الدكتور حسن مرهج: إيران في مواجهة التهديدات الإسرائيلية وبنود الاتفاق النووي

الدكتور حسن مرهج: إيران في مواجهة التهديدات الإسرائيلية وبنود الاتفاق النووي

الدكتور حسن مرهج

تعتبر إيران واحدة من القوى الإقليمية الرئيسية في الشرق الأوسط، حيث تشغل موقعاً محورياً في الجغرافيا السياسية للمناطق العربية والآسيوية. منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، أصبحت العلاقات الإيرانية مع العديد من دول المنطقة، وبشكل خاص مع إسرائيل، أكثر تعقيداً وتوتراً. يعكس هذا التوتر التحديات التي تواجه إيران في سياق برنامجها النووي، الذي يعتبر نقطة محورية في الأمن الإقليمي والدولي، وربطاً بذلك فإن موقع إيران الإقليمي وقوتها السياسية والعسكرية، فرضت على المجتمع الدولي تعاملاً حذراً مع إيران، سواء في ما يتعلق بسياساتها الإقليمية ونفوذها الإستراتيجي، أو ما يتعلق ببرنامجها النووي وسلاحها الإستراتيجي المتعلق بالصواريخ الباليستية، وضمن ذلك فإن نظرة المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل تتسم بالحذر تُجاه إيران، وضرورة التعامل معها وفق منظور تكتيكي بعيد المدى.

تشكل التهديدات الإسرائيلية تجاه إيران جانباً رئيسياً في هذا السياق. حيث تراقب إسرائيل عن كثب تقدم البرنامج النووي الإيراني، وتعتبره تهديداً مباشراً لأمنها القومي. إذ إنّ تطوير إيران لقدرات نووية يمكن أن يمنحها نفوذًا عسكريًا استراتيجيًا في المنطقة، ويهدد تفوق إسرائيل العسكري. وقد قامت إسرائيل بعدة عمليات عسكرية وأمنية لمنع إيران من الوصول إلى هذه القدرات، مما يرفع من حدة التوتر في الشرق الأوسط ويجعل أي تصعيد محتملاً يؤدي إلى صراع واسع النطاق، في المقابل فإن سياق التهديدات الإسرائيلية ضد إيران والتي تتعلق باستهداف المنشآت النووية في إيران، ينطوي على الكثير من المبالغة والتهويل، وهذا الأمر لا يتسق مع الواقع الإقليمي الجديد والذي تحاول من خلاله الولايات المتحدة التفاوض مع إيران حيال برنامجها النووي، وهذا يعني بأن إسرائيل لا يمكن لها تخطي السياسات الأمريكية وجرّ واشنطن إلى حرب لا تريدها، خاصة أن لا مصلحة لأي قوة إقليمية أو دولية بالحرب وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، والأهم أن حرباً كهذه قد تُشعل المنطقة، وهذا أمر حتى اسرائيل لا تريده، وبالتالي فإن سياق التهديدات لا يتعدى اللغة الإعلامية بغية الوصول إلى تفاهمات سريعة تتعلق بالاتفاق النووي مع إيران.

من جهة أخرى، تتطلب الظروف الجيوسياسية المتغيرة إقرار اتفاقيات نووية تكفل السلام والاستقرار. وقد تم الوصول إلى بعض هذه الاتفاقيات، مثل الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف بـ “خطة العمل الشاملة المشتركة”. قدمت هذه الاتفاقيات فرصة لتقليل التوترات بين إيران والدول الكبرى، حيث وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. ومع ذلك، فإن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018 أعاد تصعيد التوترات، مما دفع إيران إلى استئناف أنشطتها النووية بشكل أسرع وأقل شفافية، مما جعل الوضع أكثر خطورة.

إن ارتباط التهديد الإسرائيلي ببرنامج إيران النووي يصعب الأمور أكثر. فإسرائيل لا ترى في الاتفاق النووي حلاً كافيًا لتأمين نفسها، بل تعتبر أن إيران ما زالت تسعى للحصول على الأسلحة النووية، وبالتالي فهي تستعد لمواجهة هذا التهديد بكل الوسائل الممكنة. إن التفجيرات العسكرية والمناورات الحربية التي تنظمها إسرائيل تعد دليلاً على استعداداتها لمواجهة ما تعتبره تهديدًا وجوديًا.

في الختام، يمكن القول إن التوترات بين إيران وإسرائيل تشكل سيناريو معقدًا وغامضًا حيث تتقاطع المصالح الإقليمية والدولية. يعد البرنامج النووي الإيراني قضية محورية في العلاقات الإسرائيلية الإيرانية، لذا فإن أي تقدم نحو الاستقرار يتطلب تعاونًا دوليًا حقيقيًا ورغبة حقيقية في الحوار. إن فشل المجتمع الدولي في إيجاد حلول دائمة قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة، وهو ما يجب على القوى الكبرى أن تأخذه بعين الاعتبار قبل فوات الأوان.
خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية.