طهران والتحديات الكبيرة: ما مدى اختراق الموساد للمؤسسات الإيرانية؟

اسيا العتروس
بعد بيانات الشجب والادانة للضربات الاسرائيلية غير المفاجئة التي استهدفت فجر الجمعة 13 جوان 2025 قلب طهران وجب تجاوز ردود الفعل العاطفية والانفعالية في محاولة فهم وقراءة ما حدث وتداعياته على ايران وعلى المنطقة . طبعا لا أحد أيضا يتوقع أن تذهب ايران الى جولة المفاوضات المرتقبة في مسقط ..
كل العالم بما في ذلك حلفاء كيان الاحتلال الاسرائيلي مقتنعون بأن اسرائيل كيان ارهابي مارق يدوس على كل القوانين الدولية ويسعى للتفرد بالتفوق النووي في كل المنطقة ولكن ما حدث يجب أن يثير أيضا نقاط الاستفهام و الاسئلة الموجعة التي يجب أن تطرح في ايران عن أسباب الفشل في استباق ما حدث و الفشل في التصدي لعملية “الاسد الصاعد “التي نفذتها الطائرات الاسرائيلية في قلب العاصمة الايرانية طهران واستهدفت من خلالها قيادات عسكرية و سياسية و علمية نووية الى جانب استهداف مدنيين في العملية ذاتها …
لا نريد الوقوع في فخ البحث عن حدود الرد الايراني الذي سيتعين على ايران القيام به في محاولة لاستعادة بعض من مصداقيتها و صورتها في الداخل الايراني المهتز فهذه مسألة وحدها الايام القادمة كفيلة بكشفها و تأكيدها أو نفيها..
ما أقدمت عليه اسرائيل يؤكد أن جنون ناتنياهو الذي خبر ضعف النظام الدولي يمكن أن يذهب الى أبعد مما ذهب اليه حتى الان ,و لكن الاهم و الاخطر كيف سمحت ايران بهذا الاختراق و كيف فشلت في كشف ما قام به الموساد من تهيئة للارضية و من استقطاب لكل ما مكنه من الحصول على كل المعلومات التي حددت مواقع عشرة على الاقل من العلماء النووين الذين ربما تواجدوا في مكان واحد و قيادات عسكرية فشلت ايران في حمايتهم , بنك الاهداف الاسرائيلي في ايران قد لا يتوقف عند هذه النقطة و الاكيد أن استهداف المواقع النووية الايرائنية في قم و اصفهان على قائمة الاولويات.الهجوم الاسرائيلي على ايران كان بعلم واشنطن و قد اعلن الرئيس ترامب ذلك حتى و ان حرص وزير خارجيته روبيو على تاكيد عدم مشاركة الادارة الامريكية في ذلك ..و قال روبيو “لقد اتخذت إسرائيل الليلة إجراءً أحادي الجانب ضد إيران. نحن لسنا مشاركين في عملية توجيه الضربات ضد إيران، وتتمثل أولويتنا القصوى بحماية القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة. لقد أبلغتنا إسرائيل أنها تعتبر هذا الإجراء ضروريا من باب الدفاع عن النفس”
تقول مصادر اسرائيلية انها استعدت لضرب ايران منذ عشرين عاما وأنها أعدت عملية الاسد الصاعد طوال ثمانية أشهر و تمكنت من اغتيال قائد الحرس الإيـراني اللواء حسين سلامي إلى جانب قادة عسكريين و ستة علماء نـوويين بارزين مثل فريدون عباسي دافاني ومحمد مهدي طهرانجي، إضافة إلى اللواء غلام علي رشيد،…و حكاية اسرائيل مع العلماء الايرانيين و العرب ليست جديدة فقد سبق ان استهدف الموساد علماء النووي و بينهم المصري مصطفى مشرفة الذي كان يوصف بانشتاين العرب و سميرة موسى و يحي المشد و غيرهم..قبل شهرين قال الرئيس الامريكي ان امام ايران ستين يوما و قد انتهت المهلة بالتزامن مع تنفيذ اسرائيل عمليتها في طهران ..و أعلن ناتنياهو أن هدف العملية غير المسبوقة هو ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ الباليستية والعديد من القدرات العسكرية”…التفوق التكنولوجي العسكري الاسرائيلي لا جدال حوله في المقابل هناك ترنح و فشل في تقديرات الاستخبارات الايرانية التي قد تكون استهانت بالتهديد الاسرائيلي و اعتبرته مجرد مناورة قبل المفاوضات النووية رغم تواتر المؤشرات و الدلائل حول هذه الضربة التي كانت بضوء أخضر أمريكي و كان أيضا لموقف وكالة الطاقة الذرية دوره في توجيه الضربة ..
خلال اقل من سنة استهدفت اسرائيل قيادات عسكرية و سياسية ايرانية بينهم قاسم سليماني و و لا شك ان مقتل الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي و الوفد المرافق له ثم استهداف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الذي كان في ضيافة و حماية طهران الى جانب كل العمليات التي استهدفت قيادات كبرى في حزب الله اللبناني بعد عملية البيجر ..وفي كل مرة كانت اسرائيل تكشف عن قدرات استخباراتية دقيقة غير مسبوقة استعدت لها مبكرا و هي عملية لها اهداف عسمرية مرتبطة بتدمير المشروع النووي الايراني و لكن يمكن أن تذهب الى ابعد من ذلك و تستهدف النظام الايراني من الداخل ..
كاتبة و صحفية تونسية