هل تصمد الاستراتيجية المغربية للأمن السيبراني أمام التهديدات المتزايدة؟

هل تصمد الاستراتيجية المغربية للأمن السيبراني أمام التهديدات المتزايدة؟

تزايدت في المغرب التساؤلات والانتقادات حول مستوى الأمان الرقمي في المملكة بعد الهجوم الإلكتروني الذي استهدف قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، مما أدى إلى تسريب معلومات حساسة تخص حوالي مليوني شخص، منهم موظفون في نحو نصف مليون شركة ومؤسسة مغربية.

هذا الهجوم، الذي نفذته جهات خارجية، أثار حالة من الاستنفار في المؤسسات الوطنية، التي سارعت إلى اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة مثل تعليق الوصول إلى قواعد بياناتها وحجب مواقعها الإلكترونية.

رغم هذه التدابير الوقائية، استمر النقاش العام حول فعالية السياسات والاستراتيجيات المعتمدة في مجال الأمن السيبراني بالمغرب، خاصة في ظل تزايد التهديدات السيبرانية.

وفي هذا السياق، تلتزم المؤسسات المغربية بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030 التي أطلقتها المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني.

ورغم تصدر المغرب المراتب المتقدمة على مستوى القارة في مكافحة التهديدات السيبرانية، فإن الهجوم على CNSS يطرح تساؤلات حول كفاءة هذه الاستراتيجية في مواجهة التحديات المتزايدة.

تتضمن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030 أربعة محاور رئيسية تهدف إلى تعزيز الحماية الرقمية في المملكة.

هذه المحاور تتراوح بين تطوير آليات التنسيق بين الجهات المختلفة، وتحديث الإطار القانوني والمعياري، وصولًا إلى تحسين قدرة البنى التحتية الحيوية على التصدي للتهديدات السيبرانية المتزايدة.

و تهدف الاستراتيجية إلى تمكين المؤسسات من التصدي للهجمات السيبرانية وحماية البيانات الحساسة بشكل أكثر فعالية.

محاور الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030

تطوير آليات التنسيق الوطنية: تعزيز التعاون بين الجهات الأمنية والاستخباراتية، وتنشيط تبادل المعلومات بين القطاعين العام والخاص لمكافحة التهديدات.

تحديث الإطار القانوني والمعياري: مراجعة التشريعات والسياسات الخاصة بالأمن السيبراني لتواكب التطورات التكنولوجية والتهديدات المتزايدة.

تحيين خريطة البنى التحتية الحيوية: تحديث دور البنى التحتية الحيوية وضمان التزام القطاعين العام والخاص بالقوانين المتعلقة بحماية البيانات.

ومع ذلك، فإن الهجوم الأخير على CNSS يبرز الفجوة بين الأهداف الطموحة لهذه الاستراتيجية والتطبيق الفعلي على الأرض.

الهجوم الناجح على قاعدة بيانات حساسة بهذا الحجم يثير تساؤلات كبيرة حول فعالية الإجراءات المتخذة وقدرة المؤسسات المغربية على تنفيذ بنود الاستراتيجية بشكل كامل وفعّال.

في ظل تزايد التهديدات السيبرانية، يبقى التحدي الأكبر أمام المغرب هو ترجمة استراتيجيته الوطنية إلى إجراءات واقعية وملموسة تستطيع التصدي للهجمات المتطورة. من الضروري أن تواصل المملكة تعزيز قدراتها الرقمية لحماية بيانات مواطنيها ومؤسساتها بشكل فعال.