مع اقتراب صفقة بـ 100 مليار دولار.. أبرز صفقات تسليح السعودية السنوات الأخيرة

مع اقتراب صفقة بـ 100 مليار دولار.. أبرز صفقات تسليح السعودية السنوات الأخيرة

تواصل المملكة العربية السعودية تعزيز قدراتها العسكرية وسط تنافس عالمي على سوقها الدفاعي، ففي مشهد يعكس تصاعد الدور العسكري للمملكة العربية السعودية إقليميًا ودوليًا، تواصل الرياض توقيع صفقات تسليح ضخمة مع كبريات الشركات العالمية، بميزانية دفاعية بلغت أكثر من 75 مليار دولار في عام 2024.

صفقات تسليح السعودية

وبينما تنظر القوى الكبرى إلى السوق السعودية كساحة تنافس مفتوحة، تتجه المملكة نحو توطين صناعاتها الدفاعية، وتوسيع شراكاتها شرقًا وغربًا، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.إعلان
وفي هذا التقرير من خاص عن مصر، سوف نستعرض أهم صفقات الأسلحة السعودية، مع مختلف الدول خلال السنوات الأخيرة، وجهود المملكة في توطين صناعة السلاح بالأراضي السعودية.

رفع الحظر الأمريكي يعيد الزخم للعلاقات الدفاعية بين الرياض وواشنطن

بعد فترة من التوتر والجمود، شهدت العلاقات الدفاعية بين السعودية والولايات المتحدة تحولًا كبيرًا منتصف عام 2024 تحديدًا في شهر أغسطس، حين قررت إدارة الرئيس جو بايدن رفع الحظر عن مبيعات الأسلحة الهجومية للمملكة.
هذا القرار أعاد الزخم لعلاقات كانت توصف بأنها استراتيجية، وأتبعته واشنطن بالموافقة على صفقتين عسكريتين جديدتين بقيمة تجاوزت 1.5 مليار دولار.
وقد ارتبط القرار الأمريكي بظروف جيوسياسية دقيقة، خصوصًا مع تنامي النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، واحتمالات فقدان واشنطن لحلفاء تقليديين مثل السعودية، التي بدأت فعليًا في تنويع مصادر تسليحها وتوقيع اتفاقيات مع موسكو وبكين.

شراكات السعودية مع روسيا والصين: تنويع الموردين وتوازن استراتيجي

لا يمكن عزل التحركات السعودية في سوق السلاح عن الرؤية الأوسع للسياسة الخارجية للمملكة، والتي تسعى إلى تحقيق توازن بين علاقاتها مع الشرق والغرب.
وفي هذا السياق، توسعت الشراكات الدفاعية بين الرياض وموسكو، لتشمل اتفاقيات إنتاج محلي لأسلحة متطورة، من أبرزها: إنتاج بندقية كلاشينكوف AK-103 محليًا، وتصنيع راجمات الصواريخ TOS-1A داخل المملكة، بجانب عقود لصواريخ كورنيت 9M133 المضادة للدروع.
وتأتي هذه الاتفاقات في إطار استراتيجية سعودية لامتلاك التكنولوجيا وتوطين الصناعة، إضافة إلى فك الارتباط الجزئي عن الاحتكار الأمريكي التقليدي لتسليح المملكة.

السعودية بين كبار مستوردي السلاح عالميًا

مقاتلة تابعة لسلاح الجو السعودي – صورة أرشيفية

وفقًا لأحدث تقارير “معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام” (سيبري) الصادر في مارس الماضي، تحتفظ السعودية بمكانتها كأحد أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، حيث شكلت وارداتها نحو 6.8% من إجمالي المشتريات العالمية، متقدمة على معظم الدول في الشرق الأوسط وخارجه.
ولا تزال الولايات المتحدة أكبر مزود للسعودية بالسلاح، إذ تمثل صادراتها العسكرية للرياض ما يقرب من 74% من إجمالي واردات المملكة من الأسلحة، رغم التحولات الأخيرة في بوصلة التعاون الدفاعي السعودي.

علاقات دفاعية مع أوروبا: بريطانيا وفرنسا في صدارة الشراكة

إلى جانب العلاقات المتينة مع واشنطن، تحتفظ المملكة بروابط قوية مع عدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا. وبلغت قيمة مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية، خلال الفترة من 2015 إلى 2019، أكثر من 15 مليار جنيه إسترليني (نحو 18 مليار دولار).
وكانت شركة “بي إيه إي سيستيمز” البريطانية من أبرز المستفيدين من العقود السعودية، حيث شملت الصفقات: طائرات مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون”، وأنظمة دفاع جوي، بجانب ذخائر ومعدات لوجستية.
كما تعاونت المملكة مع فرنسا في عدد من المشاريع الدفاعية، شملت السفن الحربية، والمروحيات، وأنظمة المراقبة.

صفقات ضخمة في عهد ترامب: الأرقام القياسية تعود إلى الواجهة

مع صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم في الفترة الأولى في عام 2017، شهدت صفقات التسليح الأمريكية-السعودية نموًا غير مسبوق. ففي مايو 2017، أعلنت واشنطن عن عقود بقيمة 110 مليارات دولار، تشمل أسلحة ومعدات متطورة، ما اعتُبر حينها أكبر صفقة أسلحة في تاريخ الولايات المتحدة.
وشملت هذه العقود: طائرات نقل عسكرية ومقاتلات، وأنظمة صواريخ دفاعية وهجومية، بجانب معدات دعم لوجستي وتقني.
لكن تنفيذ بعض هذه العقود تعثر في وقت لاحق، مع وصول إدارة بايدن وتجميدها بعض المبيعات بسبب مخاوف حقوقية متعلقة بالحرب في اليمن، قبل أن تُلغى القيود في أغسطس 2024.

أول صفقة في عهد ترامب الجديد: صواريخ موجهة بالليزر بـ100 مليون دولار

في مارس 2025، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن صفقة جديدة مع السعودية بقيمة 100 مليون دولار، تشمل 2000 نظام صاروخي موجه بالليزر من طراز “APKWS”.
ويعد هذا النوع من الأسلحة من بين الأنظمة الدقيقة التي تُستخدم لاستهداف الأهداف الجوية والسطحية بدقة عالية، ما يعزز القدرات الهجومية الدقيقة للجيش السعودي.

صفقة مزمعة بقيمة 100 مليار دولار: ترامب يعيد عرض “الصفقة الكبرى”

في تطور لافت، كشفت وكالة “رويترز” اليوم الجمعة، عن استعداد الولايات المتحدة لعرض حزمة جديدة من صفقات الأسلحة على السعودية بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار، تشمل: طائرات نقل متطورة، ومسيّرات هجومية واستطلاعية، بجانب أنظمة صاروخية ورادارات متقدمة.
ووفق تصريحات مسؤولين أمريكيين، فإن هذه الحزمة ستُعرض خلال زيارة مرتقبة للرئيس ترامب إلى الرياض، وسط توقعات بأن تُعيد هذه الصفقة العلاقات الدفاعية إلى أعلى مستوياتها.

معرض الدفاع العالمي: نافذة سعودية على الصناعات العسكرية

في الفترة من 4 إلى 8 فبراير 2025، استضافت الرياض النسخة الثانية من “معرض الدفاع العالمي”، بمشاركة أكثر من 773 عارضًا من 75 دولة، في حدث يُعد الأضخم في تاريخ الصناعات العسكرية السعودية.
وقد استخدمت المملكة هذا المعرض لتوقيع عدد كبير من العقود ومذكرات التفاهم مع شركات عالمية، أبرزها: مذكرتا تفاهم مع شركة تقنية علم لتطوير أنظمة الطائرات بدون طيار، واتفاقات لتوطين تقنيات الدفاع الكيميائي والبيولوجي.
كما تم الإعلان عن مشاريع لتطوير أنظمة القيادة والسيطرة، والاتصالات الآمنة، والذكاء الاصطناعي الدفاعي.

التوطين في صلب الرؤية: 50% من الإنفاق العسكري محليًا بحلول 2030

تسعى المملكة، ضمن “رؤية السعودية 2030″، إلى توطين 50% من إنفاقها العسكري بحلول نهاية العقد الحالي. وتعمل الهيئة العامة للصناعات العسكرية على تنفيذ هذه الرؤية من خلال: نقل التكنولوجيا من الشركات العالمية، وتدريب الكوادر الوطنية، بجانب دعم شركات الصناعات الدفاعية المحلية.
ويُعد هذا التوجه أحد أبرز التحولات الاستراتيجية في الإنفاق العسكري السعودي، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليص الاعتماد على الخارج، وتحويل المملكة إلى قاعدة إقليمية لتصنيع الأسلحة.

تركيا وإيطاليا وإسبانيا: شركاء جدد في المشهد الدفاعي

لم تقتصر الشراكات الدفاعية السعودية على القوى التقليدية، فقد شهدت السنوات الأخيرة تنامي التعاون مع دول مثل تركيا، التي برزت كشريك استراتيجي في مجال الطائرات المسيّرة، وأنظمة الدفاع الجوي.
كما وقعت السعودية اتفاقيات مع إيطاليا لتوريد سفن حربية ومروحيات، فضلاً عن مشاريع تعاون في مجال الإلكترونيات العسكرية مع إسبانيا، وهو ما يعكس انفتاح الرياض على خيارات متنوعة لتطوير قدراتها الدفاعية.
وفي هذا الصدد، لم تعد صفقات الأسلحة السعودية مجرد عمليات شراء تقليدية، بل باتت تعبيرًا عن توجه استراتيجي جديد، يعتمد على التوازن الجيوسياسي، والانفتاح على مصادر تسليح متنوعة، إلى جانب بناء قاعدة صناعية محلية متقدمة.
وفي ظل التصاعد الإقليمي والدولي في سباق التسلح، يبدو أن المملكة مصممة على أن تكون فاعلًا أساسيًا في صياغة معادلات القوة في المنطقة، عبر دبلوماسية تسليح ذكية، واستثمارات تضعها في مصاف الدول الصناعية عسكريًا.