قرقاش: ادعاءات الجيش السوداني ضد الإمارات تشويش ممنهج لصرف الأنظار عن فظائعه ضد السودان وشعبه

قرقاش: ادعاءات الجيش السوداني ضد الإمارات تشويش ممنهج لصرف الأنظار عن فظائعه ضد السودان وشعبه
April 10th, 1:35amApril 10th, 1:35am
ابوظبي – ياسر ابراهيم – الخميس 10 أبريل 2025 01:35 صباحاً – أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن الحملات المضلّلة والكاذبة والممنهجة للجيش السوداني ضد الإمارات، تهدف إلى صرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية والتهرب من مسؤولياته تجاه الأحداث التي قادت إلى هذه الحرب العبثية، التي جاءت بقرار من هذا الجيش والمليشيات الإخوانية المساندة له، مشيراً معاليه إلى أن الإمارات، كانت ومنذ بداية الأزمة تبذل جهوداً مخلصة للبحث عن حل سياسي كفيل بتجنيب السودان الشقيق المآسي والمعاناة الإنسانية، انطلاقاً من علاقاتها التاريخية مع السودان الشقيق.
وقال قرقاش، في مقال له عبر شبكة CNN بالعربية، إن الشكوى التي قدمها ممثل السودان لمحكمة العدل الدولية ضد الإمارات تفتقد للمنطق، وهي خطوة دعائية لا تعفي سلطة القوات المسلحة السودانية من مسؤوليتها عن الأزمة الكارثية، ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، التي وثّقتها تقارير متعددة صادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها، فضلاً عن تقارير الإدارة الأمريكية، وأنه ومن خلال هذا «التشويش الممنهج» تحاول سلطة القوات المسلحة السودانية صرف الانتباه عن دورها في ارتكاب الفظائع واسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه. ولفت إلى أن الإمارات، ورغم يقينها بأنّ هذه الادعاءات بلا أي سند، فإنها واحتراماً للمحكمة، باعتبارها الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، تعاملت مع هذه الدعوى وفق الأصول المهنية القانونية، كما أنها ستواصل القيام بدور بنّاء للمساعدة في إنهاء هذه الحرب العبثية، عبر دعم جهود السلام، والحث على حوار دبلوماسي وعملية سياسية سلمية تعكس إرادة الشعب السوداني وتحقّق تطلعاته.
وقال قرقاش في مقاله: «عامان من القسوة والظروف الإنسانية الكارثية مرّا على الشعب السوداني، عانى خلالهما الأشقاء ويلات الحرب وتبعاتها من قتلٍ ونزوحٍ وندرةٍ في مقومات الحياة الأساسية.
وفي ظل هذه الحالة الإنسانية الحرجة، واللحظة المفصلية التي تستوجب مساراً جاداً نحو السلام، لا تزال القوات المسلحة السودانية تتهرّب من أيّ مساعٍ لإنهاء الحرب، وتواصل تصعيدها، لقناعاتها بإمكانية الحسم العسكري، دون اعتبار لحجم المعاناة الإنسانية التي تجاوزت كل الحدود، مع الاستمرار في محاولاتها تحميل الآخرين مسؤولية ما اقترفته، ماضية في مسار لن يفضي إلا إلى تمزيق السودان وتحويله إلى دولة فاشلة.
وفي هذا السياق، يواصل الجيش السوداني حملته الممنهجة ضد دولة الإمارات بحجج مكررة وواهية، في مسعى لصرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية والتهرب من مسؤولياته تجاه الأحداث التي قادت إلى هذه الحرب العبثية، التي جاءت بقرار من الجيش والميليشيات الإخوانية المساندة له، وانقلابه على الحكم المدني الانتقالي في 25 أكتوبر 2021، واختيار الحرب لحسم الخلاف المتفاقم مع قوات الدعم السريع، ثم الرفض المتكرر لوقف إطلاق النار والحل السياسي.
وفي ما يتعلق بدولة الإمارات، فإنها ومنذ بداية الأزمة تبذل جهوداً مخلصة للبحث عن حل سياسي كفيل بتجنيب السودان الشقيق المآسي والمعاناة الإنسانية، انطلاقاً من علاقاتها التاريخية مع السودان الشقيق واهتمامها بتطوراته والاستثمار في تنميته، إضافة إلى قناعتنا الراسخة بأن لا حل عسكرياً للصراع، وهي قناعة لا تنفصل عن الإجماع العربي والأفريقي والدولي بل تتفق معه.
وهنا أود أن أوضح أنني ما كنت لأعبّر عن هذا الرأي بهذه الصراحة والوضوح، ولا أن أتناول الشأن السوداني الداخلي، لولا الحملات المضللة والكاذبة التي تقودها القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها من الإخوان ضد دولة الإمارات.
إن العلاقة التي تربط الإمارات مع السودان تميزت عبر السنوات بالوئام والتعاون وبروابط تاريخية عميقة. وهنا، لا يسعني إلا أن أُشيد بدور الجالية السودانية المقيمة في دولة الإمارات، فقد احتضنت بلادي الأشقاء بكل محبة وتقدير وترحيب، فالعلاقات الشعبية كانت الأساس المتين الذي جمع البلدين، ولن تفرّقه الدعايات المغرضة.
ومع مرور عامين على اندلاع الصراع يتضح جلياً الدور العقيم الذي تمارسه القوات المسلحة السودانية في إنكار مسؤوليتها عن الصراع، ورفضها الانخراط في أية محادثات إقليمية أو دولية تهدف إلى التوصل لحل سلمي، وها هي اليوم تلجأ إلى محكمة العدل الدولية لتقديم شكوى تفتقد للمنطق ضد دولة الإمارات، في خطوة دعائية تهدف إلى صرف الأنظار عن مسؤوليتها في ارتكاب جرائم حرب وثّقتها تقارير متعددة صادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها، فضلاً عن تقارير الإدارة الأمريكية.
وما يُؤسف له أن هذه الحرب، وقبلها الانقلاب على السلطة المدنية، جاءت في أعقاب فترة من التفاؤل والأمل – بعد الإطاحة بنظام البشير في ثورة شعبية – بمسعى لخلق مسار سياسي وتنموي بعد عقود من ارتباط النظام في الخرطوم بمجموعة من الأزمات الداخلية الحادة والعزلة الدولية التي تسبب بها النظام السابق وممارساته.
وبعد أن أصبحت الحرب حقيقة ماثلة، كان موقف دولة الإمارات الإصرار على وقف فوري لإطلاق النار والبدء في مسار سياسي للعودة إلى الانتقال المدني، وضمن هذه المساعي كانت الدولة جزءاً حاضراً في كافة الجهود الخيّرة من جدة إلى المنامة إلى جنيف.
إن دعوى القوات المسلحة السودانية إلى محكمة العدل لا يعفيها من مسؤوليتها عن الأزمة الكارثية ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، حيث قامت سلطات دولية موثوقة، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وأيضاً الوكالات الإخبارية المعروفة، بتوثيق جرائم الحرب المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية والتي شملت القتل الجماعي للمدنيين والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة والعنف الجنسي وغيرها..وتتضح المحاولة الواهية لاستغلال المحكمة والتهرب من الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام، فالادعاءات التي قدمها ممثل السودان للمحكمة تفتقر إلى أي أساس، وليست سوى محاولة – ضمن مخطّط بات مكشوفاً – لتشتيت الانتباه عن نتائج الحرب التي تدمي القلوب.
ورغم أن دولة الإمارات على يقين بأن هذه الادعاءات بلا أي سند فإنها واحتراماً للمحكمة، باعتبارها الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، تعاملت مع هذه الدعوى وفق الأصول المهنية القانونية، ولكن ما نراه من تكرار ممجوج للادعاءات ونقلها بين فترة وأخرى – من نيويورك إلى جنيف إلى لاهاي – يؤكد على أن التشويش ممنهج، فمن خلال هذا، تحاول سلطة القوات المسلحة السودانية صرف الانتباه عن دورها في ارتكاب الفظائع واسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه عبر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وفق ما نقله تقرير لشبكة «VOA» في 16 يناير الماضي عن تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون لوسائل إعلام محلية ووفقاً لمقال للصحفيين ديكلان وولش وجوليان إي. بارنز في التاريخ نفسه.
إن دولة الإمارات وفي سياق دعمها القانون الدولي تتمسك بضرورة المساءلة عن الفظائع التي ارتكبها الطرفان المتحاربان، وهي أيضاً في إطار التزامها الراسخ تؤازر الشعب السوداني الشقيق في الظروف الصعبة – وهو ما يشهد عليه التاريخ والسودانيون سواء على أرض السودان أو في دول الجوار.
ومن هذا المنطلق الإنساني، فإن دولة الإمارات لن تنشغل بهذه الهجمات المضللة، وسيبقى تركيزها على هدفها الرئيس والمتمثل في التخفيف من الكارثة الإنسانية عن كاهل أشقائنا، رغم التجاهل الصارخ الذي تمارسه القوات المسلحة السودانية لمعاناة الشعب والإمعان في تخريب البلاد، التي باتت بسبب الفراغ الأمني الحاصل بيئة خصبة لخطر انتشار الإرهاب مع تغلغل فكر جماعة الإخوان المسلمين المتطرف والإرهابي.
وستواصل دولة الإمارات القيام بدور بنّاء للمساعدة في إنهاء هذه الحرب العبثية عبر دعم جهود السلام، والحث على حوار دبلوماسي وعملية سياسية سلمية تعكس إرادة الشعب السوداني وتحقق تطلعاته باستقرار يدعم جهود التنمية.
وفي الختام، ننصح قادة السودان بالتركيز على كيفية وقف الحرب وحماية المدنيين، بدلاً من تضييع الفرص والاستعراضات المصطنعة. فالشعب السوداني يستحق مستقبلاً يقوم على السلم والكرامة، ويستحق قيادة تضع مصالحه – لا مصالحها – وأولوياته في المقام الأول والأخير».