إيران تلوح باستسلام المنطقة… فما هو مصير تهديد الأردن بإلغاء قرار فك الارتباط؟

فؤاد البطاينة
العدوان على ايران امريكي الدم أوروبي اللحم، وصرخة كي ننتهي من خدعتهم بقصة اسرائيل. فهي قاعدة عسكرية امريكية بحجم ومضمون مستعمرة مسلطة على دول المنطقة وشعوبها، لإخضاعها كمنطقة نفوذ ومنطلق للعالمية، وأهم الأدوات اصبح حكام تعينهم امريكا لحسابها، فلم تعد تكتفي بأنظمة عميلة. الحل فقط عند الشعوب.
ايران هي العرق الأخضر الباقي في الشجرة، فهي وحدها التي تقاوم استسلام المنطقة. وعلى تركيا ان تنتبه وتتخلص من دور السمسار. فيا أيها الجهلة والمنافقون في الدين والأوطان والقضية من جلدتنا، ويا ايها الاصدقاء ايضا، ايران ستنتصر لان النصر للأحرار وللمؤمنين به. وبرنامجها النووي سيتعزز هذه المرة لانه قوة وحق لها، وحاجة فحملها ثقيل. كونوا معها لا عليها ولا تكونوا مع الشيطان والمغضوب عليهم وكفاكم خسة ونذالة ومسحا للأحذية. ولكني سأبقى دائم الذهول ما دامت ايران تفشل في مواجهة الحجم الضخم والنوعي للاختراقات الأمنية والاستخبارية.*
وفي هذا القال المعد مسبقا اقول، شعار الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين هو طرح سياسي استراتيجي تقتضيه الضرورة. مرفوع بوجه ادعاءات وأطماع الكيان الصهيوني بضم وتهويد ما تبقى من فلسطين والمباشرة بالفتك بالاردن انطلاقا من نشر وتسويق مقولتهم، بأن الأردن جزء من فلسطين لتسويغ ضم الضفة والقطاع وتفريغ مكونات القضية الفلسطينية في الأردن باعتباره ارضا فلسطينية يخضعونها لاستحقاق سايكوسبيكو ووعد بلفور وصك الانتداب من واقع تعريفهم لحدود فلسطين بأنها من البحر إلى عمق الصحراء، أي تشمل الأردن . وهم يروجون منذ اربعة عقود بأن “إسرائيل” طبقت قرار تقسيم فلسطين مكتفية بأخذ ربع مساحتها من البحر الى النهر، وترك الأربعة أخماس الباقية وهي الأردن، للعرب. وللعلم فإن قرار التقسيم ينص على أنه بين اليهود والعرب وليس بين اليهود بل، رغم ان خريطة التقسيم كانت محصورة بفلسطين بين البحر والنهر.
نحن نؤمن بأن الوطن العربي ملك سيادي لكل عربي من مراكش للبحرين. ونؤمن بعراقة أقاليمه، وبأن فلسطين والأردن جزءان من سورية، ولكن ما كانا يوماً في التاريخ وحتى تحت أي حتلال إلّا وحدة جغرافية -سكانية – اجتماعية وإدارية واحدة. وكمثال على اصالة هذه الرابطة فهناك بلدة أردنية غائرة في التاريخ، ، هي “طبقة فحل ” اPella، وأرجو وضعها على القوقل.
وعليه، نتكلم سياسة ونقول، أن الصهيونية استغلت وتستغل تلك العلاقة بين الأردن وفلسطين، أرضا وشعباً ومجالا جغرافياً استراتيجيا للكيان، ليكون مشروعها ببذرته الأولى في سايكوسبيكو ووعد بلفور شاملا للأردن كجزء من فلسطين في دعوى ادعائه الذي يسوقه للغرب. فالصهيوني يعرّف فلسطين وحدودها بمصطلح (الأراضي المقدسة) ويجعل الأردن في صلبها لتكاملية مشروعه. ولقد كنا في الأردن مخطئين حين انجرينا لملعوب الخرافات التوراتية وثبتنا وجودها في الأردن.
في مسألة التجنيس نقول بأن تواصل التواجد الفلسطيني في الأردن، و الأردني في فلسطين لم يتوقف يوماً. وأنه اذا كان تجنس الفلسطيني في الشتات بجنسيات أجنبية هو عمل سياسي عاقل، لأنه يعني كسباً لساحات جديدة لنشر الوعي عن القضية الفلسطينية والدفاع عنها، وصنع صوت فلسطيني فيها تحت القانون، إلّا أن التجنيس الفلسطيني في الأردن على وجه التخصيص لا سيما الجماعي منه، هو تجنيس سياسي خطير يصب في صالح نظرية العدو بفلسطينية الأردن ودعماً لمساعيه ومخططه في التهجير والتوطين في بلد يعتبره جزءا من فلسطين، مما يضرب بالعمق القضية الفلسطينية وهويتها وسلامة الاردن وهويته السياسية. وسيبقى هذا التجنيس مُحرماً ما لم نسقط أولاً المشروع الصهيوني وتكامليته في القطرين.
مقابل كل ذلك يجب أن يفهم الأردنيون والفلسطينيون بأن التحدي الوجودي أمامهم مشترك، فالمصير واحد، ويجب أن تكون المواجهة مشتركة. فهذا هو العنوان الحقيقي وكل ما غيره من عناوين تُدس هي بالضرورة ثانوية هدامة يجري صنعها للتضليل وحرف البوصلة عن عنوان التحدي الحقيقي.
وعلى الأردنيين أو الشرق اردنيين ان يرتقوا لمفهومين:
ـ الأول، في مفهوم الدولة والشعب، ففي هذه اللحظة التاريخية، علينا أن لا نطرب لتعريفنا بقبائل وعشائر وأنساب، بل نحن شعب، ودولتنا دولة شعب، وشجرتنا شجرة شعب ووطن.
ـ الثاني، أن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين ونقطة، ولا للأردني مجرد قضية قومية تخضع للخيانات أو المزايدات أو للدعم، بل هي قضية أردنية وطنية، ولدت هكذا من رحم المشروع الصهيوني باسم القضية الفلسطينية. والمقاومون عن فلسطين منذ قرن، والآن في غزة، إنما يقاومون عن الأردن أيضاً.
نستأنف في التجنيس وأقول، أن ما حصل من ضم للضفة الغربية مع الأردن، فقد شابته الخيانة عندما ترافق مع التجنيس الجماعي ومنع قيام كيان سياسي فلسطيني، وتغييب الهوية السياسية الفلسطينية الوطنية مبكرا، وكان الأحرى هو أن يسلك الأردن في الضفة سلوك مصر مع غزة. أما وقد حصل الضم. فالمصيبة الكبرى كانت في توقيت قرار فك الارتباط والتخلي عن الضفة الغربية وهي تحت الاحتلال بطلب عربي مدسوس وإلحاح عرفاتي أهبل، حيث كان هذا بمثابة قرار بإعادة الضفة للكيان كوديعة، بدلا من استعادتها أولاً بموجب القرار 242 القائم على مبدأ الأرض مقابل السلام، واستفتاء شعبها بمصيره ولكن….*
ولكن الفرصة ما زالت قائمة أمام الملك وربما تكون فرصته الذهبية ولو كورقة في مواجهة اللحظة الملعونة، وقد تقلب الطاولة قلبة سياسية قانونية تعيد الحسابات لدى الكيان وأمريكا، وتشعل حراكا سياسيا دوليا ايجابيا وترسخ صمود الأردن. أما كيف، فأرى أن يكون ببيان أو تصريح من الحكومة بالمضمون التالى:
كان الأردن قد سلم الضفة الغربية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولم يسلمها “لاسرائيل” . وحيث أن سلطة الاحتلال هذه استغلت القرار على مدى سنين وأمعنت بقضم أراضي الضفة وبزرع المستوطنات التي وصلت للحدود الأردنية، وبذبح شعب الضفة من المحتجين على الإحتلال، وحولت منظمة التحرير المتمثلة بسلطة اوسلوا الى شريك اسير عندها، وماضية في تهويد الضفة وتهجير مواطنيها ، فإن حكومة المملكة الأردنية الهاشمية أمام هذا الوضع الخطير عليه وعلى المنطقة، بصدد دراسة إلغاء قرارها بفك الارتباط مع الضفة واستعادتها لسلطانها بموجب القرار 242 القائم على مبدأ الأرض مقابل السلام كجزء محتل من أراضي المملكة. واستفتاء شعبها لتقرير خياره.. انتهى
ولكن لننتبه، تنفيذ مضمون البيان المقترح على الارض تواجهه تعقيدات وصعوبات كأداء فلسطينية واسرائيلية واردنية سواء كان الخيار هو الوحدة مع الاردن او بدولة فلسطينية مستقلة بين الأردن والكيان. والصعوبات هي من حيث طبيعة الدولة الفلسطينية وحكمها ونظامها ونهجها ، وصعوبة التوافق بين فئات الشعب الفلسطيني عليها. والمهم هنا، انها نفس الصعوبات التي تواجه حل الدولتين واية تسوية سياسية، وتفشلها وتجعلها مستحيلة بوجود اسرائيل كدولة محتلة في المنطقة. وهو الأمر الذي يؤكد خرافية الحلول السلمية ويرسخ عقلانية التحرير بالمقاومة. وما اردته من البيان او التصريح ليس تنفيذه بل بما يشكل التهديد به من صدى دولي واسرائيلي يكبح جماح اطماع اسرائيل بالضفة وفي الأردن . ولكن إذا كان بالمحصلة مصير الضفة هو ضم اسرائيل لها فهنا من الأفضل والواجب أن يلغي الأردن تعليمات فك الارتباط بالضفة فعليا، ويعلق اتفاقية وادي عربة رهنا باستعادة الضفة كأراضي أردنية احتلت في عدوان ال 67.
كاتب عربي اردني