المعارضة تعتبره جنونًا.. هل سينقلب سلاح ميليشيا أبو شباب ضد نتنياهو؟

المعارضة تعتبره جنونًا.. هل سينقلب سلاح ميليشيا أبو شباب ضد نتنياهو؟

في خطوة أثارت عاصفة من الانتقادات داخل إسرائيل وخارجها، كشفت مصادر عبرية عن شروع ميليشيا أبو شباب التي تتلقى دعمًا مباشرًا من الحكومة الإسرائيلية في تجنيد عناصر داخل مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وبحسب تقارير فإن الميليشيا، التي يقودها ياسر أبو شباب، بدوي من سكان رفح، تُقدَّم كقوة ميدانية تهدف إلى مواجهة نفوذ حركة حماس، لكن معارضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحذرون من أن “الوصفة الجديدة” قد تعيد سيناريوهات دامية سبق أن دفعت إسرائيل ثمنها.

اعتراف نتنياهو بتسليح ميليشيا أبو شباب

بدأت خيوط القصة تتكشف عندما أعلن وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بتسليح جماعة في غزة تتكون من “مجرمين ومخالفين للقانون، بعضهم من أتباع تنظيم داعش”.

وعلى إثر التصريح، سارع نتنياهو إلى تأكيد التسليح، معتبرًا أن الخطوة “جيدة وتنقذ حياة الجنود الإسرائيليين”.

لكن الاعتراف لم يمر مرور الكرام، إذ وصفته أطراف معارضة داخل الكنيست بـ”الجنون الكامل”، محذرين من ارتداد هذا السلاح في وجه إسرائيل نفسها، كما حدث مع حماس في ثمانينات القرن الماضي حينما دعمتها إسرائيل بشكل غير مباشر لمواجهة منظمة التحرير الفلسطينية، قبل أن تتحول الحركة إلى الخصم الأخطر على حدودها الجنوبية.

ميليشيا أبو شباب

بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن الميليشيا التي يقودها أبو شباب تنشط في التهريب والابتزاز، ولا تبدي أي التزام تجاه القضية الفلسطينية، بل تعمل وفق مصالح عشائرية وشخصية بحتة.

مسؤول أمني إسرائيلي، لم تُكشف هويته، أكد للصحيفة أن هذه الجماعة “تنهب المساعدات وتبتز المدنيين وتفتقر لأي أفق سياسي”.

وفي منشور على “فيسبوك”، دعا أبو شباب سكان رفح إلى التطوع في “لجان إدارية” لتولي إدارة المناطق التي تسيطر عليها ميليشياته، وهي خطوة تُوحي بمحاولة فرض واقع ميداني جديد في جنوب غزة، يتجاوز مجرد العمل العسكري إلى مشروع حكم محلي ينازع حماس في سلطتها.

حماس وميليشيا أبو شباب

من جهتها، أصدرت حركة حماس بيانًا شديد اللهجة وصفت فيه هذه الجماعة بأنها “عصابات مسلحة امتهنت الخيانة والسرقة، وتتحرك تحت إشراف أمني صهيوني مباشر”.

وأضافت أن هذه العناصر “أدوات رخيصة بيد الاحتلال، وعدو حقيقي لشعبنا الفلسطيني”.

وأشارت الحركة إلى أن عناصر الميليشيا شاركوا في عمليات نهب للمساعدات الإنسانية التي تدخل عبر المعابر، وأن بعضهم متورط في إعادة بيعها بأسعار باهظة في السوق السوداء، في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على القطاع منذ سنوات.

جدل داخل إسرائيل حول دعم ميليشيا أبو شباب

وفق تقارير عبرية، فإن الخطوة أثارت أيضًا انقسامًا حادًا داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. ففي الوقت الذي دافع فيه نتنياهو عن القرار بوصفه “تكتيكًا فعالًا لمواجهة حماس”، أكدت مصادر أن رئيس الأركان الإسرائيلي لم يكن على علم مسبق بعملية التسليح، وأنها تمت بالتنسيق بين مكتب رئيس الوزراء وجهاز الشاباك.

رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، أعلن في اجتماع داخل الكنيست أنه لم يُبلغ بالقرار، معتبرًا أنه يعكس “فوضى في اتخاذ القرار داخل الحكومة، وغياب أي استراتيجية طويلة الأمد”.

أما ليبرمان، فذهب أبعد من ذلك، محذرًا من أن السلاح الذي يُنقل إلى هذه الميليشيات “سينقلب ضدنا، كما حدث في مرات سابقة”، في إشارة ضمنية إلى دروس الماضي مع فصائل دعمتها إسرائيل ثم تحولت إلى تهديد مباشر.

سيناريوهات المستقبل

يذهب مراقبون إلى أن إسرائيل، من خلال دعم ميليشيا غير منضبطة، قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الفوضى في غزة.

هذا السيناريو قد يخدم مؤقتًا الأهداف العسكرية الإسرائيلية، لكنه يحمل في طياته خطر الانفلات الأمني وتوسع رقعة النزاع الداخلي، بما في ذلك إمكانية نشوء “حكم عسكري غير معلن” تحت غطاء الميليشيات.

ويرى محللون أن هذه الخطوة ليست معزولة عن هدف أوسع يسعى إليه اليمين الإسرائيلي، وهو إعادة تقسيم غزة إلى “مربعات أمنية” تسيطر عليها أطراف متعددة ومتصارعة، ما يضعف حماس ويمنع إعادة تشكّل سلطة مركزية قوية في القطاع.

لكن في المقابل، لا يُستبعد أن تجد إسرائيل نفسها قريبًا أمام ميليشيا مسلحة تعرف جغرافيًا وأمنيًا تضاريس القطاع، وقد تنقلب ولاءاتها حين تتعارض مصالحها مع التعليمات الإسرائيلية، خاصة في حال نشوء صراعات داخلية على الغنائم أو النفوذ.

اليوم، ومع اعتراف نتنياهو العلني بتسليح جماعة ميدانية داخل غزة، تعود المخاوف ذاتها إلى الواجهة. فهل ينجح رهانه على ميليشيا أبو شباب؟ أم أن هذا “السلاح المتوحش” سيرتد في نهاية المطاف إلى صدر صانعه؟

اقرا أيضا.. هجوم بالطائرات والمسيرات الإسرائيلية في عرض البحر.. ماذا حدث لـ سفينة الحرية “مادلين”؟