د. ثابت المومني: ما هي استجابة إيران المحتملة؟!

د. ثابت المومني: ما هي استجابة إيران المحتملة؟!

 

د. ثابت المومني

أما وقد اتضحت الصورة، فقد دخل المشهد الإقليمي منعطفًا حاسمًا. الكيان الصهيوني لم يعد يكتفي بالتحذير، بل قام بشن ضربات جوية وصاروخية مركزة على عدد من المنشآت والمواقع الاستراتيجية داخل إيران.

 ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أصدرت بيانًا يفيد بعدم تضرر المنشآت النووية الإيرانية بشكل مباشر في الهجمات الاولى على الاقل، إلا أن مصادر مؤكدة أشارت إلى أن الهجمات الإسرائيلية نجحت في تصفية عدد من كبار القادة العسكريين والمدنيين الإيرانيين، مما شكل ضربة موجعة للبنية القيادية في طهران.

في المقابل، لم تصمت إيران. بل بادرت بإطلاق موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه الكيان، بعضها انطلق من أراضيها، وبعضها من أذرعها الإقليمية. ومع ذلك، نجحت منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، مدعومة بالقدرات الأمريكية والدعم اللوجستي من دول مجاورة، في اعتراض غالبية هذه التهديدات الجوية. ورغم محدودية الخسائر المباشرة، إلا أن التوتر بلغ ذروته، والجميع يتساءل، هل ستلجأ إيران إلى ورقة ديمونة وما هي سيناريوهات الرد؟
السيناريو الأول ربما سيكون الرد الايراني فيه  تقليديا  بلا مساس بديمونة.

في هذا المشهد، تستمر إيران في إطلاق المسيّرات والصواريخ قصيرة أو متوسطة المدى على أهداف عسكرية داخل الكيان، وتوسّع هجماتها لتشمل موانئ أو منشآت اقتصادية، دون أن تمسّ مفاعل ديمونة مباشرة.
هذا النوع من الردود يمنح إيران مظهر القوة دون أن يورطها في ردود كارثية.

هذا السيناريو يظل الأكثر واقعية، لا سيما في ظل الغطاء الدولي الذي بات يحيط بإلكيان في هذه المرحلة، والتخوف الإيراني من الانزلاق نحو مواجهة شاملة.

السيناريو الثاني سيكون على شكل ضربة رمزية على محيط ديمونة
قد تقرر إيران إرسال صاروخ أو طائرة مسيرة تتجه نحو محيط مفاعل ديمونة، دون نية تدميره، وإنما لإرسال رسالة بأن “لا شيء بمنأى عن الرد”. هذه الضربة تكون رمزية أكثر من كونها فاعلة، وتهدف إلى تحريك المعادلة النفسية أكثر من تحقيق هدف عسكري مباشر.

إلا أن هذا السيناريو، رغم رمزيته، محفوف بالمخاطر، إذ قد يُفسر من قبل الكيان المتنمر كاستهداف وجودي يستوجب ردًا استثنائيًا.

السيناريو الثالث سيكون على شكل ضربة مباشرة على مفاعل ديمونة وهو السيناريو الأخطر.

ان قصف مباشر على ديمونة سيُعد إعلان حرب نووية ربما، حتى وإن لم يُحدث أضرارًا إشعاعية فان الرد الإسرائيلوامريكي لن يكون موضعيًا، بل شاملاً، وربما تشارك فيه قوى دولية. الولايات المتحدة، الحليف الأوثق للكيان ورغم تكرار تصريحاتها بانها لا تشارك ولن تشارك في عمليات قصف ايران فانها قد تعتبر ذلك مساسًا بالأمن القومي الإقليمي والعالمي.

وبالتالي، فإن إقدام إيران على هذا الخيار يبدو مستبعدًا في الوقت الحالي، إلا إذا دخلت في حالة يأس استراتيجي أو أرادت تغيير قواعد اللعبة بشكل جذري.

السيناريو الرابع للرد الايراني سيكون على شكل حرب سيبرانية على ديمونة

وقد تلجأ إيران إلى أدوات أقل وضوحًا وأكثر دهاءً، عبر تنفيذ هجوم سيبراني يستهدف أنظمة التشغيل أو السلامة في مفاعل ديمونة.

 هذه الضربات الرقمية قد لا تُحدث دمارًا ماديًا، لكنها قد تُثير الذعر وتفرض معادلات ردع جديدة دون المجازفة برد عسكري مباشر.

وقد يكون هذا السيناريو المفضل في ظل التشابك الإقليمي الحرج، خاصة أنه يمنح إيران هامش المناورة دون التورط العلني.

واقع الحال الان يقول بان المنطقة تقف على شفا صراع مفتوح.

الكيان أثبت أنها مستعدة للذهاب بعيدًا في استهداف العمق الإيراني، وإيران بدورها لا تزال تصعّد، وإن كان بشكل محدود ومدروس. لكن الورقة النووية سواء كانت في نطنز أو في ديمونة  ما تزال حتى اللحظة مغلقة، محفوظة في الأدراج العليا من استراتيجيات الردع المتبادل.

ومع أن فكرة استهداف ديمونة تسكن الخطابات الإيرانية المتوترة، إلا أن حسابات الواقع، وتوازنات القوى، والمخاوف من اشتعال حرب لا تبقي ولا تذر، تجعل من هذا الاحتمال سيناريوًّا مؤجلًا، أقرب إلى التهديد منه إلى التنفيذ.

في النهاية، قد تظل ديمونة هدفًا رمزيًا ضخمًا في عقول صناع القرار الإيراني، لكن مفتاح الوصول إليها لا يُفتح إلا بكلفة سياسية وعسكرية وجيوستراتيجية لا تملك إيران دفعها حتى الآن لا بل يمكن لنا القول بانها تراجعت كثيرا بعد سحق حزب الله في جنوب لبنان وتنظيف سوريا من الوجود الايراني.
خلاصه القول فان الرد الايراني مهما تعاظم ومهما كبر فلن يكون اكبر من جمل تمخض ليلد فأرا.