بدء جولات ‘قرش الحوت’ في قطر: دليل شامل لتجربة مميزة لا تنسى

لندن-راي اليوم
تخيل أن تستيقظ قبل بزوغ الفجر، لتجد نفسك على متن قارب فاخر يشق برفق مياه الخليج العربي، بينما ترسم الشمس أولى خيوطها الذهبية على صفحة البحر الهادئة. ما ينتظرك ليس مجرد رحلة عادية، بل مغامرة طبيعية ساحرة قبالة السواحل الشمالية لدولة قطر، حيث يلتقي الزوار بمشهد مذهل لآلاف أسماك قرش الحوت العملاقة تسبح في سكون المياه.
واقع يتكرر كل صيف
ما قد يبدو حلماً يتحول إلى واقع سنوي خلال موسم يمتد من يونيو حتى سبتمبر، حيث تستضيف المياه القطرية واحدًا من أكبر تجمعات قرش الحوت في العالم، إذ تفوق أعداد هذه الكائنات المهيبة 300 فرد في مكان واحد.
وتتيح السلطات القطرية للسياح والمقيمين فرصة المشاركة في هذا الحدث الطبيعي الفريد من نوعه عبر برنامج “موسم قرش الحوت في قطر”، الذي ينظم رحلات استكشافية على متن قوارب فاخرة، توفر للزوار فرصة فريدة لرؤية هذه الكائنات الضخمة من مسافة قريبة دون الحاجة للغوص.
رحلة مدتها 8 ساعات
تنطلق الجولات البحرية من ميناء الرويس في أقصى شمال قطر، وتستمر حوالي 8 ساعات من السادسة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، بسعر 710 ريالات قطرية (حوالي 195 دولارًا) للفرد، مع خصم 50% للأطفال تحت عمر 12 سنة.
تشمل الرحلة وجبتي الإفطار والغداء، وخدمة الإنترنت على متن القارب، بالإضافة إلى خيار النقل من وإلى العاصمة الدوحة. تستغرق رحلة النقل بالحافلة من الدوحة إلى الميناء حوالي ساعة ونصف، مع انطلاق مبكر عند الساعة 4:30 صباحًا، والعودة إلى الدوحة الساعة 4 مساءً.
رحلة آمنة وتثقيفية
على الرغم من الحجم الهائل لهذه الكائنات التي يصل طول بعضها إلى 6 أمتار، إلا أن السباحة بجانب قرش الحوت تبقى آمنة تمامًا، إذ تتميز هذه الأسماك بأنها أليفة ولا تملك أنيابًا حادة. لا تتطلب الرحلة الغوص أو السباحة، حيث يكفي الصعود إلى سطح القارب والاستمتاع بجمال الطبيعة.
يرافق الرحلة مرشدون متخصصون يقدمون محاضرات تفاعلية تسلط الضوء على حياة قرش الحوت، هجرتها، خصائصها البيولوجية، ودورها الحيوي في الحفاظ على توازن النظام البيئي البحري.
استدامة بيئية وتعاون مؤسسي
تأتي هذه الرحلات في إطار استراتيجية قطرية تهدف إلى ترسيخ مكانة الدولة كوجهة رائدة في السياحة البيئية المستدامة، مع حرص شديد على حماية التنوع البحري.
ويشمل التعاون مجموعة من الجهات الحكومية والخاصة، مثل شركة قطر للطاقة، وزارات البلدية والبيئة، شركة موانئ قطر، الخطوط القطرية، والإدارة العامة لأمن السواحل، لضمان تنظيم فعال ومستدام لهذه الجولات.
إقبال متزايد وفرص للسياح العابرين
لا تقتصر هذه التجربة على المقيمين فقط، بل يمكن لركاب الترانزيت في مطار حمد الدولي استغلال فترات توقفهم الطويلة للاستمتاع بهذه المغامرة البحرية الفريدة عبر حجز الرحلات إلكترونيًا.
وقد لاقت هذه الجولات إقبالًا كبيرًا، حيث تم حجز رحلات شهري يونيو ويوليو بالكامل، مما يدفع الجهات المنظمة إلى دراسة زيادة عدد الرحلات الأسبوعية لتلبية الطلب المتزايد.
قطر.. وجهة عالمية للسياحة البيئية
بفضل جهود الحماية والدراسة المكثفة لأسماك قرش الحوت، أصبحت قطر واحدة من الوجهات القليلة عالميًا التي توفر برامج متخصصة لحماية هذه الكائنات الضخمة، مما يعكس التزامها العميق بالحفاظ على البيئة البحرية وتعزيز السياحة المستدامة.
ويعود تجمع قرش الحوت الكبير في مياه شمال قطر إلى أسباب طبيعية، منها دفء المياه ووفرة بيض السلاحف، مما يجعل المنطقة نقطة جذب مثالية لهذه الأسماك الودودة.
هذه الرحلات الاستكشافية ليست مجرد تجربة سياحية، بل رحلة لاكتشاف طبيعة خلابة، وتجسيد حي لاهتمام قطر بالحفاظ على كنوزها الطبيعية وتقديم تجارب سياحية فريدة ومؤثرة.