مستوحاة من أسراب الأسماك.. الصين تطلق طائرات بدون طيار تحت الماء

في خطوة قد تُحدث ثورة في التكتيكات العسكرية البحرية، أعلنت جامعة “نورث وسترن بوليتكنيك” الصينية عن تطويرها أسرابًا من المركبات ذاتية القيادة تحت الماء، وهي أشبه بـ طائرات بدون طيار بحرية، قادرة على التنقل بذكاء جماعي وتنفيذ مهام استطلاعية وهجومية في البحار.

طائرات بدون طيار تنهي هيمنة سيطرة الغواصات وحاملات الطائرات

هذه التقنية المتقدمة، التي وصفها خبراء الدفاع بـ”الدرونز المائية”، تعكس توجهًا استراتيجيًا جديدًا من جانب الصين لتحدي التفوق البحري الأمريكي .. والتي تهدد سيطرة الغواصات وحاملات الطائرات في الحروب القادمة.إعلان

الذكاء الجماعي للطائرات بدون طيار

وفقًا لما نشرته وسائل إعلام صينية، فإن التجارب الأخيرة أجريت في مياه مفتوحة، وشهدت تعاونًا بين مئات المركبات البحرية غير المأهولة (UUVs) عبر شبكة اتصالات فوق المياه وتحتها، قائمة على الذكاء الاصطناعي، ما مكنها من اتخاذ قرارات جماعية وتوزيع الأدوار أثناء تنفيذ المهمة، دون تدخل بشري مباشر.هذه التكنولوجيا مستوحاة من سلوك أسراب الأسماك، حيث تتحرك الوحدات كوحدة واحدة لكنها في نفس الوقت تتخذ قرارات فردية بحسب موقعها. وقد أثبتت الاختبارات أن هذه المركبات قادرة على تجنب العقبات، التحليق بسرعات منخفضة لتقليل اكتشافها، ورسم خرائط بحرية في الوقت الحقيقي.

تطبيقات عسكرية خطيرة

رغم أن الجامعة قدمت المشروع تحت غطاء الأبحاث العلمية والبيئية، إلا أن خبراء عسكريين يرون في هذه التقنية تحولًا خطيرًا في التوازن البحري، وخصوصًا في الصراع المرتقب حول تايوان أو بحر الصين الجنوبي.

المهام المحتملة لهذه الأسراب تتضمن:

التجسس على الغواصات الأمريكية وتعطيل حركتها.زرع ألغام بحرية ذكية في مضايق استراتيجية.الهجوم الجماعي على سفن العدو، سواء بإرسال إشارات تشويش أو القيام بتفجيرات انتحارية.

أمريكا تراقب وترد ببحث مماثل

البحرية الأمريكية كانت أول من طور طائرات بدون طيار تحت الماء منذ أكثر من عقد، مثل المركبة Orca XLUUV، لكن لم يُسجل حتى الآن أي مشروع مماثل من حيث العدد والتنسيق الجماعي كما هو الحال في النموذج الصيني.ويبدو أن واشنطن تأخذ الأمر على محمل الجد، إذ نقلت مجلة Defense News عن مسؤولين في البنتاغون قولهم:“أي استخدام قتالي لأسراب UUVs سيجعل حاملات الطائرات والغواصات أهدافًا قابلة للاختراق من قاع البحر، وهي منطقة كنا نعتبرها آمنة نسبيًا.”وبالفعل، تعمل البحرية الأمريكية حاليًا على تطوير أنظمة مضادة للدرونز تحت الماء، تشمل “صواعق صوتية” ومركبات اعتراض، إلا أن تعقيد البيئة البحرية يجعل هذه المهام صعبة جدًا مقارنة بالحروب الجوية.

مستقبل الصراع: من سطح البحر إلى ظلمات الأعماق

هذا التحول في ساحة المعركة البحرية يعيد تعريف المفاهيم الكلاسيكية للحرب، التي كانت تعتمد على السيطرة السطحية والجوية. فوجود أسراب روبوتية صامتة وغير مأهولة، تتحرك بسرعة وذكاء، يعني أن الدول التي تعتمد على حاملات الطائرات أو الغواصات النووية ستضطر إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية.ويؤكد الخبير الأمريكي في أنظمة الحرب البحرية، الدكتور “براين كلارك”، في تصريحات لمجلة Naval War College Review: .. “الصين لا تهاجم القوة الأمريكية من الأمام، بل من أسفل… من حيث لا تتوقع”.

سلاح غير مكلف.. بتأثير استراتيجي هائل

واحدة من أكثر النقاط قوة في هذه التقنية الصينية هي التكلفة المنخفضة. فبينما تكلف غواصة نووية أمريكية من طراز “فرجينيا” نحو 3 مليارات دولار، يمكن للصين نشر سرب مكون من عدة آلاف من الدرون البحري الذكي بأقل من نصف تكلفة غواصة واحدة، ما يجعل الصراع غير متوازن اقتصاديًا.هذه الاستراتيجية تُعرف عسكريًا بـ”العدد الذكي Smart Mass”، حيث يتم استخدام عدد كبير من الأنظمة الرخيصة لتعطيل منظومات العدو المكلفة.

تايوان .. الميدان المحتمل للاختبار

في حال حدوث نزاع مسلح حول تايوان، يتوقع محللون أن الصين ستستخدم أسراب الدرونز تحت الماء لتقييد حرية الحركة للأسطول السابع الأمريكي، ومنع الغواصات الأمريكية من الاقتراب من سواحلها، بل وحتى تطويق حاملات الطائرات وتهديدها من القاع.ويقول تقرير لمركز الدراسات البحرية الاستراتيجية (CSBA): .. “الدرونز التحت مائية قد تمنح الصين ميزة السيطرة على المياه الضحلة حول تايوان دون الحاجة للدخول في مواجهة مباشرة”.

هل تتغير قوانين الحرب تحت الماء؟

الصين لا تنافس أمريكا فقط في السماء والفضاء، بل تغوص عميقًا في البحار والمحيطات بأسلحة لم تُختبر بعد في الحروب التقليدية. وإذا نجحت هذه التقنية في الانتشار والتسليح الفعلي، فإن قواعد اللعبة البحرية ستتغير إلى الأبد، وتتحول من سباق حاملات وغواصات إلى سباق أسراب ذكية في صمت الأعماق.إقرأ أيضاً: إسرائيل تورد أسلحة لروسيا بقيمة 10 ملايين دولار عبر وسطاء صينيين