وزير التجارة يزور الصين سرًا.. قائد الجيش البريطاني في بكين لأول مرة منذ 10 سنوات

وزير التجارة يزور الصين سرًا.. قائد الجيش البريطاني في بكين لأول مرة منذ 10 سنوات

القاهرة (خاص عن مصر)- في خطوة أثارت دهشة الأوساط السياسية والعسكرية، يقوم وزير التجارة البريطاني دوغلاس ألكسندر وقائد الجيش البريطاني، الأدميرال السير توني راداكين، بزيارة متزامنة إلى الصين هذا الأسبوع.
تأتي الزيارة غير المعلنة في وقت يتزايد فيه التوتر بين الصين والغرب، لا سيما في ظل النزاعات التجارية المستمرة والمخاوف الأمنية، وقد أثارت هاتان الزيارتان، رغم عدم ارتباطهما، جدلاً واسعاً حول نهج المملكة المتحدة في علاقتها مع الصين.إعلان

زيارات غير معلنة وسط تزايد المخاوف التجارية والأمنية

يزور دوغلاس ألكسندر، وزير التجارة البريطاني للأمن الاقتصادي والسياسات، بكين هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين، تركز على تعزيز الصادرات البريطانية، ورغم أن الزيارة لم تُعلن عنها الحكومة البريطانية أو الصينية، فمن المفهوم أن ألكسندر سيزور أيضاً هاينان وهونغ كونغ خلال رحلته.
أكد مصدر حكومي للجارديان، أن الزيارة كانت مُخططاً لها مسبقاً، ولم يُحدد موعد لإجراء محادثات محددة بشأن شركة “بريتيش ستيل” أو التوترات التجارية الأوسع بين الصين والولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، يزور الأدميرال السير توني راداكين، قائد الجيش البريطاني، الصين في أول زيارة له منذ عقد. وقد أثارت زيارة راداكين ردود فعل متباينة، إذ تتزامن مع فترة من التدقيق المشدد في تصرفات الصين في هونغ كونغ، وموقفها العدواني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ودعمها لروسيا في الصراع الأوكراني.
وفقًا لوزارة الدفاع الصينية، شملت مناقشات قائد الجيش البريطاني راداكين مع الجنرال ليو تشنلي، رئيس أركان اللجنة العسكرية المركزية الصينية، محادثات حول تعزيز العلاقات العسكرية وتعميق التعاون بين البلدين.

الدبلوماسية العسكرية: أولوية استراتيجية لبريطانيا

في حين ازداد المناخ السياسي بين المملكة المتحدة والصين توترًا، لا سيما في أعقاب تصرفات الصين في هونغ كونغ ودورها في حرب روسيا في أوكرانيا، يُجادل المسؤولون البريطانيون بأن الحفاظ على الاتصالات العسكرية مع الصين أمرٌ حيوي.
تُؤكد زيارة قائد الجيش البريطاني راداكين رغبة المملكة المتحدة في الحفاظ على حوارات عسكرية قوية مع الصين على الرغم من التحديات الجيوسياسية المتزايدة. أعرب راداكين نفسه عن أهمية العلاقات العسكرية في بيانه على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا على ضرورة “القيام بدورنا كدولتين مسؤولتين لهما مصالح عالمية”.
ترى حكومة المملكة المتحدة قيمة في إشراك الصين في “محادثات حازمة” حول السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي منطقة رئيسية تثير قلق الجيش البريطاني، لا سيما فيما يتعلق بالوجود العسكري الصيني ونفوذها في المنطقة.
يُنظر إلى خطاب راداكين في جامعة الدفاع الوطني لجيش التحرير الشعبي، حيث ناقش أهمية التحالفات والنظام الأمني ​​لما بعد الحرب العالمية الثانية، كجزء من هذا الجهد الأوسع للتواصل مع الصين على المستوى الاستراتيجي.

انتقادات وقلق من سياسيين بريطانيين

أثارت الزيارتان المزدوجتان موجة من الانتقادات من بعض السياسيين البريطانيين، ولا سيما أولئك الذين يتبنون موقفًا أكثر تشددًا تجاه الصين. وأعرب إيان دنكان سميث، الزعيم المحافظ السابق، عن قلقه إزاء الزيارتين، متهمًا حكومة المملكة المتحدة بـ”الخضوع” للصين.
وصف الزيارات بأنها “مذهلة”، وجادل بأن معاملة الصين كشريك لا تتسق مع أفعالها، بما في ذلك تجاهلها للاتفاقية الصينية البريطانية بشأن هونغ كونغ واعتقالها لنشطاء الديمقراطية السلميين.
أعرب النائب الليبرالي الديمقراطي أليستير كارمايكل عن هذه المخاوف، متسائلاً كيف يمكن للمملكة المتحدة أن تثق بالصين تجارياً وعسكرياً، بالنظر إلى تاريخها في عدم التعاون في مسائل التجارة والأمن.
أعربت فرانسيس ديسوزا، وهي عضو في البرلمان من حزبين مختلفين، عن قلقها البالغ إزاء سياسة المملكة المتحدة تجاه تايوان، مشيرةً إلى أن هذه الزيارات قوضت أي استراتيجية متماسكة لدعم الجزيرة الديمقراطية.
اقرأ أيضا.. بقبعة ترامب وخطبة لماو.. الصين تسخر من أمريكا وتعلن انتصارًا كاملاً في الحرب التجارية

السياق: الحروب التجارية والتوترات العسكرية

يأتي تواصل المملكة المتحدة مع الصين في وقت تتصاعد فيه التوترات العالمية. وقد تصاعد النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة هذا الأسبوع، مع فرض الرئيس دونالد ترامب رسوماً جمركية بلغت 145% على الواردات الصينية.
ردًا على ذلك، ردّت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 84%، مما يُشير إلى تصعيد حاد في الحرب التجارية الدائرة. أثارت هذه الخطوات مخاوف بشأن مستقبل العلاقات التجارية الدولية، حيث توقع العديد من المحللين أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تفشل في نهاية المطاف في التوصل إلى حل.
يرى البعض أن الموقف الدبلوماسي للمملكة المتحدة هو محاولة للموازنة بين التعاون الاقتصادي والأمن العسكري. وبينما سعت حكومة حزب العمال إلى الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع الصين، أكدت شخصيات بارزة مثل وزير الخارجية ديفيد لامي ووزيرة المالية راشيل ريفز على أهمية العلاقات الاقتصادية طويلة الأمد رغم المخاطر الأمنية.
في غضون ذلك، استضاف وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل، اجتماعًا ضمّ 30 وزير دفاع لمناقشة الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا. وشدد هيلي على ضرورة استمرار الدعم لأوكرانيا، وأهمية إعداد “قوة طمأنة” لنشرها في حال وقف إطلاق النار.
تُبرز هذه المناقشات تركيز المملكة المتحدة على تعزيز تحالفاتها مع الدول الغربية، في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحفاظ على الحوار مع الصين.