بعد عزله لمخالفته الدستور.. كوريا الجنوبية تبدأ محاكمة الرئيس المتمرد- وهذا ما ينتظره

تنطلق، صباح الإثنين، أول محاكمة جنائية من نوعها في تاريخ كوريا الجنوبية لرئيس سابق، وذلك بعد أقل من أسبوعين على عزل الرئيس يون سوك يول من منصبه، على خلفية إعلانه الأحكام العرفية بصورة مفاجئة ومخالفة للدستور في ديسمبر الماضي.
وبحسب وسائل إعلام، فإن الجلسة التي تعقدها محكمة مقاطعة سول المركزية في تمام الساعة العاشرة صباحًا، ستكون بداية لسلسلة محاكمات قد تعيد رسم مشهد السلطة في البلاد، في وقت لا تزال فيه الصدمة تسيطر على الرأي العام الكوري نتيجة ما اعتُبر “محاولة انقلاب ناعمة”.إعلان
اتهام رئيس كوريا الجنوبية بقيادة تمرد
ويواجه الرئيس السابق اتهامًا خطيرًا هو “قيادة تمرد” عقب إعلانه الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر الماضي، ومحاولته استخدام القوات المسلحة للسيطرة على الجمعية الوطنية (البرلمان) في خطوة أثارت مخاوف من العودة إلى ممارسات الحكم العسكري في البلاد.
وتنص المادة القانونية الخاصة بهذا الاتهام على إمكانية الحكم بالإعدام أو السجن مدى الحياة في حال الإدانة، ما يجعل المحاكمة الحالية الأخطر في سجل المحاكمات الرئاسية في كوريا الجنوبية، رغم أن أربعة رؤساء سابقين خضعوا لمحاكمات جنائية في العقود الماضية.
شهادات أمنية حاسمة ضد رئيس كوريا الجنوبية المعزول
من المنتظر أن يشهد اليوم الأول من المحاكمة مثول اثنين من كبار القادة العسكريين السابقين على منصة الشهود، وهما تشو سونغ هيون، قائد المجموعة الأمنية الأولى لقيادة الدفاع في العاصمة، وكيم هيونغ كي، قائد كتيبة القوات الخاصة الأولى التابعة لقيادة الحرب الخاصة.
وكان تشو قد أدلى بشهادة مهمة خلال محاكمة العزل أمام المحكمة الدستورية، أكد فيها أنه تلقى أوامر مباشرة من قائد الدفاع في العاصمة آنذاك، لي جين وو، لإرسال وحدات لسحب النواب من مبنى البرلمان بعد إعلان الأحكام العرفية.
إجراءات أمنية مشددة وحضور إلزامي
بحسب ما أفادت به وكالة “يونهاب” الكورية، سيتوجب على يون المثول شخصيًا أمام المحكمة، مع اتخاذ ترتيبات أمنية مشددة تشمل دخوله من موقف سيارات تحت الأرض لتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين أو الصحفيين. ولن يُسمح لوسائل الإعلام بالتصوير داخل قاعة المحكمة قبيل بدء الجلسة.
في بداية الجلسة، يتعين على الرئيس السابق أن يعلن اسمه وتاريخ ميلاده ومهنته ومكان إقامته، قبل أن يقوم الادعاء بقراءة لائحة التهم الموجهة إليه.
من القصر إلى الحياة الخاصة
عقب تثبيت قرار عزله، انتقل يون، رفقة زوجته وأكثر من عشرة قطط، من المقر الرئاسي إلى منزله الخاص في سيول يوم الجمعة الماضي.
وصرح لوسائل الإعلام أثناء مغادرته: “اليوم أعود إلى الحياة كمواطن عادي. أشكر كل من وقف إلى جانبي، وسأبحث عن طريق جديد لخدمة أمتنا وشعبنا”.
وقد حرص أنصاره على وداعه أمام مقر إقامته السابق، حيث لوّح بقبضتيه في الهواء وصافح بعضهم، بينما ذرف آخرون الدموع تأثرًا بلحظة خروجه.
وفي سياق متصل، أعلنت السلطات الأمنية تشكيل فريق خاص من نحو 40 عنصرًا لتوفير الحماية للرئيس المعزول، وهي حماية يحق له الحصول عليها لمدة تصل إلى عشر سنوات، بموجب القانون الكوري.
لحظة مفصلية في الديمقراطية الكورية
بحسب تقارير تمثل هذه المحاكمة اختبارًا حقيقيًا للمؤسسات الدستورية في كوريا الجنوبية، وتعيد إلى الواجهة نقاشًا قديمًا حول حدود السلطة التنفيذية، ومدى قدرة النظام الديمقراطي على احتواء الأزمات دون الانزلاق نحو العنف أو عسكرة الحياة السياسية.
ويرى مراقبون أن الحكم المنتظر في هذه القضية قد يحدد مستقبل الحياة السياسية في البلاد لسنوات قادمة، سواء أُدين يون أم تمت تبرئته.