ذكريات أسامة أنور عكاشة: من العمل كأخصائي اجتماعي إلى النجومية عبر “الشهد والدموع”

ذكريات أسامة أنور عكاشة: من العمل كأخصائي اجتماعي إلى النجومية عبر “الشهد والدموع”

تحل اليوم 28 مايو، الذكرى الخامسة عشر على رحيل الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، الذي غير وجه الدراما الاجتماعية، بكلماته وشخصياته التي لا تزال حية في وجدان الجمهور.

بداية الرحلة

ولد أسامة أنور عكاشة في 27 يوليو 1941 بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، لأسرة بسيطة، رحلت عنه والدته عندما كان طفلا لم يتجاوز السادسة، وكان لذلك أثر كبير على حياته حياته وأعماله.

 درس أسامة علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس، وبعد تخرجه عام 1962، عمل أخصائيا اجتماعيا ثم مدرسا، وهي مهن صقلت نظرته العميقة للإنسان المصري، وهيمنت على أعماله الفنية والأدبية لاحقا.

رحلة من الأدب إلى الدراما 

بدأ عكاشة مشواره الأدبي بكتابة القصص والروايات، ثم انطلق إلى عالم الدراما من أوسع أبوابه عبر مسلسل الشهد والدموع، الذي كتب جزأيه في الثمانينات، محققا نجاحا كبيرا أعاد للدراما المصرية مكانتها وشعبيتها.

مرآة دقيقة للمجتمع المصري

برزت أعمال الراحل التلفزيونية كمرآة دقيقة للمجتمع المصري، ويعتبر مسلسل ليالي الحلمية، درة أعماله، إذ صور من خلاله التغيرات الاجتماعية والسياسية في مصر من الأربعينات وحتى التسعينات، مجسدا شخصيات مثل سليم البدري وعلي البدري التي باتت رموزا للأجيال.
أما مسلسل أرابيسك، فقد ناقش صراع الهوية الشرقية مع قيم الحداثة المادية، بينما تناول في الراية البيضا، صدام الطبقة الأرستقراطية القديمة مع صعود طبقة المال الجديدة، وفي مسلسل زيزينيا، قدم التوليفة الخاصة به عن أزمات الهوية والحب والمعني الأعمق للوجود، وفي رحلة أبو العلا البشري، قدم تجسيدا للفيلسوف الحائر الباحث عن الحق في عالم يتغير.

تكريمات عديدة وقاعة تحمل اسمه

لم يكن عكاشة مجرد كاتب دراما، بل كان مفكرا صاحب مشروع إنساني وفكري واضح، يسعى دائما إلى التنوير، وتحليل المجتمع من الداخل حتى يتمكن من صياغة أزماته، كما كانت له مساهمات أدبية لا تنسى، من أبرزها: منخفض الهند الموسمي، أحلام في برج بابل، ورواية الإسكندراني التى قام المخرج خالد يوسف، بتحويلها إلى فيلم سينمائي عام 2024.

كما ترك أسامة أنور عكاشة، بصمته في الصحافة من خلال العديد من المقالات النقدية، ولم يتوقف عن الكتابة حتى يوم وفاته، فكان يكتب ليحيا، كان أسلوبه يجمع بين البساطة والعمق، واستطاع أن يقدم السياسة مغلفة بالحياة اليومية دون مباشرة أو شعارات، وكانت حواراته غنية بالمضامين الفلسفية والإنسانية، ما جعله رائدا في صناعة الدراما الجادة. 

حصل عكاشة على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2008، وتم تكريمه في أكثر من مهرجان فني، وأُطلق اسمه على قاعة الدراما باتحاد الإذاعة والتلفزيون بعد وفاته.

رحل أسامة أنور عن عالمنا في عام 2010، عن عمر 68 عاما، تاركا خلفه إرث لا يقدر بثمن من أعمال فنية وأدبية ستظل تخلد ذكراه، كالأب الروحي للدراما المصرية.