د. إشيب ولد أباتي: أين مواقف أردوغان؟ وقادة الأعراب في “الخيانة الكبرى” خلال معركة الأمة ضد “طوفان الأقصى”.. التي تتوسع لتشمل فلسطين والعالم العربي وإيران، وستحقق حلم التحرير للأمة؟

د. إشيب ولد أباتي: أين مواقف أردوغان؟ وقادة الأعراب في “الخيانة الكبرى” خلال معركة الأمة ضد “طوفان الأقصى”.. التي تتوسع لتشمل فلسطين والعالم العربي وإيران، وستحقق حلم التحرير للأمة؟

د. إشيب ولد أباتي

لم أتفاجأ، بالعدوان الصهيوني- الامريكي الذي قام  بالأمس ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي تنجز مشروعها في تحرير الأمتين، لأن قادة الثورة يعرفون بوعيهم المتقدم على وعي الكثير منا، تلك  العلاقة المبدئية بين الأمتين العربية، والإيرانية، الأمر الذي غاب عن وعي الكثير منا،  ولكن هل كان، سيغيب عن القادة السياسية المعادية، و المخابرات الأمريكية ، الصهيونية،، في  أن الشعب الإيراني، ومنذ أكثر من نصف قرن، ارتبط  مصيره  بتاريخ نضاله الحديث، وبقيادة تياره  الروحي، والسياسي الذي تفاعلت معه  الحركة القومية العربية بقيادة جمال عبد الناصر – رحمه الله –  حين كان في علاقة استراتيجية مع الإمام الراحل الخميني – رحمه الله –  وكان يصل الأخير المال عبر شبكة المخابرات المصرية على رأي “هيكل”، وكذلك ما أذاعه اعلاميا، “شاه إيران”  نفسه في مقابلة تلفزيونية، عبر فيها عن مصادرة أموال من قيادة مصر، كانت  موجهة للإمام الخميني في مدينة” قم ” مركز  القيادية الروحية، والثورية ..

فمنذ ذلك التاريخ، والثورة الإيرانية تتسع دوائرها من الوطني إلى التحرري في المجالات الأوسع  لتؤكد نجاحها – الثورة –  وهي اليوم تقدم التضحيات لحد المواجهة العسكرية، أكثر مما كانت تقدم في نظر البعض منذ قيامها ١٩٧٩م، وذلك في سبيل مشروعها التحرري، واستراتيجيتها المتقدمة على كل تفكير قصير النظر، لا يدرك  ضرورة  وحدة النضال في مواجهة الامبريالية الأمريكية، والكيان الصهيوني..
فالولاء في قيادة الثورة، كان، ولازال  لمبادئها التي فرضت عليها  توحيد ساحات المقاومة، واستئناف نضال الأمنية الإيرانية، والعربية،،
وذلك هو التعبير الحي، والموقف الصحيح من الحاضر، وتحدياته، وكان له ما يعززه في التاريخ المشترك في  وحدة العقيدة، وفي قيم  الثقافة العربية، وتراثها الكري التنويري الذي يستبعث اليوم، وهو راكم الوعي المشترك  طيلة عصور النهضة العربية الأولى منذ ظهور دور سلمان الفارسي –  رضي الله عنه –  في  التخطيط العسكري لمعركة الأحزاب ضد اليهود، وكفار قريش،، إلى الإمام الخميني رحمه الله، وكذلك القائد الملهم، والجسور الإمام خامينئي الذي يقود نضال التحرير من أجل القدس، وكأني بقيادته، تسترجع بها الأمتين العربية والإسلامية  دور صلاح الدين الأيوبي في تحريره للأقصى، و قضائه على الاحتلال الصليبي بعد مائتي سنتة…
وهذا إن دل على شيء، فإنه يشير بالبداهة ، إلى استئناف النهضة الحديثة في دورها في وحدة المصير، وشرف المواجهة ، وتركينها على أسسها  الصحيحة تحت عنوانها العريض  في التضحية المشتركة، والنضال من أجل تحرير الأقصى، وفلسطين كل فلسطين من البحر الى النهر.
فهل نقول بدون المغالاة في الطرح إنما انقطع من تواصل حضاري منذ سقوط بغداد ١٢٥٨م، يستعاد للتأسيس عليه اليوم، لتتبوأ إيران –  هذه المرة – قيادة الأميتين العربية، والإيرانية،، ؟
ومن كان يخادع نفسه، ويدافع عن الكيان الصهيوني، تحت مبررات  خاطئة، كاذبة، كلما استجاب  لنوازعه النفسية المريضة ، وانفعل سلبيا  بالوعي الزائف، لأصحاب النزاعات المذهبية، وغيرهم من المتحالفين مع الشيطان الأمريكي الصهيوني، الغربي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ناضلت بالعلانية –  وليس بالسر –   فجعلت من قوى المقاومات العربية حلفاء لها –  وليس أذرعا  لها، فحسب –  فاتسع تأثيرها ، بتعاظم دورها  لقيادة التيار التحرري في الأمة العربية على الأقل،  وذلك عندما أخذت موقعها الريادي  في تحقيق اهداف الوعي العربي القومي، والوطني..
وأكبر دليل على ذلك، هو التأييد اللامشروط  للثورة الإيرانية بالأمس، وقبله في مواجهتها للعدوان الإجرامي من طرف قوى الاستكبار الأمريكي، والصهيوني.

 وإنما ما صدر بالأمس من  بيانات لمختلف اتجاهات القوى الحية في الوطن العربي من موريتانيا على لأطلس  إلى اليمن، وعمان على الخليج العربي..
فيؤكد  الرفض  العام ، والتنديد بالتحالف الرجعي مع الصهاينة في الدفاع عن كيانها الزائل مهما وقف معه المرجفون من أنظمة الحكم العربي المتصهين، وما وصلت إليه تلك الأنظمة  من إجرام في حق الأمة، واستهتار بقواها الشعبية فيما  تردد اعلاميا، أن أنظمة العمالة، والخسة، اعترضت  بدفاعاتها الجوية لصد  المسيرات الإيرانية الموجهة الى قلب الكيان الصهيوني لتحرقه بنار الثورة، وأدواتها الفعالة..!

   إن الوعي بالتاريخ مهم جدا، وهو ما ظهر في بيانات القيادة العسكرية الإيرانية، وهي تعيد المفاهيم والوعي الجمعي في الذاكرة الحية، لشعارات القيادة القومية غداة حرب حزيران ٦٧، في ” الردة على آثار العدوان” الأمريكي – الصهيوني، وكانت حرب الاستنزاف، هي الرد المستوفي لشروط المعركة، كما شكل ردا عنيدا، ورافضا لنتائج المعركة العسكرية، وذلك باستئناف جيش مصر –  عبد الناصر، لأول مرة حرب العصابات الذي تمرس عليه الثوار حين انكسر الجيش ..
ولقد أذاقت حرب الاستنزاف، العدو الصهيوني، خسائر فادحة، اعترف بها قادته العسكريون، والسياسيون على حد سواء..
واليوم من يقرأ في البيانات التي صدرت عن القيادة الإيرانية السياسية، والعسكرية، يدرك مستوى التطابق بين المفاهيم فضلا عن المضامين المشتركة  في ضرورة ”  “الانتقام” – وهو يقابل في حرب حزيران الأولى  محو آثار العدوان – والثأر للقادة العسكريين، والعلماء  النوويين الإيرانيين، والمدنيين من الشعب الإيراني، الشقيق الذي اعتدى عليه العدوان الأمريكي – الصهيوني،،
وسيدفع الكيان الصهيوني أثمانا باهظة، ستسقط قوته العسكرية، وقيادته السياسية، ووهما الطريقان لتحرير فلسطين،،
وهذا يعني بكل وضوح، أن فجرا جديدا،  بدأت تباشيره منذ ٧ من أكتوبر ٢٠٢٣م. ولا زال طوفان الأقصى،  يوسع  دوائره، ويجلب للمعركة  الخيرين، والشرفاء  من أحرار الأمتين العربية، والإسلامية.. وقد أخطا من اعطى  معركة التحرير، عنوانا آخر غير  ” النصر، أو الشهادة” على درب طوابير الأستشهاديين  الذين تصدرهم القادة العسكريون  والسياسيان منذ استشهاد  الراحل “محمود رياض ” في حرب حزيران ٦٧  الى قادة القوات العسكرية الإيرانية الذين استشهدوا بالأمس في الثالث عشر من حزيران (١٣/٥/٢٠٢٥ ) ..

وهذا التقابل بين ما حدث بالأمس، وما يحدث اليوم،  يشكل صفحات مشرقة من تاريخ الشعبين العربي، والإيراني ..
  ولكن ذلك لن يغفل، تراجع مستوى الوعي منذ اتفاقية الاستسلام ” كامب ديفيد”، لكن نأمل، أن ترتفع معدلات الوعي العربي في هذه المعركة، وتجاوز، بل تخطي  التيئيس، وانعدام الثقة في النفس، وفي ثوار الأمة، وحلافائها الحقيقيين،  الامر الذي يعطي جرعة  الأمل، ويفعل الطموح الذي يجب أن يشرك في المعركة القوى الحية في أمتنا، لا أن تنتظر ما سينعكس على نتائج  معركة المصير..

       ولن أخفي على القراء الكرام في موقع ” رأي اليوم”، أننا لا نواجه التقصير في الوعي بما يكفي، لأن الوعي هو الجبهة الثانية  بعد الجبهة العسكرية في معركة الأمتين: العربية، وقيادة الإيرانية، وسنبقى من الآن  نسمي الظواهر بأسمائها، فمعركة  ” طوفان الأقصى” منذ سنة ونصف، كانت مقتصرة على أحرار العرب، والقيادتين السياسية، والعسكرية  في الثورة الإسلامية الإيرانية، وهي بهذا الدور كانت ولا تزال تقود الأمة الإسلامية التي وصل تعدادها أكثر من ملياري مسلم، والتفاعل مع الأحداث وطنيا، وعالميا، سيؤكد  مصيري الأمتين في هذه الوقائع اليومية في المعركة الدائرة ..
وما لم تدخل الشعوب الإسلامية في المعركة بفرض مواقفها الوطنية، والأسلامية، على قيادتها،، فإن جبهة الوعي، ستبقى غائبة، ودورها سلبيا، ومن عيناته المؤلمة للضمير الحي، هو الذي ظهر – ولازال يظهر –  تحت أشرطة الأخبار على شاشات القنوات العربية من مداخلات مكتوبة من طرف بعض  المشاهدين ، كتبها للأسف أعراب جاهلون، أو مغيبو الوعي، فعبروا فيها عن نزعة طائفية وضيعة، وسافلة،  قرأناها في تلك الوسائط  الإعلامية التي تعكس الوعي  الساقط  الذي لا يكتب عنه الا الذباب الالكتروني الصهيوني، أو المتصهينون..!!
وكذلك الحال فيما نلتقي من بعض الأشخاص الذين قصرنا في  تشكيل وعيهم، لذلك صار وا ضحايا وعيهم بما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي..!
فنحن نلتقي بهم  في المقاهي، والمطاعم، ولا نعرف، أنهم من جهة الوعي المغيب،  هم بمثابة قنابل موقوتة، يمكن أن تنفجر في وجه أي واحد  منا، حيث أني بالأمس، كنت مع  ابني ” حسن” نتناول الغداء بعد صلاة الجمعة، وجلسنا ننتظر الوجبات، وقبيلها، جلس بجانبي، أحد معارفي، وكنت مشغولا بمتابعة الأخبار من الهاتف، تارة اسمع، وطورا انظر فى العواجل على شاشة ” الميادين”، وإذا بهذا المتطفل،  يسألني: ” هل تتابع الهجوم على إيران؟ “
فقلت :  نعم ،،
قال: إنهم خاسرون؟
قلت : من تعني؟
قال: الشيعة الإيرانيين..!
فوضعت  سماعات  في أذني،، وتشاغلت عنه.
قال : ألم يعجبك قولي؟
فلم أرد عليه،،
قال:  لعلي، كنت خاطئا في معرفتك، وهذا الذي تأكدت منه خلال تبرمك هذا المفاجئ لي، وأعراضك عن الكلام  معي في الموضوع ، وبينما كان، ينفث ” قرح” وعيه النازف بالأمراض النفسية التعيسة..وصلت مقبلات وجبة الغداء، فقلت له : ” الآن حضر الطعام، وانتهى الحديث الذي يرفع شهية الطعام، فلتسامحني، لنواصل الحديث في وقت آخر،  وقبل أن يسكت مشكورا.
قال: وإذا لم أسكت، بهذا الرد لما فيه من محاولة التكميم،، فما هو ردك علي؟
 قلت : أن نتقل إلى طاولة أخرى لتناول غدائي بشهية مفتوحة… فنظر إلي، نظرة فاحصة، تكاد عيونه تنطق بالسخط علي، أو ربما بالندم على ما قال لي، وقد لا حظ رفضي له،  لكن ما المشكل في أن يرفض المستمع، موقفا لمتحدث تافه لوعيه الزائف ، والمغشوش، وهو بالمناسبة ليس وعيا لفرد متخلف من أمة لا تقرأ، بل هو الوعي العام نسبيا الذي يغيب حضور مجتمعات الأمة عن معركتها المصيرية…!
فهل تجدد  هذه المعركة الوعي، و توجه  دور الطليعة الثورية العربية  في الوطن العربي،، إلى الجبهة الثانية، جهة التوعية، وتنوير الرأي الوطني، والقومي؟

     كاتب عربي