نور ملحم: من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا: تصاعد جديد يعيد تشكيل خريطة النزاعات

نور ملحم: من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا: تصاعد جديد يعيد تشكيل خريطة النزاعات

نور ملحم
في ظل التحذيرات المتزايدة بشأن ضربة إسرائيلية محتملة لإيران، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التوترات الجيوسياسية التي قد تعيد تشكيل خريطة القوى في الشرق الأوسط. وبينما تتصاعد التهديدات المتبادلة، يبرز تساؤل مهم: هل ستكون هذه المواجهة محدودة أم بداية لانفجار إقليمي؟ وفي الوقت ذاته، هل يمكن مقارنة هذا التصعيد بما يحدث في جنوب آسيا بين الهند وباكستان؟
لم يكن التحذير الإسرائيلي لإيران مجرد تهديد تقليدي ضمن الحرب الكلامية المعتادة بين الطرفين، بل جاء بعد سلسلة من التطورات التي تشير إلى تغيير في معادلة الردع المتبادل.
 فقد عززت طهران من وجودها العسكري في سوريا قبل سقوط نظام الأسد، واستمرت في دعم الفصائل المسلحة في العراق ولبنان وغزة، مما اعتبرته إسرائيل تصعيدًا يستوجب ردًا عسكريًا، كما أن التطورات الأخيرة في برنامج إيران النووي، وما تبعه من تقارير استخباراتية غربية حول اقتراب طهران من تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية، أثارت مخاوف تل أبيب من إمكانية امتلاك إيران سلاحًا نوويًا قريبًا.
من المحتمل أن يكون لهذه التهديدات عدت سناريوهات ،  السيناريو الأول: أن تكون الضربة المحدودة واستمرار التوتر في هذا السيناريو، قد تختار إسرائيل تنفيذ ضربة جوية تستهدف مواقع محددة داخل إيران أو سوريا دون التوسع في الحرب، مثل الضربات التي نفذتها الهند ضد باكستان عقب التصعيد الأخير بين البلدين.
وقد تعتمد تل أبيب على عمليات استخباراتية دقيقة لضرب منشآت حيوية، على غرار استراتيجية نيودلهي التي استهدفت قواعد عسكرية باكستانية بعدما اتهمت إسلام آباد بدعم الإرهاب العابر للحدود.
أما السيناريو الثاني فهو التصعيد المتبادل والتوسع العسكري إذا قررت إيران الرد بقصف أهداف إسرائيلية أو عبر وكلائها في المنطقة، فقد يشهد الشرق الأوسط موجة جديدة من التصعيد تشمل هجمات صاروخية وضربات جوية متبادلة، ما قد يستدعي تدخّل القوى الدولية، تمامًا كما حدث في المواجهة الأخيرة بين الهند وباكستان،  إسرائيل قد تعتمد على ضربات دقيقة باستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، كما فعلت الهند حين استهدفت منشآت عسكرية باكستانية عبر ضربات جوية أثبتتها صور الأقمار الصناعية.
أما السيناريو الثالث فمن المتوقع التسوية السياسية المؤقتة كما حاولت باكستان استمالة موقف الولايات المتحدة لحشد الدعم في نزاعها مع الهند، قد تسعى إيران إلى تحريك المجتمع الدولي لمنع إسرائيل من تنفيذ ضربتها، وهنا يبرز دور القوى العالمية مثل روسيا والصين والولايات المتحدة في احتواء الأزمة ومنع تحولها إلى مواجهة مفتوحة.
تظهر المقارنة بين الأزمة الإيرانية الإسرائيلية والتصعيد الهندي الباكستاني أن هناك نمطًا متكررًا في إدارة النزاعات الإقليمية. ففي كلتا الحالتين، تلعب القوى الكبرى دورًا في ضبط التوازن، بينما تحاول الأطراف المتنازعة فرض واقع جديد عبر التصعيد أو المناورة الدبلوماسية.
 باكستان سعت إلى تصوير موقف ترامب كوسيط دولي، رغم اعتراض الهند، بينما قد تلجأ إيران إلى تقديم نفسها كطرف مستهدف يسعى لمنع الحرب من خلال الحشد الدولي.
مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، تبرز مخاوف من أن يكون العالم مقبلًا على مرحلة جديدة من النزاعات العسكرية المتشابكة، فهل ستكون التحركات الدبلوماسية قادرة على ضبط الأوضاع، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا غير مسبوق؟