اتفاق سد تشرين.. هل ينجح فرقاء سوريا في حماية البنية التحتية من الصراعات المسلحة؟

اتفاق سد تشرين.. هل ينجح فرقاء سوريا في حماية البنية التحتية من الصراعات المسلحة؟

توصلت الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، إلى اتفاق بشأن إدارة سد تشرين الواقع في ريف محافظة حلب الشرقي، يقضي بتحييده من العمليات العسكرية، وتفعيل آلية إشراف مشترك عليه.

إشراف مشترك وإصلاحات فنية لـ سد تشرين

وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” فإن الاتفاق الذي وُصف بأنه ثمرة مفاوضات غير معلنة، ينص على تنفيذ عمليات صيانة وإصلاح عاجلة في السد، بهدف ضمان استمرار خدماته الحيوية، لاسيما في ظل تدهور البنية التحتية في مناطق النزاع.إعلان
كما تم الاتفاق على تشكيل فرق حماية مشتركة من الجانبين، تتولى تأمين السد ومنع استخدامه في الأعمال القتالية، بعد أن تحوّل خلال الأسابيع الماضية إلى بؤرة توتر عسكري.
ويمثل هذا الاتفاق سابقة في العلاقة المتوترة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، ويشير إلى تحول جزئي في ديناميكيات الصراع، حيث تبرز الحاجة للحفاظ على البنى التحتية الاستراتيجية فوق الاعتبارات السياسية والعسكرية.

أهمية استراتيجية واقتصادية لـ سد تشرين

سد تشرين، الذي شُيّد بين عامي 1991 و1999، يقع على نهر الفرات بالقرب من مدينة منبج، وعلى بعد نحو 80 كيلومتراً من الحدود التركية.
وهو أحد أبرز مشاريع الطاقة الكهرومائية في سوريا، حيث تبلغ سعة بحيرته التخزينية نحو 1.9 مليار متر مكعب، وتغطي مساحة تصل إلى 160 كيلومتراً مربعاً عند امتلائها بالكامل.
يؤدي السد دوراً محورياً في تزويد مناطق شمال سوريا بالكهرباء، كما يسهم في ري مساحات زراعية شاسعة، ويعد مصدراً رئيسياً لمياه الشرب وصيد الأسماك، فضلاً عن كونه منطقة جذب سياحي طبيعي.
وتكمن أهمية السد أيضاً في موقعه الجغرافي الحساس، كونه يتوسط مناطق نفوذ متداخلة بين “قسد” والفصائل السورية المدعومة من تركيا.

تحوّل في خطوط التماس

على مدار السنوات الماضية، ظلّ سد تشرين تحت سيطرة قوات “قسد”، التي قامت بتحصين محيطه بأنفاق عسكرية، تحسباً لهجمات محتملة من قبل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة. وقد شهدت المنطقة مؤخراً اشتباكات متكررة، في إطار التصعيد المستمر بين الطرفين.
ومع تصاعد المخاوف من انهيار المرافق الحيوية جراء العمليات العسكرية، برزت الحاجة لتفاهمات ميدانية، تتيح استمرار عمل المنشآت ذات الطابع الخدمي، في ظل غياب تسوية سياسية شاملة.

خطوة نحو التهدئة أم تفاهم موضعي؟

وفق تقارير فرغم أن الاتفاق لا يرقى إلى مستوى تسوية سياسية أو اعتراف متبادل، إلا أنه يعكس نوعاً من البراغماتية في التعامل مع التحديات اليومية التي تواجه السكان، خصوصاً في ما يتعلق بالخدمات الأساسية.
كما يشير إلى إمكانية إنشاء خطوط تواصل ميدانية، قد تُسهم لاحقاً في الحد من التصعيد، أو على الأقل تجنب تضرر البنية التحتية المدنية.
ويرى مراقبون أن نجاح الاتفاق في الصمود على المدى المتوسط سيكون مؤشراً على قدرة الطرفين على إدارة التنافس دون اللجوء إلى التصعيد العسكري، خصوصاً في المناطق ذات الأهمية الحيوية، مثل السدود ومحطات الطاقة والمياه.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الاشتباكات مستمرة في محاور أخرى بين “قسد” والفصائل المدعومة تركياً، يشكل ملف سد تشرين اختباراً مهماً لإمكانية خلق تفاهمات مشابهة في مناطق التماس الأخرى شمال وشرق البلاد.
اقرأ أيضا
تسيطر على 4 سدود..إسرائيل تسرق مياه سوريا وتحتل أراضيها