بعد انقطاع دام 6 أشهر.. سوق دمشق يعود بشكل متجدد ويبعث برسائل قوية للاقتصاد السوري

في خطوة طال انتظارها، أُعيد افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية اليوم، الاثنين، بعد توقف دام قرابة ستة أشهر، وسط حضور رسمي لافت ومشاركة واسعة من المستثمرين والتجار والشخصيات الاقتصادية.
ولم يكن هذا الحدث، الذي جاء في أجواء احتفالية، مجرد استئناف تقني للتداول، بل حمل في طياته رسائل اقتصادية وسياسية واضحة عن بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد السوري، كما وصفه وزير المالية السوري الدكتور محمد يسر برنية.
انطلاقة جديدة تحمل رسائل سياسية واقتصادية
وأكد برنية، خلال الافتتاح، أن عودة السوق تمثل “رسالة بأن الاقتصاد بدأ بالتحرك نحو الانتعاش، وأن سوريا تتجه بثبات نحو مستقبل أكثر استقرارا في بيئة الأعمال”. وشدد على أن هذه الخطوة جزء من تحول استراتيجي، حيث سيتم تحويل سوق دمشق إلى كيان خاص، ليكون مركزا فعالا لجذب الاستثمارات، ومواكبة التحول الرقمي؛ بحسب وكالة الأنباء السورية “سانا”.
التحول إلى شركة خاصة ومواكبة رقمية
وتحدث برنية بإسهاب عن رؤية الحكومة الاقتصادية الجديدة، والتي ترتكز على مفاهيم العدالة، والإنصاف، وتمكين القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هناك فرصا استثمارية واعدة سيتم العمل على تسهيل الوصول إليها. كما أوضح أن السوق سيكون في قلب خطة إصلاحية تهدف إلى تعزيز الثقة بالمؤسسات المالية السورية وتحفيز بيئة الأعمال في البلاد.
وأشار إلى أن عملية إعادة الافتتاح جاءت بعد استكمال إجراءات تنظيمية صارمة، تتضمن التأكد من سلامة الامتثال، مكافحة غسل الأموال، واستقرار الإفصاحات المالية للشركات المدرجة. كما أعلن أن استئناف التداول سيبدأ تدريجيا، بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع خلال المرحلة الأولى.
مؤشرات مشجعة قبل التوقف
وتعود أهمية إعادة الافتتاح إلى الأداء القوي الذي سجله السوق قبل إغلاقه نهاية عام 2024. فقد بلغ حجم التداول في الربع الرابع نحو 29 مليون سهم، بقيمة تجاوزت 101 مليار ليرة سورية، بينما سجل المؤشر العام في نوفمبر 2024 رقما قياسيا تاريخيا بلغ 108 آلاف نقطة، ما عكس آنذاك ثقة كبيرة في السوق من قبل المستثمرين.
التحديات السابقة والهدف من التوقف
وكان توقف السوق في ديسمبر 2024 ناتجا عن الحاجة إلى تقييم شامل للوضع التشغيلي والمالي للشركات المدرجة، إضافة إلى الرغبة في الحد من التلاعب وغسل الأموال. وقد اتخذت الحكومة هذه الخطوة كإجراء وقائي لإعادة بناء الثقة وضمان شفافية أكبر في المعاملات.
التفاؤل الحذر سائد
ووصف الدكتور باسل أسعد، المدير التنفيذي لسوق دمشق، يوم الافتتاح بـ”التاريخي”، مؤكدا جاهزية السوق للعب دور أوسع وأكثر تأثيرا في سوريا الجديدة. وقال: “رغم الإمكانات المحدودة، نجحنا في الحفاظ على الشفافية وحقوق المستثمرين، ونتطلع إلى مرحلة توسع استثماري قادمة”.
كما اعتبر الدكتور عبد الرزاق القاسم، رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية، أن هذه العودة تشكل فصلا جديدا في تاريخ القطاع المالي السوري، وتعد فرصة حقيقية لبناء سوق قوي يعتمد على الثقة والانفتاح.
اقرأ أيضا.. أسعار الذهب في سوريا اليوم الاثنين 2 يونيو| صعود جديد يكسر حالة التراجع
الطريق نحو استقرار مالي مستدام
وفي ختام الحفل، أعاد الوزير برنية التأكيد على التزام الحكومة بتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية لتمكين السوق من أداء دور فعّال في تعزيز الاقتصاد السوري واستقطاب رؤوس الأموال.
وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية اقتصادية أوسع تهدف إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وإعادة بناء الثقة في المؤسسات الوطنية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد.