آلات موسيقية عمرها 4000 عام تكشف تقاربًا دينيًا بين الجزيرة العربية وآسيا القديمة| شاهد

آلات موسيقية عمرها 4000 عام تكشف تقاربًا دينيًا بين الجزيرة العربية وآسيا القديمة| شاهد

القاهرة (خاص عن مصر)- في اكتشافٍ رائد على تلةٍ تُطل على شمال عُمان يبرز روابط موسيقية بين الحضارات القديمة، عثر علماء الآثار على زوجٍ من الصنجات القديمة، يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 عام.وفقا لتقرير موقع زي أم أي ساينس، تُقدم هذه الآلات الموسيقية التي تعود إلى العصر البرونزي، والتي عُثر عليها في موقع دهوى 7 الأثري، لمحةً نادرةً عن الممارسات الثقافية والموسيقية المشتركة بين شبه الجزيرة العربية وجنوب آسيا وبلاد ما بين النهرين خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد.إعلانلا يُعد وجودها مجرد فضولٍ تاريخي؛ بل يُقدم فهمًا عميقًا لطرق تواصل المجتمعات القديمة وتواصلها من خلال الموسيقى.

 روابط موسيقية بين الحضارات

عُثر على الصنجات النحاسية، المصنوعة من معادن محلية المصدر، في مبنى مرتبط بثقافة أم النار، وهي مجتمعٌ من العصر البرونزي في عُمان.ما يجعل هذه الصنجات مميزة بشكل خاص ليس فقط حفظها الممتاز، بل أيضًا تشابهها مع الآلات الموسيقية التي عُثر عليها في وادي السند، وهي حضارة مزدهرة في باكستان وشمال غرب الهند حاليًا.يتحدى هذا الاكتشاف الافتراضات السابقة حول أصول هذه الآلات، ويشير إلى وجود صلة ثقافية أعمق بين المنطقتين.على الرغم من تشابهها البصري مع صنجات وادي السند، يكشف التحليل النظائري أن النحاس المستخدم في صناعة صنج عُمان جاء من مصادر محلية، مما يؤكد أنه على الرغم من أن التصميم ربما يكون قد تأثر بوادي السند، إلا أن المواد كانت عربية بامتياز.يشير هذا إلى تبادل ثقافي تجاوز التجارة، موضحًا كيف كانت الموسيقى والطقوس جزءًا من شبكة أوسع تربط المجتمعات عبر الخليج العربي وجنوب آسيا.صنجات بعمر 4000 عام

دور الموسيقى في الحياة الطقسية والمجتمعية

عُثر على الصنجات موضوعة بعناية فوق بعضها البعض، مدفونة تحت أرضية مبنى مستطيل الشكل، يعتقد الباحثون أنه ربما كان مساحة جماعية أو طقسية.يشير هذا الدفن المتعمد إلى أن هذه الآلات كانت ذات قيمة احتفالية كبيرة، ربما كقرابين للآلهة أو الأجداد أو المجتمع. كما أن وجود الصنج في سياق طقسي يؤكد أهمية الموسيقى في الممارسات الدينية أو الجماعية.الآلات نفسها عبارة عن أقراص نحاسية رفيعة ذات نتوء مركزي مرتفع وثقب صغير في المنتصف، مثالية لربطها وعزفها في أزواج. كانت هذه الصنج جزءًا من فرقة موسيقية أكبر، يحتمل أن تكون مصحوبة بالترانيم والطبول والرقص، على غرار الطقوس الموسيقية الموضحة في فنون وادي السند.يدعونا اكتشاف صنج الدهوا إلى إعادة التفكير في دور الموسيقى في المجتمعات القديمة، ليس فقط كوسيلة ترفيه، بل كشكل من أشكال التعبير الثقافي والتواصل.

النقل الثقافي ودور الموسيقى في الدبلوماسية

يدعم اكتشاف الصنج النظرية القائلة بأن الموسيقى ربما لعبت دورًا محوريًا في ربط الثقافات البعيدة. يشير البروفيسور خالد دوغلاس، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة السلطان قابوس، إلى أن التقاليد المحيطة بهذه الصنج ربما تكون قد انتقلت إما من جنوب شرق شبه الجزيرة العربية إلى وادي السند أو العكس.لا يزال الاتجاه الدقيق للتأثير غير واضح، لكن الصلة التي لا يمكن إنكارها بين هذه الثقافات القديمة تُبرز دور الموسيقى في تسهيل التبادلات الثقافية والدبلوماسية.على عكس القطع الأثرية الملموسة كالفخار أو الأدوات، تُعدّ الموسيقى شكلاً غير ملموس من أشكال التواصل، وغالبًا ما لا تترك أثرًا يُذكر. ومع ذلك، فإن بقاء هذه الصنج يُقدم دليلاً نادرًا على أن الموسيقى كانت وسيلةً قويةً عبّرت من خلالها الشعوب القديمة ليس فقط عن معتقداتها الدينية والثقافية، بل وأقامت أيضًا روابط عبر الحدود الجغرافية والثقافية.

نظرة جديدة على التجارة القديمة والتبادل الثقافي

يُشكّل اكتشاف صنج دهوة تحديًا للتصورات التقليدية التي تُصوّر التجارة القديمة على أنها اقتصادية بحتة. وبينما عُثر على سلع تجارية كالسيراميك والخرز والأدوات في جميع أنحاء الخليج العربي، تُشير هذه الصنج إلى أن التبادل الثقافي والفني لعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تشكيل العلاقات بين المجتمعات القديمة.يبدو أن الموسيقى كانت لغة عالمية، تتجاوز الحدود، وتُسهّل تبادل الأفكار والمعتقدات والطقوس عبر العالم القديم.لا يُقدّم اكتشاف صنجات الدهوى نظرةً آسرة على موسيقى العصر البرونزي فحسب، بل يُذكّر أيضًا بقوة الصوت في ربط الناس، حتى في الماضي البعيد. يرسم هذا الاكتشاف صورةً لعالمٍ لم تكن فيه الموسيقى مجرد موسيقى للحياة، بل أداةً أساسيةً لبناء العلاقات الدبلوماسية والثقافية – جسرًا قديمًا بين شعوب شبه الجزيرة العربية ووادي السند وما وراءهما.