الصين تتمدد في كردستان العراق.. هل تخسر واشنطن معركة القوة الناعمة؟

في ظل تراجع الدور الأمريكي في إقليم كردستان، تتزايد المؤشرات على صعود نفوذ الصين، التي تستثمر بشكل مدروس في أدوات القوة الناعمة، لتملأ فراغًا جيوسياسيا تركته واشنطن.
بحسب تقارير فإن التحولات الجارية في كردستان، تشير إلى مرحلة جديدة من التنافس الدولي على الإقليم الذي ظل لعقود ساحة نفوذ شبه حصرية للولايات المتحدة.إعلان
تقليص النفوذ الأمريكي في كردستان
ووفق التقرير الصادر عن “معهد واشنطن” فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اختارت تقليص حجم المساعدات الخارجية، وتخفيض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووقف الدعم لبعض منظمات الأمم المتحدة.
هذه الإجراءات ترافقت مع إعلان نية الإدارة إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق بحلول عام 2026، وهو ما شكل صدمة في الأوساط الكردية التي طالما اعتمدت على الدعم الأمريكي في المجالات الأمنية والاقتصادية.
ورغم أن الولايات المتحدة أنفقت نحو 3.6 مليارات دولار خلال العقد الماضي لدعم الإقليم، خاصة قوات البيشمركة، إلا أن التوجهات الجديدة تُضعف من الحضور الأمريكي على الأرض وتفتح الباب أمام قوى أخرى.
الحديقة الصينية وملء الفراغ الأمريكي في كردستان
من أبرز مظاهر التمدد الصيني، قبول بكين عرض حكومة الإقليم بإنشاء حديقة ثقافية تعكس هوية الدولة، لتكون بذلك الدولة الوحيدة التي استجابت لهذا العرض.
الحديقة التي يُتوقع افتتاحها في الربيع المقبل بأحد أحياء أربيل الراقية، ليست مجرد مشروع تجميلي، بل تعبير دقيق عن دخول الصين إلى الوعي العام المحلي عبر أدوات ناعمة تعوض عن الغياب الأمريكي المتزايد.
اختراق الصين لـ إقليم كردستان
الصين بدأت منذ عام 2014 بتوسيع حضورها الدبلوماسي في الإقليم، مع افتتاح قنصليتها في أربيل، وفي عام 2017 دشنت مركزًا لتعليم اللغة الصينية داخل جامعة صلاح الدين.
هذا المركز تطور لاحقًا ليشمل دورات للطلاب والمهنيين الراغبين في الدراسة أو العمل بالصين، في خطوة تعكس تصميم بكين على بناء علاقات طويلة الأمد مع المجتمع الكردي.
كما أظهر الدبلوماسيون الصينيون اهتماما خاصا بالتراث الكردي، إذ احتفوا بالشاعر نالي الذي وصف الصين في شعره كبلاد بعيدة وجميلة، واحتضنوا مهرجانات ثقافية وسينمائية في السليمانية، مما عزز الارتباط الرمزي والثقافي بين الجانبين.
تراجع صورة الولايات المتحدة في إقليم كردستان
يري التقرير أن الولايات المتحدة فقدت بعضًا من بريقها في الإقليم. حيث باتت صفحات القنصلية الأمريكية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي كانت تعجّ بصور الدعم الإنساني والمبادرات التنموية، اليوم تعرض دبلوماسيين أمريكيين في جولات سياحية داخل مطاعم الوجبات السريعة، في صورة تعكس محدودية النشاط الدبلوماسي الأمريكي الجديد.
استطلاع رأي يكشف حجم التغير في كردستان
استطلاع “الباروميتر العربي” في يوليو 2024 أظهر تقاربًا لافتًا في صورة الصين والولايات المتحدة في نظر الشارع الكردي، فقد منح 57% من سكان الإقليم تقييمًا إيجابيًا للصين فيما يتعلق بالديمقراطية، مقابل 64% للولايات المتحدة، هذا الفارق الضئيل يعكس تراجعًا في الهيبة التقليدية للنفوذ الأمريكي.
الأحزاب والمصالح
وفق التقرير فإن الصين لا تكتفي ببناء علاقات مع الحكومة الكردية، بل تتواصل مع مختلف القوى السياسية، بما في ذلك الأحزاب الصغيرة، وهو ما يميزها عن السياسة الأمريكية التي تميل إلى التعامل الحصري مع السلطات القائمة احترامًا للانتخابات. هذا الانفتاح يمنح الصين قدرة أكبر على فهم المشهد السياسي المحلي والتأثير عليه.
البعد الاقتصادي للصعود الصيني في إقليم كردستان
إلى جانب القوة الناعمة، تستخدم الصين ثقلها الاقتصادي لبسط حضورها. الأسواق الكردية باتت تعج بالبضائع الصينية، ولم تعد هذه المنتجات رديئة كما في السابق، بل صارت محطّ ثقة شرائح واسعة من المستهلكين، بفضل التنوع والجودة التي باتت ترافقها.
اقرأ أيضا
بعد ختام أول جولة من مباحثات أمريكا وإيران في سلطنة عمان .. ماذا دار بينهما؟