الدكتور ربيع العمور: إيران وإسرائيل على وشك الهاوية: تحليل التحولات الاستراتيجية بعد صدام 13-14 يونيو 2025

المحامي الدكتور ربيع العمور
في 13 و14 حزيران 2025، شهد الشرق الأوسط واحدة من أخطر المواجهات بين دولتين من أكبر القوى الإقليمية: إسرائيل وإيران. الصراع الذي كان لعقود يُدار عبر “وكلاء” وأذرع ممتدة، انفجر فجأة بمواجهة مباشرة غير مسبوقة، هزّت قواعد الاشتباك القديمة وطرحت سؤالاً صارخاً: هل نحن أمام بداية حرب كبرى أم إعادة ضبط للردع؟
أولاً: سيناريو العملية – من الميدان إلى الرسائل
الضربة الإسرائيلية:
بعملية نوعية ومعقّدة، اخترقت إسرائيل العمق الإيراني، مستهدفة أكثر من 100 موقع عسكري وأمني. مصادر متقاطعة أشارت إلى مقتل قادة كبار في الحرس الثوري، من ضمنهم:
قائد سلاح الجو،
مسؤول الملف الصاروخي،
شخصيات مرتبطة ببرنامج إيران النووي.
تحليل:
هذه ليست مجرد ضربة، بل رسالة موجهة للنظام الإيراني، مفادها: “نستطيع الوصول إليكم في قلب طهران، في أي وقت.” هذه الضربات تحمل سمة “الإذلال الأمني”، وليس فقط التدمير.
الرد الإيراني:
الرد جاء بصواريخ بالستية ثقيلة وطائرات مسيّرة، انطلقت من إيران مباشرة باتجاه المدن الإسرائيلية الكبرى. رغم أن القبة الحديدية أسقطت أغلبها، إلا أن بعضها أصاب أهدافًا حساسة.
تحليل:
إيران أرادت فرض معادلة جديدة: “الرد من السيادة إلى السيادة”، وهذا تطور خطير يخرج الصراع من ظلّ الوكلاء إلى الضوء المباشر.
ثانيًا: البعد القانوني – هل ما حصل “عدوان” أم “دفاع مشروع”؟
بحسب القانون الدولي:
استخدام القوة بين دولتين يستلزم قرارًا من مجلس الأمن أو حالة “دفاع عن النفس”.
إسرائيل تقول إنها “منعت تهديداً وجودياً نووياً”،
بينما إيران تعتبر أن “أراضيها تعرّضت لعدوان صريح يستوجب الرد”.
النتيجة القانونية:
الصراع دخل في منطقة رمادية، تتداخل فيها مفاهيم “الردع الاستباقي” مع “حق الدفاع”، مما يعقّد مسألة اللجوء لأي تحكيم أو تدخل دولي حاسم.
ثالثًا: الدلالات الاستراتيجية – كسر قواعد الاشتباك
تحوّل في معادلة الردع
الرد الإيراني من داخل أراضيها وبشكل مباشر على إسرائيل غير مسبوق. وهذا يفتح المجال أمام تغيير قواعد اللعبة الإقليمية، وتوسيع رقعة النار.
موت “الحرب بالوكالة”؟
ربما نشهد بداية النهاية لنموذج الحروب غير المتماثلة في المنطقة (حزب الله، الحوثي، الحشد الشعبي…)، والانتقال إلى الصدام المباشر.
قلق نووي متجدد
بعد الضربة، تسربت تقارير بأن إسرائيل استهدفت منشآت على علاقة بالتخصيب في نطنز وفوردو. هذا يعيد فتح ملف “الخطر النووي الإيراني” على طاولة المجتمع الدولي.
رابعًا: الإقليم بين النار والنفط
– لبنان في قلب المعادلة:
حزب الله في حالة استنفار قصوى. أي تصعيد جديد قد يدفع الجبهة الشمالية إلى الاشتعال.
– الخليج يحبس أنفاسه:
دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، تحاول التوسط بهدوء. لكنها قلقة من أي توسع يطال منشآتها النفطية أو الملاحة البحرية.
– أسعار النفط قفزت:
النفط تخطى 100 دولار، والأسواق العالمية دخلت في حالة ذعر.
خامسًا: السيناريو القادم
هدوء مشروط؟
قد تضطر الأطراف لتبريد الجبهة مؤقتًا، لكن خطوط النار الآن باتت أكثر هشاشة.
تصعيد متدحرج؟
إذا وقع حادث جديد (قتل مسؤول كبير، أو قصف منشأة حساسة) فسيكون من الصعب العودة للتهدئة.
تدويل الأزمة؟
الولايات المتحدة، روسيا، والصين قد تتدخل سياسيًا، لكن ليس عسكريًا، لأن أي تورط مباشر سيشعل حربًا عالمية مصغرة.
ما حدث ليس مجرد معركة عابرة. هو تحوّل استراتيجي خطير، كسر الحواجز النفسية والسياسية بين إسرائيل وإيران. الشرق الأوسط اليوم ليس كما كان قبل 13 حزيران 2025، وسؤال الساعة لم يعد: “متى تقع الحرب؟” بل “هل نستطيع النجاة منها إن وقعت؟”.
كاتب اردني