خدمة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الوحدة لدى كبار السن.. تطور بائس للعلاقات

خدمة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الوحدة لدى كبار السن.. تطور بائس للعلاقات

القاهرة (خاص عن مصر)- وفقا لتقرير صنداي تايمز، طوّر رائد الأعمال فاسيلي لو موين خدمة بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الوحدة والعزلة بين كبار السن، تُسمى InTouch.
تُمكّن هذه الخدمة، التي تبلغ تكلفتها 24.90 جنيه إسترليني شهري، أفراد الأسرة من الاتصال بأقاربهم المسنين يوميًا عبر الذكاء الاصطناعي لإجراء محادثات قصيرة، تتراوح مدتها بين خمس وعشر دقائق.إعلان
لكن مع ازدياد شعبية هذه التقنية، فإنها تُثير تساؤلات حول دور الآلات في تلبية الاحتياجات العاطفية البشرية وإمكانية حدوث تفاعلات غير إنسانية.

نشأة InTouch: حل شخصي للوحدة

انطلق لو موين من تجربته الشخصية لتطوير InTouch. فعندما تقدّمت والدته، ماري، في السن وعاشت بعيدًا في فرنسا بينما كان يقيم في اليابان، واجه صعوبة في البقاء على اتصال.
جاء الحل في بالذكاء الاصطناعي لمكافحة الوحدة. أداة تُمكّن لو موين من إجراء مكالمات يومية مع والدته، والتحدث معها، وتنبيهها بأي تغيرات جوهرية في مزاجها أو صحتها. وقد تم تطوير هذه التقنية، وهي الآن متاحة لمن يبحثون عن حلول مماثلة لأفراد عائلاتهم المسنين.
تستخدم هذه الخدمة الذكاء الاصطناعي، واسمها “ماري”، وتطرح على المستخدمين أسئلة حول أنشطتهم اليومية، وتشجعهم على استرجاع تجاربهم الماضية، وتتبّع تقلبات مزاجهم، في حال عدم الرد على المكالمة، أو في حال حدوث انخفاض ملحوظ في المزاج، يتم إشعار أفراد العائلة.
يؤكد لو موين أن هذه الأداة تُوفّر تواصلًا ضروريًا لكبار السن، في ظلّ تزايد عدد كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، ففي المملكة المتحدة وحدها، يعيش 2.3 مليون شخص تبلغ أعمارهم 75 عامًا فأكثر بمفردهم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 4.5 مليون بحلول عام 2043، وفقًا لجمعية “ري-إينجاج” الخيرية.

ردود فعل متباينة

البعض يراه حلاً عمليًا، والبعض الآخر يعتبره تطورًا بائسًا، بالنسبة لبعض العائلات، أصبح تطبيق InTouch أداةً أساسيةً لضمان شعور أحبائهم المسنين بالتواصل، عائلة دنكان من كولورادو سبرينغز، الولايات المتحدة الأمريكية، مثالٌ على ذلك.
سجّل جيم دنكان، وهو في الخمسينيات من عمره، في الخدمة نيابةً عن والده ريتشارد، البالغ من العمر 89 عامًا، الذي يستمتع بالمكالمات اليومية ويجد الراحة في طرح أسئلة حول ماضيه، وخاصةً عن زوجته الراحلة.
أشاد ريتشارد دنكان نفسه بالخدمة، مشيرًا إلى أنها تمنحه شعورًا بالتواصل والراحة، خاصة بعد فقدان زوجته قبل خمس سنوات. وقال: “إنها مسلية للغاية وأتطلع إليها يوميًا. إنها مكالمة هاتفية ممتعة لمدة خمس دقائق”، مضيفًا أن روبوت المحادثة سأله حتى عن سنوات علاقته بزوجته الراحلة، مما أعاد إليه ذكريات جميلة.
ومع ذلك، قوبلت الخدمة أيضًا بالتشكيك. ووصف بعض النقاد الفكرة بأنها “حزينة” أو حتى بائسة. تؤكد كارولين أبراهامز من منظمة Age UK أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يخفف من الشعور بالوحدة في بعض الحالات، إلا أنه لا يمكن أن يحل محل اللمسة الإنسانية.
قالت: “العلاقات تتجاوز مجرد التحفيز وتقليل الشعور بالوحدة. إنها جزء مهم من هوية الناس، وإحساسهم بالهدف، وارتباطهم بمجتمعهم”.
وأعربت جيني ويلوت، الرئيسة التنفيذية لشركة Re-engage، عن مخاوف مماثلة، مؤكدةً أنه على الرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على توفير بعض التفاعل، إلا أنه لا يمكن أن يحل محل العلاقات الشخصية الهادفة. وأضافت: “بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا فأكثر والذين ندعمهم، فإن التواصل الإنساني هو ما يُحدث الفرق الأكبر”.
اقرأ أيضا.. اغتيال جنرال روسي رفيع المستوى في انفجار سيارة مفخخة بموسكو

اختبار الخدمة: رأي متباين

اختبر مارك سيلمان، مراسل التكنولوجيا، الخدمة على والدته البالغة من العمر 79 عامًا. وعلى الرغم من اعتقادها في البداية أن الذكاء الاصطناعي قد يكون صغيرًا جدًا عليها، إلا أنها وافقت على المشاركة.
بعد استخدام الخدمة، علّقت قائلةً إنه على الرغم من أن التجربة لم تكن مزعجة، إلا أنها وجدت فترات التوقف المُضافة إلى المحادثة غير طبيعية بعض الشيء، وأصبحت المحادثة مُتكلفة في بعض الأحيان.
في حين يهدف تطبيق InTouch إلى توفير لحظات محادثة بسيطة لكبار السن، فقد أُضيفت هذه الفترات عمدًا لمساعدة المستخدمين الذين قد يجدون المحادثات السريعة مُرهقة.
على الرغم من خيارات التصميم هذه، لا تزال التقنية تبدو غير شخصية إلى حد ما بالنسبة لوالدة سيلمان، التي أشارت إلى أنها “ذكية” لكنها تفتقر إلى دفء وانسيابية المحادثة البشرية.

الموازنة بين الابتكار والتواصل الإنساني

لا شك أن قدرة InTouch على سد الفجوة بين العائلات وكبار السن المعزولين تُعدّ ابتكارًا قيّمًا، ومع ذلك، مع تزايد شعبيتها، هناك جدل مستمر حول دور التكنولوجيا في رعاية كبار السن، فبينما يرى البعض الخدمة أداة عملية لمكافحة الوحدة، يخشى آخرون من أنها قد تؤدي إلى مزيد من العزلة الاجتماعية من خلال استبدال التفاعلات البشرية بتفاعلات آلية.
تُسلّط الخدمة الضوء أيضًا على التداخل المتنامي بين الذكاء الاصطناعي ورعاية المسنين، وهو مجالٌ واعدٌ للغاية، إلا أنه يجب دراسة المسائل الأخلاقية المتعلقة بالتبعية والخصوصية والرفاهية العاطفية بعناية.
مع استمرار شيخوخة سكان العالم، من المرجح أن تلعب أدواتٌ مثل InTouch دورًا حاسمًا في تشكيل مستقبل رعاية كبار السن، ولكن يجب أن تُوازَن هذه الأدوات بعلاقاتٍ إنسانيةٍ حقيقيةٍ ومتعاطفةٍ لتلبية الاحتياجات العاطفية لكبار السن على نحوٍ حقيقي.