الدولار يتراجع لأدنى مستوياته خلال 3 سنوات بعد انتقاد ترامب لأداء الفيدرالي الأمريكي

في تطور مثير شهدته الأسواق العالمية، سجل الدولار الأمريكي، اليوم الإثنين، أدنى مستوى له في 3 سنوات، وسط تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول.الانتقادات المتكررة لترامب تجاه سياسة الفيدرالي الأمريكي أثارت مخاوف واسعة بين المستثمرين بشأن استقلالية السياسة النقدية الأمريكية، ما انعكس على أداء العملة الخضراء في أسواق الصرف.إعلان
ترامب يصعّد الضغط على باول: “الخاسر الرئيسي”
وجّه ترامب هجومًا حادًا جديدًا اليوم الإثنين، ضد جيروم باول، مستخدمًا منصة “تروث سوشيال” لوصفه بـ”الخاسر الرئيسي”، مطالبًا إياه بخفض أسعار الفائدة “على الفور”.وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تحديات متزايدة، ما زاد من قلق المستثمرين حيال مستقبل السياسة النقدية واحتمال تدخل سياسي مباشر في عمل البنك المركزي.
تهديد باستقلالية الفيدرالي الأمريكي
لم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد، بل أكد كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي السابق للبيت الأبيض، أن إدارة ترامب لا تزال تدرس خيارات قانونية لعزل باول من منصبه.ويأتي هذا بعد تصريح صريح من ترامب قال فيه إن إقالة باول “لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية”، في إشارة إلى نفاد صبره من تشدد الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.ورغم أن القوانين الأمريكية تحمي استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتقيّد إمكانية عزل رئيسه، فإن بعض المحللين يرون أن الخطاب السياسي العدائي قد يؤدي إلى تقويض الثقة بمؤسسات صنع القرار النقدي.وقال فيشنو فاراثان، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لآسيا في بنك ميزوهو، إن الرئيس لا يملك سلطة إقالة باول بشكل مباشر، إلا أنه يستطيع “تحريك الأمور” بطريقة تهدد استقلالية الفيدرالي.
الأسواق العالمية تستجيب: الدولار في أدنى مستوياته
جاءت استجابة الأسواق سريعة، حيث هبط مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية – إلى 97.923 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2022.كما تراجع الدولار أمام الفرنك السويسري بنسبة تجاوزت 1.5% ليصل إلى 0.8063 فرنك، وهو أدنى مستوى في عشر سنوات. وسجّل اليورو مكاسب قوية بلغ بها 1.1535 دولارًا، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2021.أما الين الياباني، فقد ارتفع إلى أعلى مستوى له مقابل الدولار في سبعة أشهر، فيما صعد الجنيه الإسترليني إلى 1.34 دولارًا، وهو أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2023.
العملات العالمية تسجّل مكاسب ملحوظة
استفاد كل من الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي من الضعف الأمريكي، حيث ارتفع الدولار الأسترالي إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر عند 0.6430 دولارًا أمريكيًا.بينما استعاد الدولار النيوزيلندي حاجز 0.6000 دولار أمريكي للمرة الأولى منذ أكثر من خمسة أشهر.
رسائل اقتصادية متباينة: الصين تواصل التثبيت
في المقابل، سجل اليوان الصيني مكاسب طفيفة في التعاملات المحلية، ليلامس أعلى مستوى له في أسبوعين، قبل أن يتخلى عن بعض مكاسبه. وفي الأسواق الخارجية، بلغ اليوان 7.2911 مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له في أسبوع.ورغم تصاعد الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، أبقت السلطات النقدية الصينية على أسعار الفائدة المرجعية للإقراض دون تغيير للشهر السادس على التوالي، في خطوة جاءت متماشية مع توقعات السوق.لكن محللين يتوقعون في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء، أن تلجأ الصين إلى إجراءات تحفيزية إضافية قريبًا، في محاولة لدعم النمو الاقتصادي ومواجهة التحديات التجارية.
العطلات تغلق أسواقًا وتحد من التداولات
جاءت هذه التحركات في وقت يسوده الهدوء النسبي في أحجام التداول، مع إغلاق معظم الأسواق في أوروبا وأستراليا وهونغ كونغ بسبب عطلة عيد القيامة.وكانت الأسواق العالمية مغلقة يوم الجمعة أيضًا للعطلة نفسها، مما ساهم في تقلبات أكبر نسبيًا في الأسواق المفتوحة.
اضطراب الأسواق بسبب تداعيات السياسات الجمركية
يُشار إلى أن حالة عدم اليقين السياسي، إلى جانب السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها ترامب منذ ولايته الأولى، أسهمت في تفاقم حالة الاضطراب في الأسواق المالية العالمية.ففرض الرسوم الجمركية، وتصعيد الخطاب التجاري مع الصين وأوروبا، أضعف ثقة المستثمرين ودفع بعضهم لسحب أموالهم من الأصول الأمريكية.
غموض المشهد المالي يسيطر على الأسواق
في ظل استمرار الهجوم السياسي على الفيدرالي الأمريكي، وتزايد المخاوف بشأن توجهات ترامب الاقتصادية في حال عودته للبيت الأبيض، يبقى الدولار عرضة لتقلبات حادة.ويرى محللون في تصريحات لرويترز أن قدرة الفيدرالي على الحفاظ على استقلاليته ستلعب دورًا محوريًا في استقرار الأسواق خلال الأشهر المقبلة.