إدارة غير فعالة تمنع النخبة المغربية من المشاركة في الأولمبيادات الدولية للرياضيات

تعبيرًا عن خيبة أمل عميقة، تعرب عائلات التلاميذ المغاربة المتميزين عن استيائها الشديد من تكرار حرمان أبنائها من فرصة المشاركة في الأولمبيادات الدولية للرياضيات.
و يعود هذا الحرمان إلى ما يصفونه بـ”إهمال إداري فادح” يتمثل في التأخر المتواصل في إصدار التأشيرات اللازمة.
هذا التأخر منع الفريق الوطني المغربي من التنافس في “أولمبياد الرياضيات الدولية” في أستراليا، على الرغم من تقديم جوازات سفر الطلاب منذ شهر مارس الماضي لاستكمال الإجراءات.
هذه ليست حادثة منعزلة، بل نمط مقلق يتكرر بانتظام. ففي 11 أبريل الماضي، مُنع الفريق المغربي من المشاركة في “الأولمبياد الأوروبي للرياضيات” في كوسوفو لنفس السبب، وقبل ذلك بعام، حدث الأمر ذاته مع الأولمبياد الدولي للرياضيات في لندن.
هذا التكرار يشير إلى خلل هيكلي واضح في التنسيق بين الجهات المسؤولة عن دعم هذه المواهب الوطنية وتمكينها من تمثيل المغرب على الساحة الدولية.
تحمل العائلات المسؤولية كاملة للجهات الوصية، مشيرة إلى عجزها عن التنسيق الفعال لضمان مشاركة عدد محدود من التلاميذ المتفوقين، الذين لا يتجاوز عددهم ستة، في مسابقة عالمية تُعد من أبرز محطات التميز العلمي.
هؤلاء التلاميذ، الذين ينتمون إلى نخبة النبوغ الوطني، اجتازوا مراحل انتقائية دقيقة وتلقوا تأهيلاً علمياً متقدماً على مدى شهور. إن غيابهم لا يحرمهم فقط من فرصة الفوز بميداليات وجوائز عالمية، بل يضيع عليهم أيضاً فرصة ثمينة للاحتكاك العلمي، وتوسيع آفاقهم، وبناء شبكات علاقات مع أقرانهم من مختلف أنحاء العالم، وهي كلها عناصر لا تقل أهمية عن المسابقة نفسها في بناء شخصياتهم ومستقبلهم العلمي.
إن غياب المغرب المتكرر عن مثل هذه التظاهرات الدولية يترك مقعده شاغراً في محافل دولية تُقاس فيها قوة الدول بمدى تميز عقول أبنائها، لا فقط بترسانتها الاقتصادية أو العسكرية.
فالمغرب لطالما احتل مراكز متقدمة على مستوى إفريقيا والعالم العربي في أولمبيادات الرياضيات، وكانت له مشاركات مشرفة عالمياً في السابق.
هذا الانسحاب القسري يُعد مؤشراً خطيراً على التراجع، ليس في الأداء العلمي للتلاميذ الأذكياء، بل في البنية المؤسسية والإدارية التي من المفترض أن تدعمهم وتيسر مشاركتهم.
طالبت عائلات المتأهلين للأولمبياد الدولي للرياضيات بفتح تحقيق جدي في هذه الواقعة، وشددت على ضرورة إعادة النظر الشاملة في طريقة تدبير المشاركات الدولية. يجب ألا تظل هذه المشاركات رهينة للبيروقراطية المفرطة أو عرضة لردود الفعل المرتجلة وغير المخطط لها.
بل ينبغي أن تتم وفق مساطر دقيقة وواضحة، وآجال زمنية مضبوطة، مع ضمان تنسيق محكم بين جميع الوزارات والجهات المعنية.
كما دعت العائلات إلى إشراك المجتمع المدني والأسر في دعم مثل هذه المشاركات، خاصة في الحالات التي تعجز فيها الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، مؤكدين بحزم أن “لن تكون هناك نهضة علمية حقيقية في المغرب ما دامت العقول المتميزة تُقابل بالإهمال”.