايني _ قالت منى بدير، كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث في أحد البنوك الخاصة، إن توقعات خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري تتراوح بين 1% و2%، مشيرة إلى أن القراءة الأخيرة لمعدلات التضخم في مارس تمثل عاملًا حاسمًا يدعم هذا التوجه، لا سيما مع استقرار مؤشرات الأسعار بشكل نسبي خلال الفترة الماضية.

أوضحت بدير في تصريحات لجريدة حابي، أن تطورات المشهد الاقتصادي الأخيرة، إلى جانب نبرة الحذر التي اتسم بها بيان البنك المركزي في اجتماعه الأخير، دفعت إلى مراجعة التقديرات بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري، لتتقلص من 8% إلى 6% على أقصى تقدير، مع الإبقاء على احتمالية التوسع في الخفض إذا ما سمحت بذلك المعطيات الخارجية.

أضافت أن البنك المركزي المصري يتبع نهجًا قائمًا على «اعتماد القرار على البيانات الظاهرة – Data Dependent”، وهو ما يعزز فرضية اتخاذ قرار بالخفض، في ظل اتجاه عام لهبوط معدلات التضخم، مدعومة بقراءتين متتاليتين لانخفاض معدل التضخم العام.

وأشارت إلى أن جزءًا من هذا التراجع يعود إلى تأثير سنة الأساس، غير أن الجزء الآخر يُعزى إلى عوامل حقيقية مثل استقرار أسعار السلع، خاصة الغذائية، بعد أن هدأت اضطرابات سلاسل التوريد التي نشأت بفعل نقص النقد الأجنبي في فترات سابقة.

تحسّن السيولة الدولارية وتدفقات النقد الأجنبي يعززان استقرار سعر الصرف

ولفتت بدير إلى أن استقرار سعر الصرف -بالرغم مما يشهده من تقلبات دورية- يعد عاملًا داعمًا في تعزيز الاتجاه النزولي للتضخم، مدفوعًا باستمرار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن التزامًا بإجراءات هيكلية تسهم في استعادة التوازن المالي والنقدي.

أضافت كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث في أحد البنوك الخاصة، أن الضغوط التضخمية الناجمة عن أسعار الوقود والبنزين لم تكن بنفس الحدة المتوقعة، في ضوء التراجعات التي تشهدها أسعار النفط عالميًّا، والتي جاءت أدنى بكثير من تقديرات الموازنة العامة البالغة 77 دولارًا للبرميل، ما يحد من تأثيرات هذه الفئة من السلع على معدل التضخم الكلي.

ونوّهت بأن التحسن الملحوظ في تدفقات النقد الأجنبي لمصر، سواء عبر الموافقة على تسهيلات مالية جديدة من صندوق النقد الدولي أو تلقي شرائح تمويلية أكبر، يعزز بدوره من الاستقرار النقدي، ويساهم في تهدئة المخاوف بشأن فجوة التمويل الخارجي.

كما أفادت بدير بأن هناك تحسنًا واضحًا في وضع السيولة الدولارية داخل القطاع المصرفي، ما يقلل من الضغوط التي كانت تواجه البنوك في السابق، حتى وإن استمرت بعض التحديات المرتبطة بالتدفقات قصيرة الأجل.

التضخم في مسار هبوطي مدعوم باستقرار أسعار الغذاء وسعر الصرف

وفيما يخص المخاطر الخارجية، أشارت بدير إلى أن التأثيرات المباشرة للسياسات التجارية الأمريكية، لا سيما الرسوم الجمركية، لا تزال غير واضحة المعالم بالكامل، غير أنها ترجّح أن تظهر انعكاساتها بشكل أكبر على معدلات النمو العالمية، متوقعة أن يؤدي تباطؤ النمو العالمي إلى تراجع أسعار السلع الأساسية، وهو ما يصب في مصلحة الاقتصاد المصري، كونه مستوردًا صافيًا للطاقة والغذاء.

وشددت على أن التقييم الدقيق لهذه المتغيرات يُظهر أن الاقتصاد المصري يمتلك من المقومات ما يُمكنه من امتصاص تأثيرات أي خروج محتمل لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في ظل الدعم المتزايد من المؤسسات الدولية، وتنامي التوقعات بشأن تدفقات استثمارية جديدة، فضلًا عن الهبوط الحالي في أسعار السلع العالمية، والذي يخفف من الضغوط على ميزان المدفوعات ويقلص من فاتورة الاستيراد.

وحول الخطوات الاستباقية التي اتخذتها بعض البنوك التجارية بخفض أسعار الفائدة على أوعيتها الادخارية طويلة الأجل، أوضحت بدير أن تلك التحركات جاءت استنادًا إلى توقعات مجمعة بشأن اتجاه أسعار الفائدة خلال العام بالكامل، وليس فقط الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية.

وأضافت أن بعض البنوك بدأت بالفعل في تعديل هياكلها التمويلية، وخفض تكلفة الأموال عبر تقليص العوائد على الشهادات والودائع، منذ صدور بيانات التضخم لشهر فبراير، بما يعكس استباقًا لاحتمالات الخفض المتوقعة.

وأكدت أن صلابة الأساسيات الاقتصادية، إلى جانب الجهود الإصلاحية الجارية، ستمكن الاقتصاد المصري من مواجهة التحديات الراهنة، بل واستقطاب رؤوس أموال جديدة مع استقرار الأوضاع العالمية، مشددة على أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحسنًا تدريجيًّا في المؤشرات النقدية والمالية، مدفوعًا بتحسن الثقة في قدرة الدولة على مواصلة الإصلاح.