رغم الإمكانيات.. لماذا يتأخر المغرب في سباق التحول الرقمي ؟

رغم الأهمية الاستراتيجية للتحول الرقمي في تعزيز فعالية الإدارة وتحسين جودة الخدمات العمومية، لا يزال المغرب متأخراً في هذا المسار مقارنة بدول عربية أخرى، وفقاً لتقرير “مؤشر نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية والمحمولة لسنة 2024” الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
فقد صنّف التقرير المغرب ضمن فئة “النضج المبكر”، بمنحه معدل 0.48 بعد تحليل 70 خدمة رقمية تقدمها 33 مؤسسة وهيئة حكومية، تشمل قطاعات حيوية مثل التعليم، الصحة، العدالة، والشؤون الداخلية.
ورغم التحسن النسبي الذي تم تسجيله في مجالات مثل تصميم الخدمات وسهولة استخدامها، بيّن التقرير أن عدداً من الإشكالات لا تزال قائمة، أبرزها ضعف التكامل بين المنصات الإلكترونية، غياب المحتوى التفاعلي وخدمات الدعم الفوري، فضلاً عن ضعف الحملات التوعوية التي تعرف المواطنين بالخدمات الرقمية المتاحة.
في المقابل، نجحت مصر في تحقيق تقدم نوعي جعلها تصنف ضمن فئة “النضج المتقدم” بمعدل 0.66، نتيجة استراتيجية شاملة ركزت على رقمنة القطاعات المالية والقضائية والتعليمية، بالإضافة إلى اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أما الجزائر وتونس، فقد سجلتا معدلات 0.44 و0.50 على التوالي، ما يضعها إلى جانب المغرب في فئة “النضج المبكر”، ويبرز القواسم المشتركة في التحديات التي تعوق التقدم الرقمي، ومنها ضعف البنية التحتية التقنية والتنسيق بين المؤسسات الحكومية.
أما على مستوى دول الخليج، فقد واصلت تسجيل أفضل المؤشرات عربياً، حيث جاءت السعودية في الصدارة بمعدل 0.91، تلتها الإمارات بـ0.87، ثم قطر بـ0.83، وكلها مصنفة ضمن فئة “النضج المتقدم جداً”.
ويُعزى هذا التميز إلى التزامها باستراتيجيات رقمية وطنية واضحة، واستثمارها المكثف في البنية التحتية واعتمادها تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، البيانات المفتوحة، والمنصات الموحدة لتقديم الخدمات.
وفي توصياته، دعا تقرير الإسكوا السلطات المغربية إلى إطلاق إصلاحات هيكلية مستعجلة لتسريع وتيرة الرقمنة، مع التركيز على توحيد أنظمة الحوكمة الرقمية، وتحسين التنسيق بين الهيئات العمومية. كما شدد على أهمية رقمنة القطاعات الحيوية مثل العدالة، المالية، والمرافق العمومية، بالإضافة إلى ضرورة تحسين تجربة المستخدم من خلال دعم رقمي فوري، وزيادة التفاعل مع المواطنين.
كما أبرز التقرير الحاجة إلى تطوير بيئة تنظيمية داعمة للابتكار، تُشجع على تبني تقنيات حديثة تستجيب لتطلعات المواطنين وتُحسّن جودة الأداء الإداري.