منذر أبو حلتم: قسمًا بشعب إذا استجمع قوته

منذر ابو حلتم
السيف اصدق انباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
والنورُ يمضي إذا ما الليلُ في سَغَبٍ
يمحو الظلامَ ببرقِ الحسمِ والشُّهُبِ
ما العدلُ إلا سُيوفٌ في يدِ الغَضَبِ
إن نامَ حامي الحِمى جَارَتْ يدُ السَّلَبِ
والحقُّ يُؤخذُ لا يُهدى لطالبه
من لا يُقمْ حُجَّةَ السيفينِ لم يُصبِ
تلُّ الخرابِ بأيدي النار قد قُلبت
جمرًا تُفَجِّرُهُ الأحرارُ في الغَضَبِ
القصف أصدقُ إنباءً من الخُطَبِ
إذا احمرَّ فجرُ الردى في كفِّ مُغتَصَب
تلُّ الخرابِ تهاوى من صواعِقِنا
كبيت الرمل في غيث من السُحُب
لم يبقَ من ليلِهِ إلّا رمادُ دَمٍ
تروي تفاصيلَهُ الأشلاءُ والحُطَبِ
من غزّةِ النارِ جاءَ الفجرُ مندفعًا
فارتجَّ من زلزلاتِ الحقِّ مُنْقَلِبِ
صَفُّ السلاحِ أصدقُ في الوغى طلَبًا
من كلِّ خُطبةِ وهمٍ خطَّها الكَذِبِ
إن القذائفَ لا تُخطي إذا غَضِبَتْ
وفي دُخانِ الردى ثأر من الغضب
قَسَمًا بشعبٍ إذا هبَّتْ عزائِمُهُ
لم يبق قيدا ولا ظلا لمغتصِب
ما بين “تلٍّ” تمادى في جريرتهِ
وبينَ طفلٍ يُصلّي وسطَ مُنقَلِبِ
جاءت صواريخُنا تمحو معالمَهم
كأنها البرق في ظُللٍ من السُحب
السيف أبلغُ في الأقوالِ من خُطبِ
في صَرفِهِ الحسمُ بينَ الصدقِ والكَذِبِ
ليلُ العدوِّ ارتجى سترًا فأوقدَهُ
لكنَّ في برقِها سرٌّ لمنتقِبِ
من مهدهِ قامَ طفلٌ كي يُقاتلهم
ما خافَ طيفَ الردى أو سوء منقلب
يروي الحكايةَ بالأشلاءِ إن كتبوا
تاريخَهم بدمعٍ سالَ في الكتب
تحتَ الركامِ دعاءٌ ما تأخَّرهُ
ربّ السماواتِ لا ينسى ولا يَغِبِ
والأمُّ تمسحُ خَدَّ الطفلِ باسِمَةً
كأنّها الشمسُ في فوضى من اللَّهبِ
لا تسألوني عن الرايات قد خفقت
فالحقُّ آتٍ، ان اصررت في الطلبِ
الصبر يُجدي، ما في القلبِ مِنْ لَهَبٍ
سيُورِقُ النورَ في جنحِ الدجى الخَرِبِ
فانهضْ يُمَانيُّ، فيك البرقُ إن هَتَفَتْ
أرضُ الكرامِ، وفيك العزم للغضَبِ
ونار الشرق للافاق ترفعنا
كأنّها نارُ ليل في يَدِ الحَطَبِ
دكّ الصواريخُ تلْ أبيبَ فانكشفتْ
كأنها وهيَ تغلي قشرةُ العَصَبِ
والنارُ تُخرجُ ما في الجوفِ من خُدعٍ
وتسألُ الخصمَ عن تأريخِه الكَذِبِ
لكنَّ في البرق نور يستدل به
يُري العيونَ زُيوفَ اللثغ والخَشَبِ
غدروا الطفولةَ قد ذبحوا براءتها
وساقُها النارُ في جمرٍ من العَتَبِ
فتفجرت في سماهم ألفُ غاضبةٍ
كأنها الرعدُ في آفاقِه يَثِبِ
غزّةُ الجرحُ لكنْ في دماها ندى
يَخُضُّ فجرَ المدى من سُهدِ مِغتَربِ
كم آيةٍ في الدّما نُقشتْ، كأنّ بها
قرآنَ صبرٍ على انفاس مُكتئبِ
هذا هو الحسمُ، إن ضاعتْ وسائطُهم
فالحقُّ يُنطِقُهُ التاريخُ بالعَجَبِ