الذكاء الاصطناعي في خدمة إسرائيل.. كيف طوعت تل أبيب التكنولوجيا لقتل الفلسطينيين؟

في تحول نوعي لأساليب القتال، كشفت تقارير غربية عن اعتماد متزايد من جانب إسرائيل على أدوات تقنية متقدمة من الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف وإدارة العمليات العسكرية في قطاع غزة.
وسلَّطت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها الضوء على التطور الذي تشهده إسرائيل عسكريا بتطويع أدوات الذكاء الاصطناعي خدمة لأهداف الحرب، مشيرة إلى “العواقب المميتة” في كثير من الأحيان لهذه الأدوات.إعلان
وأبرزت الصحيفة حادثة اغتيال إبراهيم البياري، كأحد أبرز قادة حركة حماس في شمال القطاع، كنموذج صارخ لهذا التحول الإسرائيلي في القتال.
تقنية اصطياد الصوت
بحسب الصحيفة ففي أكتوبر 2023، كانت إسرائيل تُلاحق البياري، الذي تتهمه بتنسيق جزء من هجمات السابع من أكتوبر. ومع غياب موقع دقيق له داخل شبكة الأنفاق، لجأت الأجهزة الأمنية إلى تقنية تحليل صوتي متطورة، مكنتها من تعقّب مكالماته الهاتفية، وتحديد الموقع التقريبي الذي يتحدث منه.
استُخدمت هذه البيانات لتوجيه غارة جوية مركزة في 31 أكتوبر، أسفرت عن مقتله، لتشكل هذه العملية إحدى أوائل التطبيقات العملية لنظم استشعار وتحديد مواقع عن بُعد.
قائمة أهداف رقمية
منذ ذلك الحين، وسّعت إسرائيل استخدام هذه الوسائل في ساحة المعركة. فبدلاً من الاعتماد الحصري على جمع المعلومات بالطرق التقليدية، أصبحت تُبنى قوائم الاستهداف على تحليل البيانات الإلكترونية والاتصالات، ما يسمح بسرعة رصد المقاتلين وتصنيفهم بناءً على سلوكهم، حتى وإن لم يكونوا في مواقع القيادة.
كما ساعدت تقنيات متقدمة في التعرف على الوجوه داخل مناطق النزاع، حتى في الحالات التي تكون فيها الصور مشوشة أو غير واضحة، وهو ما مكّن من تحديد هويات أفراد مشتبه بهم أثناء تحركاتهم داخل غزة.
نموذج لغوي لفهم اللهجات
وفي مسار آخر، طوَّرت أجهزة الأمن الإسرائيلية نموذجًا لفهم وتحليل النصوص والمحادثات باللغة العربية، بما في ذلك اللهجات المحلية.
تم تدريب هذا النظام على كمٍّ ضخم من الرسائل والمكالمات ومنشورات وسائل التواصل، وهو ما ساعد على رصد المزاج العام في دول الجوار بعد أحداث مفصلية، مثل اغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، في سبتمبر الماضي.
ورغم قدرة هذه المنظومة على تمييز الاختلافات بين اللهجات اللبنانية، إلا أن بعض المصطلحات المحلية ظلت عصية على التفسير، ما استدعى تدخل محللين بشريين لتدقيق النتائج.
نتائج ميدانية مثيرة للجدل
على الأرض، تم تزويد نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات متقدمة، مهمتها مسح الوجوه وتحديد المشتبه فيهم. لكن هذا الأسلوب أدى في بعض الأحيان إلى اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ، مما أثار انتقادات من منظمات حقوقية ومسؤولين غربيين.
ورغم أن إسرائيل ترى في هذه الأدوات نقلة نوعية في مواجهة التهديدات، إلا أن مخاوف واسعة تثار حول الطابع الأخلاقي لهذه الوسائل، خاصة عندما تتحول الأدوات التقنية إلى أدوات قتل وانتقاء دون تدخل بشري مباشر.
إسرائيل وسلاح الذكاء الإطناعي
بحسب فإن إسرائيل، التي لطالما استخدمت النزاعات لتجريب أدواتها الجديدة، كما حدث مع الطائرات المسيّرة ونظام القبة الحديدية، باتت اليوم تعتمد على التكنولوجيا كسلاح صامت، يحدد من يعيش ومن يُستهدف، بعيدًا عن ميادين القتال التقليدية. وبينما يُشيد البعض بفاعلية هذه المنظومات، يتساءل آخرون عن الثمن الإنساني الكامن خلف كل إشارة رقمية أو وجه يتم التعرف عليه.