أزمة البطالة تُحكم قبضتها على المغرب.. والشباب وحاملو الشهادات في قلب المعاناة

أزمة البطالة تُحكم قبضتها على المغرب.. والشباب وحاملو الشهادات في قلب المعاناة

تواصل أزمة البطالة في المغرب تشكيل تهديد كبير للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، حيث تتفاقم التحديات في سوق العمل مع زيادة معدلات البطالة في أوساط الشباب وحاملي الشهادات.

ورغم الجهود الحكومية المعلنة، لا يزال المواطن المغربي يعيش في واقع يتسم بمؤشرات سلبية تعكس فشل السياسات المتبعة في خلق فرص عمل مستدامة.

في ظل هذه الأوضاع، أضحى الواقع الاقتصادي في المغرب غير قادر على استيعاب الكم الهائل من العاطلين عن العمل، وهو ما دفع الوزير المكلف بالإدماج الاقتصادي، يونس السكوري، إلى الكشف عن معطيات صادمة في ندوة وطنية نظمت في الدار البيضاء حول “واقع البطالة وآفاق التشغيل”.

في هذه الندوة، سلط الوزير الضوء على التحديات الجمة التي تواجه سوق العمل، مشيرًا إلى تراجع قدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب اليد العاملة، خاصة من الفئات القروية والشباب حاملي الشهادات.

وأوضح السكوري أن القطاعات الحيوية مثل البناء والأشغال العمومية والتجارة، التي كانت تشكل رافعة لامتصاص البطالة، قد فقدت الكثير من قدرتها على توفير الوظائف، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن تداعيات التضخم المستورد والأوضاع الجيوسياسية الدولية.

وأشار إلى أن سوق العمل يشهد ضغوطًا مركبة نتيجة لهذا التراجع في هذه القطاعات، وهو ما ينعكس في ازدياد تدفقات اليد العاملة من المناطق القروية إلى المدن بمعدل يتراوح بين 150 و200 ألف شخص سنويًا، مقارنة بما كان عليه الحال في السنوات الماضية.

وتابع السكوري بأن قطاع البناء فقد ما بين 25 إلى 30 ألف فرصة شغل في العامين الأخيرين، فيما فقد القطاع التجاري حوالي 60 ألف وظيفة.

وفي الوقت ذاته، سلط الضوء على فقدان 500 ألف وظيفة في مجال التشغيل الذاتي، مشيرًا إلى أن هذا الوضع يعكس تغييرات في سلوكيات بعض العاملين غير المهيكلين، الذين توقفوا عن التصريح بمداخيلهم رغبة في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.

وفي الوقت الذي تسجل فيه بعض القطاعات المهيكلة نمواً طفيفاً في وظائف الأجر الثابت، أكد السكوري أن الوضع يتطلب مراجعة شاملة للسياسات العمومية المتعلقة بالتشغيل. ودعا إلى التركيز على تأهيل الفئات النشيطة وملاءمة مخرجات التكوين مع احتياجات سوق العمل، إلى جانب تعزيز المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها محركًا رئيسيًا للتشغيل.

في ظل تزايد المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير فرص العمل، يظل ملف البطالة من الملفات الساخنة التي تتطلب استجابة حقيقية تتجاوز التصريحات الحكومية والوعود الخيالية. تحتاج البلاد إلى إجراءات ملموسة تترجم التزامات الدولة إلى واقع يعكس تحسن الأوضاع في حياة المواطن المغربي.