محكمة النقض تُبطل إجراءات تسريحات “لارام” الاقتصادية وتعيد القضية إلى الاستئناف

محكمة النقض تُبطل إجراءات تسريحات “لارام” الاقتصادية وتعيد القضية إلى الاستئناف

في خطوة اعتبرها مراقبون سابقة قضائية بارزة، ألغت محكمة النقض مؤخرًا قرار التسريح الاقتصادي الذي كانت شركة الخطوط الملكية المغربية (لارام) قد فعّلته في حق عدد من ربابنتها ومستخدميها خلال فترة جائحة كوفيد-19، بدعوى الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي فرضها الوباء.

المحكمة قررت إحالة الملف من جديد على أنظار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لإعادة النظر فيه.

وتعود القضية إلى ما بعد اندلاع الأزمة الصحية العالمية، حين لجأت “لارام” إلى تفعيل مسطرة التسريح الاقتصادي، وهو إجراء منصوص عليه في مدونة الشغل المغربية ويُخوّل للمؤسسات تقليص عدد من مناصب الشغل في ظروف اقتصادية قاهرة.

القرار شمل مجموعة من الربابنة الذين رفضوا التسريح، معتبرين أن الأمر يتجاوز السياق الظرفي، واتهموا الشركة باستغلال الأزمة لتصفية نزاعات سابقة، دون احترام الإجراءات القانونية الواجبة.

وبعد مسار قضائي امتد لأكثر من خمس سنوات، قضت محكمة النقض أواخر الشهر الماضي بقبول طعن الأجراء، معتبرة أن الشركة لم تلتزم بالشروط الإجرائية المنصوص عليها في الفصل 71 من مدونة الشغل، حسب ما أوضحه المحامي المتخصص في قانون الشغل، ياسر السملالي، والذي اعتبر القرار تحولاً جوهرياً في الاجتهاد القضائي المغربي في قضايا الشغل.

وأضاف السملالي أن الملف سيعاد تكييفه أمام محكمة الاستئناف، التي قد تعتبر هذه التسريحات طردًا تعسفيًا، ما قد يفتح الباب أمام تعويضات كبيرة للمفصولين.

وذكّر بأن المواد من 66 إلى 71 من مدونة الشغل تفرض مجموعة من الإجراءات الدقيقة قبل إقرار أي تسريح جماعي، منها التشاور مع ممثلي العمال، وتقديم مبررات اقتصادية واضحة، والحصول على ترخيص صريح من السلطة الحكومية المختصة.

ورغم أن “لارام” كانت الشركة الوحيدة التي حصلت على إذن وزاري لاستخدام هذه المسطرة خلال الجائحة، فإن ذلك لا يعفيها من الالتزام الصارم بكل الإجراءات الشكلية، وعلى رأسها الإشعار المسبق، احترام الآجال، والتشاور مع ممثلي المستخدمين، كما شدد الخبير القانوني.

وختم السملالي بالتأكيد على أن هذا الحكم يرسّخ مبدأ أساسياً في القانون الاجتماعي: الشكل ليس مجرد إجراء إداري بل هو ضمانة قانونية جوهرية، وأي تجاوز لها، حتى في ظروف استثنائية، يمكن أن يبطل قرارات مؤسساتية كبرى.