ضرائب ترامب تُربك ستيلانتس .. بيع ألفا روميو ومازيراتي خيار مطروح

ضرائب ترامب تُربك ستيلانتس .. بيع ألفا روميو ومازيراتي خيار مطروح

تعيش مجموعة ستيلانتس إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في العالم أصعب مراحلها منذ تأسيسها، بعد أن تكبّدت خسائر فادحة في المبيعات والأرباح خلال عام 2024، ما أدى إلى الاستقالة المفاجئة لمديرها التنفيذي كارلوس تافاريس وسط حالة من الغموض والقلق داخل أروقة الشركة.
لكن الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، بل تصاعدت حدتها عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات الأجنبية، ما وضع علامات ستيلانتس، خاصة الإيطالية منها في موقف بالغ الخطورة داخل السوق الأمريكي.إعلان

ستيلانتس في مواجهة العاصفة ومازيراتي وألفا روميو في المقدمة

في قلب الأزمة، تبرز علامتا مازيراتي وألفا روميو كأكبر المتضررين، إذ تُعدّ الولايات المتحدة سوقاً حيوياً للعلامتين، إلا أن غياب مصانع محلية فيهما جعلت من الرسوم الأمريكية الجديدة تهديداً مباشراً لمستقبلهما.
في عام 2024، لم تتمكن ألفا روميو من بيع أكثر من 8,865 سيارة في السوق الأمريكي، بانخفاض نسبته 19% مقارنة بالعام السابق، فيما انهارت مبيعات مازيراتي إلى 4,819 وحدة فقط، وهو مستوى لا يتناسب مع اسم يحمل إرثاً فاخراً كاسم مازيراتي.
هذا التراجع الكبير في الأرقام دفع الشركة إلى إيقاف جميع استثماراتها المستقبلية في مازيراتي، بما يشمل إلغاء مشاريعها الكهربائية التي كانت تُعدّ خطوة محورية للتحول نحو المستقبل، بينما تستمر ألفا روميو مؤقتاً في تطوير الأجيال القادمة من سيارات “ستيلفيو” و”جوليا”، تمهيداً لإطلاقها في 2027.

ستيلانتس

تحالف استشاري أم محاولة إنقاذ أخيرة؟

لمعالجة هذا الوضع المأزوم، استعانت ستيلانتس بشركة الاستشارات العالمية ماكنزي، في مسعى لتحليل الأسباب المعقدة وراء الانهيار وتقديم حلول استراتيجية لإنقاذ العلامتين الإيطاليتين.
هذه الخطوة رغم أهميتها، تعكس أيضاً عمق الأزمة داخل أروقة الشركة، حيث لم تعد حلول التعديل السريع كافية، بل باتت الحاجة ملحّة لإعادة هيكلة جوهرية أو قرارات جذرية.

ووفق تقارير دولية، أبدت شركات صينية كبرى، أبرزها شيري، اهتماماً واضحاً بشراء مازيراتي من ستيلانتس، فيما أكدت مصادر قريبة من الحكومة الإيطالية أن هناك موافقة مبدئية على المفاوضات، إذا ثبت أنها تحفظ الصناعة وتمنع انهيارها التام.
رغم أن مثل هذا الانتقال قد يكون صادماً لعشاق السيارات الأوروبية، فإن واقع السوق واشتداد المنافسة، خصوصاً من صانعين آسيويين، يفرض إعادة النظر في مفاهيم السيادة الصناعية أمام ضرورات البقاء.

انهيار مشروع الكهرباء وبقاء الأمل في ألفا روميو

بينما تم تعليق تطوير مازيراتي بالكامل، لا تزال ألفا روميو تحاول البقاء في المشهد عبر الاستثمار المحدود في جيل جديد من موديلاتها الأساسية، لكن التحديات لا تقتصر على الرسوم الجمركية فقط، بل تشمل التحولات العالمية في توجهات السوق، والتباطؤ الاقتصادي، وتزايد المنافسة من العلامات الكهربائية الناشئة التي تقدم أداءً وتقنيات بأسعار منافسة جداً.
من الواضح أن ما تواجهه ستيلانتس لا يُعد أزمة مبيعات موسمية أو ضعفاً في الأداء التشغيلي فقط، بل هو اختبار حقيقي لقدرة التحالفات العملاقة على التكيّف مع واقع جديد في صناعة السيارات، حيث تتدخل السياسة بحدة، وتتبدل أولويات المستهلكين، وتزداد الحاجة للرشاقة في اتخاذ القرارات.
فهل ستنجح ستيلانتس في احتواء تداعيات هذه العاصفة، أم نشهد خلال الفترة القادمة تغييرات تاريخية تنقل رموز الصناعة الإيطالية إلى ملكية جديدة؟
لا شك أن ستيلانتس تمر بمرحلة مفصلية، عنوانها الرئيسي “النجاة أو التفكك”، وتبقى كل الخيارات مفتوحة، من إعادة الهيكلة، إلى التصفية الجزئية، وصولاً إلى البيع، في المقابل، تتحرك الشركات الصينية بهدوء، مستفيدة من ثقلها المالي والدبلوماسي، لاقتناص فرص استراتيجية تعيد رسم خارطة النفوذ الصناعي حول العالم.