ألكسندر نازاروف: ملاحظات أولية حول الهجوم الإسرائيلي على إيران

ألكسندر نازاروف: ملاحظات أولية حول الهجوم الإسرائيلي على إيران

ألكسندر نازاروف
نفذت إسرائيل هجوما ناجحا للغاية على إيران، تضرر خلاله عدد من منشآت البرنامج النووي الإيراني، ووفقا لإسرائيل فقط عطلت المسيرات الإسرائيلية منظومة الدفاع الجوي الإيراني.
كذلك تم تصفية قادة الحرس الثوري الإيراني والقيادات العليا للقوات المسلحة الإيرانية، وجميع كبار العلماء النوويين في البلاد.
كان العامل الرئيسي وراء النجاح هو الهجوم بالمسيرات التي نشرت قواعدها مسبقا في إيران نفسها. يذكر أسلوب هذه العملية إلى حد كبير بالعملية الأوكرانية ضد المطارات الاستراتيجية الروسية، والتي تم تنظيمها، وفقا لموسكو، بمشاركة بريطانيا. وبطبيعة الحال، يعتمد نجاح هذه العملية بشكل حاسم على بيانات الاستخبارات، بما في ذلك بيانات الأقمار الصناعية، والقدرة على رصد الأهداف في الوقت الحقيقي Realtime، ما يشير إلى تورط أجهزة الاستخبارات الأمريكية.
في رأيي المتواضع يمكننا الآن التوصل إلى الاستنتاجات الأولية التالية:
1- من الواضح بالفعل، بل وأصبح من المقولات المبتذلة أن ثمة ثورة قد حدثت في الشؤون العسكرية تشبه اختراع البارود: فقد غيّرت الطائرات المسيرة وغيرها من الأنظمة الروبوتية طبيعة الحرب، وفي وقت قريب ستجعل عددا من أنواع الأسلحة الموجودة حاليا شيئا من الماضي.
ربما يكون من السابق لأوانه الحديث عن إلغاء الأسلحة النووية، لكن تراجع دورها كوسيلة للردع الاستراتيجي أصبح أمرا واضحا.
2- يفوز من يباغت بالضربة الأولى ويحسم الأمور.
تمكنت إسرائيل من تحقيق مفاجأة مطلقة، لأن التهديدات اللفظية الإسرائيلية والأمريكية والإجراءات الميدانية على الأرض أصبحت روتينية إلى درجة أن القيادة الإيرانية اعتبرتها من بين عناصر الضغط في المفاوضات (وهو ما أكده الإيرانيون صراحة).
في ظل الشفافية التامة السائدة حاليا، يكاد يكون من المستحيل إخفاء الاستعدادات للحرب أو شن هجمات واسعة النطاق. لذلك، لا يمكن تحقيق عنصر المفاجأة غالبا من خلال السرية، بل من خلال دفع أحد الطرفين للاعتقاد بأن الطرف الآخر لن يجرؤ على اتخاذ خطوة بعينها، وهي في هذه الحالة الهجوم على إيران. وبطبيعة الحال، يجب أن يتحلى الطرف المهاجم بالدهاء والحسم الكافيين لاتخاذ مثل هذه الخطوة.
3- حتمية التصعيد المفرط.
انطلاقا من البند السابق فهناك حاجة إلى قفزة نوعية، وتصعيد استثنائي وجذري، يبدو في ظاهره غير معقول ومرفوض بالنسبة للطرف الذي يقوم بها، ما يجعل حدوثه بالتالي شبه مستحيل.
يزيد ذلك بدوره بشكل كبير من احتمالات الاستجابة الأكثر تطرفا ويسرّع من وتيرة تصعيد الصراع.
وأعتقد أن الصراعات التي تشمل دولا نووية تندرج أيضا ضمن هذه المبادئ.
4- استهداف النخب.
إنها المرة الأولى التي يتمكن فيها أحد الأطراف المتحاربة من تحقيق تدمير شامل ومتزامن لنخب العدو وقياداته الحاكمة بهذا الحجم. وفي كلا الخيارين، سواء في حالة التدمير التدريجي والممتد لممثلي النخبة الحاكمة للعدو، أو في حالة الهجوم الشامل المباغت، يصبح الوضع غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لنخبة الطرف الأضعف. وبطبيعة الحال، يفاقم ذلك من تطرف الرد المحتمل ومسار الصراع نفسه، بما في ذلك باستخدام أي أساليب حربية في حال استحالة الرد بشكل متكافئ.
5- طمس الخط الفاصل بين الإرهاب والحرب، على الأقل من حيث الأساليب.
دائما ما لجأت إسرائيل إلى اغتيال شخصيات رئيسية لدى العدو، كما تقوم أوكرانيا بانتظام بارتكاب أعمال إرهابية من قتل ناشطين أو عسكريين أو مسؤولين حكوميين روس، ما يلفت الأنظار إلى مثل هذه الممارسات كظاهرة راسخة من قبل وكالات الاستخبارات الغربية.
وقد سهلت الطائرات المسيرة هذه المهمة بشكل كبير. لم تشارك روسيا ولا إيران حتى الآن في حرب إرهابية ضد نخب العدو، على ما يبدو أملا في الحفاظ على بعض القواعد، وهو ما وضعهما في موقف أسوأ. ففي عصر الضربات الاستباقية والتصفيات، من الواضح أن أساليبهما (روسيا وإيران) قد عفا عليها الزمن، ولم تعد كافية.
6- نحن ننزلق بسرعة نحو الحرب النووية.
كل ما سبق يدفع القوى النووية حتما لإنشاء بنية تحتية لضربة استباقية ضد الترسانة النووية للعدو، وهو أمر أصبح ضروري وقطعي بقدر وجود الأسلحة النووية. إلا أن قدرة العدو على توجيه ضربة استباقية، خلافا للماضي، تشجعك تلقائيا على المباغتة بالضربة الأولى، لأنه، ووفقا لما ذكر في النقطة الثانية، يفوز من يباغت بالضربة الأولى ويحسم الأمور. بالتالي، قد لا يتبقى الكثير من الوقت حتى ينشئ أحد الطرفين (خمّن معي من!) بنية تحتية سريّة كافية على أراضي الطرف الآخر لشن ضربة استباقية تبطل مفعول أسلحته، وربما تبقى وقتا أقصر حتى تدرك قيادة الطرف الآخر حتمية القتال وتبادر هي بالضربة الأولى.
محلل سياسي روسي