هل يخططون لمواجهة الحكومة؟ أسلحة السويداء تثير الجدل حول نوايا دروز سوريا

هل يخططون لمواجهة الحكومة؟ أسلحة السويداء تثير الجدل حول نوايا دروز سوريا

أعلنت السلطات الأمنية في محافظة درعا، جنوبي سوريا، أمس الأحد، عن ضبط شاحنة محمّلة بأسلحة وصواريخ مضادة للدروع، قبل وصولها محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية ما يعيد إلى الواجهة النقاش المتجدد حول مستقبل العلاقة بين هذه المحافظة والدولة السورية، وسط تصاعد حديث غير رسمي عن دعوات “فدرلة” وتحركات ميدانية مقلقة.

شحنة صواريخ تُعيد السويداء إلى صدارة المشهد

جاء في بيان رسمي نُشر عبر قناة محافظة درعا على “تلغرام” أن “جهاز الأمن العام في المحافظة تمكّن من ضبط شاحنة محمّلة بصواريخ مضادة للدروع وأسلحة خفيفة ومتوسطة، كانت في طريقها من دمشق إلى السويداء”.إعلانووفق البيان، فإن العملية جرت ضمن سلسلة مداهمات استهدفت ما وُصفت بـ”عصابات تجارة السلاح” في المنطقة الغربية من درعا، وتحديدًا في شمال داعل وغرب إبطع.لكن هذه التطورات الأمنية، ورغم طابعها الإجرائي، فتحت الباب مجددًا أمام تساؤلات تتعلق بتوقيت العملية، والجهات المستفيدة من تهريب السلاح، في ظل تعقيدات يعيشها الجنوب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي أحمد الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية الجديدة نهاية العام الماضي.

السويداء بين الخصوصية والطموحات السياسية

تُعرف محافظة السويداء بتركيبتها السكانية ذات الغالبية الدرزية، ما يمنحها خصوصية في السياق السوري المتعدد طائفيًا. ورغم تأكيد الحكومة الجديدة في دمشق على شمولية التمثيل الوطني، وتطمينها بدمج جميع المكونات في إطار دولة موحدة، لا تزال مجموعات مسلحة محلية في السويداء تعمل خارج سلطة الدولة.وفق وسائل إعلام سورية، تطرح بعض النخب الدرزية منذ شهور، بشكل غير رسمي، مقترحات لاعتماد نظام حكم فدرالي، على غرار الطرح الكردي في الشمال، فيما تُتهم إسرائيل بلعب دور مباشر في هذا السياق من خلال محاولات دعم بعض القوى المحلية بحجة “حماية الأقليات”، وهو ما تعتبره دمشق تدخلاً سافرًا في الشأن السوري.

إسرائيل واستثمار ورقة الدروز

بحسب تقارير تسعى تل أبيب منذ سنوات لتوظيف ورقة الأقليات في سوريا، وخصوصًا الطائفة الدرزية، لتعزيز حضورها الإقليمي، مستغلة تفكك السلطة المركزية عقب انهيار النظام السابق.وقد كررت في أكثر من مناسبة استعدادها لـ”التدخل” في مناطق درزية لحمايتها من “الاعتداءات”، وفق تعبيرها، وهو ما رفضته شخصيات درزية بارزة داخل وخارج السويداء.وفي هذا السياق، شهدت المحافظة مؤخرًا وقفات احتجاجية منددة بأي تدخل خارجي، رُفعت خلالها شعارات تؤكد التمسك بالوحدة الوطنية السورية ورفض مشاريع التقسيم والانفصال.

محافظ السويداء ينفي وجود نوايا انفصالية

محافظ السويداء مصطفى البكور نفى وجود أي توجّه انفصالي داخل المحافظة، قائلاً: “لم ألمس أي دعوات للطائفية أو الانفصال، وهناك توافق واضح مع مشايخ العقل على الثوابت الوطنية”.وأضاف أن “الجهاز الأمني في السويداء يجب أن يتشكل من أبناء المحافظة لضمان الاستقرار المحلي، لحين بناء الثقة بين المركز والمجتمع”.وأكد البكور أن “الرئيس أحمد الشرع طلب من المحافظات تقديم خطط للاستثمار، ونحن نعمل على تسهيل المشاريع ودعم المؤسسات الخدمية”. وشدد على أهمية التعاون مع وزارة الدفاع لتوحيد الفصائل المسلحة تحت مظلة الدولة.

مواجهة محتملة أم انفلات أمني ؟

ورغم تصريحات محافظ السويداء التي يعتبرها البعض بمثابة رسالة طمأنة من الداخل، إلا أن التحديات لا تزال حاضرة، خاصة في ظل صعوبة ضبط السلاح، والتدخلات الإقليمية، وحالة عدم اليقين التي ترافق المرحلة الانتقالية في سوريا بعد عقود من حكم حزب البعث وعائلة الأسد.ويبقى السؤال مطروحًا: هل ما يجري في السويداء هو تحضير لمواجهة محتملة مع الحكومة، أم مجرد انفلات أمني قابل للاحتواء؟ الإجابة مرهونة بقدرة الإدارة الانتقالية على استيعاب الخصوصيات المحلية دون التفريط بوحدة البلاد.