طنجة المتوسط يعزز مكانة المغرب كقوة صناعية منافسة لإسبانيا في مجال صناعة السيارات

تحوّل المغرب في السنوات الأخيرة إلى فاعل رئيسي في صناعة السيارات على الصعيد المتوسطي، ما أثار قلقًا متناميًا لدى إسبانيا التي تجد في جارتها الجنوبية منافسًا حقيقيًا ومتسارع النمو، مدعومًا بموقع استراتيجي وبنية تحتية متقدمة وقوة عاملة شابة.
وفي هذا السياق، أفرد موقع Eldebate Motor الإسباني المتخصص في قطاع السيارات، تقريرًا وُصف فيه ميناء طنجة المتوسط بـ”الفرعوني”، مؤكدًا أنه أصبح محورًا لوجستيًا عالميًا حول المغرب إلى ما وصفه بـ”العدو الصناعي الأول لإسبانيا في مجال السيارات”.
ويتمتع الميناء، الذي لا يبعد سوى 15 كيلومترًا عن السواحل الإسبانية، بإمكانيات لوجستية تسمح بنقل البضائع نحو مدن أوروبية كبرشلونة ومرسيليا في أقل من 24 ساعة، ما يجعله نقطة وصل مثالية بين إفريقيا وأوروبا.
أبرز التقرير أن المغرب اعتمد على هذا المركز التجاري الحيوي كنقطة انطلاق لترسيخ مكانته كمصنع سيارات أوروبا، وهو ما يتم بشكل متسارع وعلى حساب القدرات الصناعية الإسبانية.
ووفقًا لنفس المصدر، سبق لكارلوس تافاريس، المدير التنفيذي السابق لمجموعة “ستيلانتيس”، أن وجّه تحذيرًا واضحًا لإسبانيا مفاده أن “الخطر الحقيقي على صناعة السيارات الإسبانية لا يأتي من الشمال، بل من الجنوب”، في إشارة إلى النمو السريع في الإنتاج المغربي.
كما كشف تافاريس أن المغرب يعتزم رفع طاقته الإنتاجية إلى مليون سيارة سنويًا خلال عام 2025، وهو ما يمثل ضعف الرقم المسجل في 2024.
في المقابل، تعاني إسبانيا من تراجع في الأداء الصناعي، حيث لم يتجاوز إنتاجها 2.3 مليون سيارة في 2024، مع انخفاض بلغ 9% في الربع الأول من السنة، مما يعزز القلق بشأن قدرتها على الحفاظ على موقعها التنافسي في السوق الأوروبية.
من جهته، واصل ميناء طنجة المتوسط تحطيم الأرقام القياسية، حيث شهد في عام 2023 نقل 578,446 مركبة من علامتي “رونو” و”ستيلانتيس”، بالإضافة إلى نحو نصف مليون شاحنة، فضلًا عن معالجة 8.6 مليون حاوية.
هذه الأرقام رسخت مكانته كأكبر ميناء في إفريقيا، وأحد أبرز الموانئ العالمية من حيث الكفاءة والخدمات اللوجستية.
تأتي هذه التطورات في وقت تتسارع فيه الاستثمارات الدولية في القطاع الصناعي المغربي، بفضل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وانخراط المملكة في شراكات استراتيجية مع مجموعات صناعية كبرى.
ومع ترسخ مكانته كمنصة صناعية وتصديرية متقدمة، يبدو أن المغرب في طريقه لأن يصبح ليس فقط منافسًا لإسبانيا، بل شريكًا صعب المراس في سباق السيطرة على صناعة السيارات بالمتوسط وأوروبا.