من البداية إلى التصدير في أقل من عام: المصانع الصينية في مصر تُبرز التزامها بالإنجاز

رسّخت الشركات الصينية حضورها كمثال للجِدِّية والالتزام؛ حيث نجحت في تنفيذ وتشغيل عدد من المصانع الكبرى داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال فترات زمنية قياسية، بل وبدأت التصدير قبل مرور عام كامل على وضع حجر الأساس.
وتُعد مشروعات شركتي “شين شينج” لمواسير الدكتايل و“إيجيبت كادي” للمنسوجات نموذجين بارزين لهذا الاتجاه، بعدما أُنجزت مراحل الإنشاء والإنتاج والتصدير في وقت استثنائي، ما يُؤكد فاعلية النموذج الصناعي الصيني في مصر، وجدوى الشراكة مع المطور الصناعي “تيدا – مصر”.
“شين شينج”.. صناعة استراتيجية من الصين إلى الأسواق العالمية
في أقل من 13 شهرًا من بدء الإنشاء، افتتحت شركة “شين شينج” الصينية مصنعها المتخصص في إنتاج مواسير حديد الدكتايل داخل منطقة تيدا الصناعية بالسخنة، باستثمارات تبلغ 150 مليون دولار وعلى مساحة 270.5 ألف متر مربع.
من داخل مصنع شين شينج الصيني لإنتاج مواسير الدكتايل
ويوفر المصنع نحو 920 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتصل طاقته الإنتاجية إلى 250 ألف طن سنويًا. ويُعد المشروع مساهمة مباشرة في خفض فاتورة الاستيراد وتوطين صناعة المواسير، التي تُستخدم على نطاق واسع في مشاريع البنية التحتية والمرافق.
من داخل مصنع “شين شينج” الصيني لإنتاج مواسير الدكتايل
ومع بدء التشغيل الفعلي، وقّعت الشركة خمسة تعاقدات تصديرية بقيمة إجمالية 86 مليون دولار لصالح مشروعات في السعودية، الكويت، العراق، تونس، والأردن. كما وقعت أربعة عقود لتوريد منتجاتها لعدد من المشروعات القومية المصرية، أبرزها العاصمة الإدارية، مشروع “جنة”، ومحطات مياه في أسوان، إضافة إلى عقد مع السعودية لمشروع الدائري الثالث بمكة، بإجمالي قيمة تجاوزت 34.5 مليار جنيه.
رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقيات مع شين شينج الصينية“إيجيبت كادي”.. من أكتوبر إلى التشغيل في 12 شهرًا
أما شركة “إيجيبت كادي” للمنسوجات، فأنشأت مصنعها المتكامل خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024، وبدأ التشغيل التجريبي في يناير 2025. ويقع المصنع داخل نطاق منطقة تيدا بالسخنة، على مساحة 250 ألف متر مربع، ويضم خطوطًا متكاملة للإنتاج تشمل: الغزل، والنسيج، والصباغة، والطباعة.
من حفل وضع حجر أساس مصنع كادي ايجيبت 2023
وتبلغ استثمارات المشروع 100 مليون دولار، ويوفر أكثر من 4500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتصل طاقته الإنتاجية السنوية إلى 10 آلاف طن من الأقمشة. وتُخطط الشركة لتحقيق مبيعات سنوية بقيمة 35 مليون دولار، مع الانتهاء من المرحلة الثانية للمصنع في ديسمبر 2025.
من داخل مصنع “إيجيبت كادي” للمنسوجات أحد مصانع مدينة تيدا الصناعية
ويُعد هذا المصنع واحدًا من أكبر مشروعات الصناعات النسيجية داخل المنطقة الاقتصادية، حيث تم تزويده بأحدث تقنيات الإنتاج ومراعاة المعايير البيئية، إلى جانب إنشاء مختبرات للبحث العلمي والابتكار، دعمًا لجودة وتنافسية المنتجات.
إنتاج مصنع “إيجيبت كادي” للمنسوجات“تيدا – مصر”.. مدينة صناعية صينية تنمو على أرض مصر
تُعد شركة “تيدا مصر” أحد أهم المطورين الصناعيين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتمثل الذراع الاستثمارية لتحالف صيني حكومي يدير عددًا من المناطق الصناعية العالمية. ومنذ انطلاقها قبل أكثر من 10 سنوات، استطاعت تيدا أن تطور واحدة من أنجح المناطق الصناعية في مصر، من حيث سرعة الإنشاء، وتنوع الاستثمارات، وجدية التنفيذ.
بدأت الشركة أعمالها بتطوير منطقة صناعية على مساحة 1.34 كيلومتر مربع، جرى تشغيلها بالكامل، ثم توسعت لتطوير امتداد جديد بمساحة 6 كيلومترات مربعة، قبل أن تحصل مؤخرًا على 3 ملايين متر مربع إضافية، ليرتفع إجمالي أراضيها إلى 10 ملايين متر مربع.
وتدرس تيدا حاليًا الحصول على توسعات جديدة بمساحة إضافية تصل إلى 10 ملايين متر مربع، تُقسم على ثلاث مراحل، وذلك لاستيعاب تدفق الاستثمارات الصينية، خاصةً في مجالات الصناعات الهندسية، المنسوجات، التكنولوجيا، والكيماويات.
من 220 إلى 1000 مصنع.. طموح يمتد حتى 2030
بدعم من هذه التوسعات، تستهدف “تيدا – مصر” رفع عدد المصانع الصينية العاملة داخل منطقتها من 220 حاليًا إلى نحو 1000 مصنع بحلول عام 2030، في إطار مشروع طموح لتحويل المنطقة إلى مدينة صناعية صينية متكاملة على ساحل البحر الأحمر.
وتمثل هذه التوسعات خطوة استراتيجية كبرى لدعم توجه الدولة نحو توطين الصناعة وزيادة الصادرات، بالاعتماد على نموذج متكامل يجمع بين التصنيع، والبحث والتطوير، والبنية التحتية، والتصدير عبر موانئ السخنة المرتبطة مباشرة بالمناطق الصناعية.
نموذج تكاملي في التنفيذ والتصدير
أكد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن التعاون بين الهيئة والمطور الصناعي “تيدا – مصر” مكّن من تسريع وتيرة التنفيذ، موضحًا أن ما تحقق يعكس رؤية الهيئة لتوطين الصناعة وتعزيز الصادرات، وتحويل المنطقة إلى منصة إنتاجية متكاملة مرتبطة بسلاسل الإمداد العالمية.
اقرأ أيضا.. مصر تتحول إلى قاعدة صناعية لقطارات “ألستوم” وأثاث “إيكيا”
وأوضح أن عام 2025 هو بحق “عام الافتتاحات”، بعد أن بلغت التعاقدات الصناعية المنفذة داخل المنطقة أكثر من 274 مشروعًا، يجري تشغيلها تباعًا، في ظل تكامل البنية التحتية والتشريعات المحفزة، وهو ما يجعل من الاستثمار الصيني في مصر حالة خاصة من الجدية والالتزام ونقل التكنولوجيا.