“الكويت كانت مُختطفة وجنسيات دخيلة في طبعها”!.. سحب الجنسيات يطال الداعية العوضي لماذا وماذا عن “والدته الكويتية”؟ وكيف رد؟.. هل تتخبّط السلطات أم تُطبّق قوانينها؟ ومن يُقرّر المصلحة العُليا للبلاد؟ ودعوة لترامب للتعلّم “من الديرة”!

“الكويت كانت مُختطفة وجنسيات دخيلة في طبعها”!.. سحب الجنسيات يطال الداعية العوضي لماذا وماذا عن “والدته الكويتية”؟ وكيف رد؟.. هل تتخبّط السلطات أم تُطبّق قوانينها؟ ومن يُقرّر المصلحة العُليا للبلاد؟ ودعوة لترامب للتعلّم “من الديرة”!

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

بعد خطاب أمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح الأخير، والذي أيّد وبارك فيه صراحةً حملة سحب الجنسيات، والدفاع عنها بموجب القانون، وإعادة البلاد إلى أهلها الأصليين، وتنقيتها من الشوائب، تُواصل السلطات الكويتية بحزمٍ حملاتها غير المسبوقة في سحب الجنسيات، حيث وصل الأمر لسحب جنسية الشيخ الداعية الشهير نبيل العوضي.

“بعد كل ضيق شدّة”

وأكّد العوضي من جهته سحب جنسيّته، وعلّق بالقول على حسابه في منصّة “إكس”: “بعد كل ضيقٍ وشدة… غنى وسعة! (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)”.
وجاء سحب جنسية العوضي بالتزامن مع سحب الجنسية من شخصيات بينهم الإعلامي السابق مبارك العمير، والفنان محمد العجيمي.

العوضي وتقويض النظام

تساؤلات عديدة مطروحة حول الأسباب التي دفعت لسحب جنسية العوضي، ومنها أسباب سياسية، ولكن تجدر الإشارة إلى أن الشيخ العوضي وُلد لعائلة من فئة البدون في الكويت، وتم منحه الجنسية في العام 1998، ما قد يدفع البعض المتشدد للأصول الكويتية، ليرى الخطوة بأنها خطوة تصحيحية بحق غير الكويتيين الحاصلين على جنسيّتها بـ”طرق غير مشروعة”.
وأساسًا، العوضي كان قد اتّهم بـ”تقويض النظام”، الأمر الذي دفع السلطات لسحب الجنسية منه العام 2014، لتُعاد له العام 2018، بقرار من مجلس الوزراء.

تخبّط حكومي!

ثمّة من يرى في سحب الجنسيات، وإعادتها، ثم سحبها، تخبّطًا حكوميًّا، وفي آخر حملة وصل عدد المسحوبة جنسيّتهم أكثر من 32 ألفًا، وأكثرهم ممّن حصلوا عليها تحت بند “خدمات جليلة”.

حربٌ على السلفية.. ماذا عن والدته الكويتية؟

من زاوية أخرى في قراءة أسباب سحب جنسية العوضي، يقرأها البعض بأنها تأتي ضمن حرب الدولة الكويتية على السلفية، والسلفيين، وكان العوضي قد مُنع من الخطابة في البلاد، على خلفية اتهامات طالته بتقويض السلم المجتمعي.
وفيما لم تشرح السلطات الكويتية أسباب سحبها جنسية العوضي حتى كتابة هذه السطور، يتصدّر إلى الواجهة تساؤلات حول شرعية سحب الجنسية منه وقانونيّتها، ومدى أحقيّة العوضي بجنسية الكويت، حيث والدته كويتية، وخولّته بالحصول على الجنسية عام 1998 تحت بند التبعية، هذا البند بات واحد من البنود إلى جانب بند “الخدمات الجليلة” الموجبة اليوم لسحب الجنسية في الكويت.

بنود فضفاضة

الحكومة الكويتية قد لا تشرح أسبابها وقد لا تُبرّر في حملة سحب الجنسيات المُتواصلة، فهي تستند إلى تعديلات قانون الجنسية الكويتية في 2024 والتي تركز على تصحيح ملفات التجنيس، كما منحها أمير الكويت الضوء الأخضر علنًا ودافع عن سحبها للجنسيات.
جاء التعديل الأخير للقانون بإضافة بندين آخرين، واللذين تستند إليهما السلطات في حملتها الأخيرة، وهُما إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك، وإذا توافرت دلائل لدى الجهات المختصة على قيام بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد.

المصلحة العُليا للبلاد من يُقرّرها؟

لا تُوجد ضوابط واضحة على البندين الأخيرين كما يبدو، فالأسباب التي تُوجب سحب الجنسية، فضفاضة، وقد تنطبق على أي حالة من حالات سحب الجنسيات، والدولة بالنهاية هي التي تُقيّم الأخطار على مصالحها العليا، وأمنها الخارجي، وتقويض نظامها الاقتصادي، والاجتماعي، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان تفعيل هذين البندين مقصودًا بهذه الطريقة، وذلك السياق الذي يمنح الدولة الأفضلية والقرار المدعم بالقانون.
مثال على ذلك التساؤل، يوم الخميس الماضي لوحده، قرّرت السلطات الكويتية، سحب وفقد الجنسية الكويتية من 640 شخصًا لأسباب يتعلّق مُعظمها بـ”المصلحة العُليا للبلاد”.
وقبل التعديلات الأخيرة، كانت تُسحب الجنسية الكويتية، في حال منحها بطريق الغش، والثانية إذا حُكم عليه بجريمة مخلة بالشرف والامانة، وثالثة خاصة بالعزل من الوظيفة العامة جاءت في قانونٍ لاحق.

الكويت كانت مُختطفة

وتستخدم السلطات الكويتية جُملًا حادّة وقاسية في تفسيراتها لحملة سحب الجنسية، يعتبرها البعض غير لائقة بحق المسحوبة جنسيّاتهم وإن كانت أصولهم غير كويتية فهم بالنهاية بشر، حيث كان أوضح وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف الصباح أن المُبرّر لسحب الجنسية يكمن في أن الكويت كانت مُختطفة من قِبَل جنسيات مُختلفة، مُعتذرًا عن ذكر هذه الجنسيات، مؤكداً أنه تم سحب الجنسية من أشخاص يُحرّضون على الكويت.
وأضاف: “توجد جنسيات دخيلة على مجتمع الكويت في حياتها الاجتماعية في لغتها وفي طبعها، وهذا أدّى إلى خلط في الأنساب، ومُستمر مُنذ 40 أو 50 سنة”.

ديمقراطية الكويت؟!

وجاء في تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” تعليقًا على سحب الجنسيات: “التحرّك هو آخر خطوة في التراجع الذي تشهده الكويت، التي كانت تزعم أنها الدولة الوحيدة التي تتمتّع بمظهر من مظاهر الديمقراطية في منطقة الخليج التي تحكمها أنظمة ملكية مُطلقة”.
وقال الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح العام الماضي، إنه لن يسمح للديمقراطية “لأن تُستغل وتُدمّر الدولة”، حيث علّق الأمير الكويتي البرلمان المُنتخب وبعض مواد دستور البلاد لمدة أربع سنوات، كما تم إيقاف الانتخابات الطلابية والتصويت على المجالس التعاونية منذ ذلك الحين.

على ترامب التعلّم

ويُتداول في الأوساط المحلية الكويتية طُرفة في سياق حملة سحب الجنسيات، تقول إن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحمل على عاتقه طرد ملايين المهاجرين غير المسجلين القدوم إلى الكويت والتعلّم من نجاحها في التخلّص من غير المُواطنين.
مع غياب مجلس الأمة بكُل حال عن المشهد السياسي في الكويت “الديرة” كما يُطلق عليها أهلها محلّيًّا على خلفية تعليق عمله بأمر أميري، لا يبدو أن خطوة سحب الجنسية غير المسبوقة والمُتشدّدة ستشهد مُراجعات تقييمية، ويبدو أن وقوف الدولة خلفها، يمنع أي اعتراض قوي قد يُوقفها، أو على الأقل يكبحها (عدد الذين سُحبت جنسيّاتهم بلغ 32,715 شخصًا)، وجاء في تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” أنه تأثّرت نسبة 3% من سكّان الكويت البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة مما يعني أن معظم الكويتيين يعرفون اسمًا من الذين سُحبت الجنسية منهم!