نورالدين الطويليع: إلى أبناء صهيون: اعتذار.. جميعنا معادون للسامية.

نورالدين الطويليع
بداية، نقول لكم شلوم، ونشاطركم الرأي بأنكم شعب الله المختار، ومن يعاديكم يعادي الرب والأنبياء والرسل والإنسانية جمعاء، بل هو عدوُّ نفسِهِ، لا يعرف أن مصلحته تكمن في انتداب نفسه خادما لكم، ساعيا إلى توفير الأمن والطمأنينة والسعادة لكل واحد منكم، وإن لم يفعل، فمصيره اللعنة والخزي والعذاب الأليم والوقوع في درك معاداة السامية التي تعني الطرد من رحمة الرب وإغضابه ونيل سخطه والتمرد على إرادته التي تبوئكم منزلة الأسياد، وتطلب منا، “معشر الأميين”، أن نؤدي دور الخادم المطيع الذي لا يجوز له أن يتردد في تقديم رقبته ورقاب عشيرته لكم دون أدنى تردد، ليغادر هذا العالم بصفر ذنبِ معاداةِ السامية، وينال البراءة التي تخول له الخلاص، وتجلب لكم القرب من الرب.
أيها الساميون النبلاء، لقد تابعت صرخاتكم ونداءاتكم إلى العالم الحر، ودعواتكم إلى تدخل المنتظم الدولي لكبح جماح “الإرهابيين” الذين قتلوا رجالكم ونساءكم، وآلمني كثيرا صمت هذا العالم وتواطؤه مع “القتلة”، وتركه إياكم فريسة هذا التغول، وأنا أضع يدي على قلبي الآن مخافة أن يأتي علينا جميعا غضب الرب، لأننا لم نرعَ حقوق أبنائه وأحبائه، واكتفينا بالتفرج على مشاهد الدمار التي غزت الشاشات، ومنا من تجاوز الحد، وتكهم وسخر مما تتعرضون له، دون أن يدرك أنكم العرق السامي الوحيد الذي وُجدت هذه الحياة من أجله، وكل فعل أو قول مسيء يعرضه ويعرضنا جميعا لخطر الطرد من رحمة الرب الذي ترون وتتصورون.
يا “أبناء الرب وأحباءه”، سمعتكم تتحدثون عن براءة كيانكم، وتحلفون بأغلظ الأيمان بأنكم لم تسعوا إلى إذاية أحد، وأنكم تبتغون نشر الأمن والسلام، ونحن نقول لكم: لستم في حاجة إلى القَسم، فنحن نصدقكم في أبعد من ذلك، وما أفعالكم في فلسطين سوى عربون على حسن طويتكم، لم تترددوا في الإقدام على كل الأفعال الإنسانية هناك، احتويتم الأطفال وأكرمتم النساء، ونشرتم الأمن، وحرصتم على تثبيته، ولذلك لم نسمع عن مذبحة أو مجزرة أو حصار أو تجويع أو قتل بدم بارد خبيث منذ وطئتم هذه الأرض، وما نقرؤه في كتب التاريخ ليس سوى مؤامرة، تستهدف النيل من “طهركم” وخُلُوِّ سجلكم من القتل والمكر والخداع، فدير ياسين، وصابرا وشاتيلا وقانا وأخواتها ليست سوى أسماء لمجازر من وحي الخيال، وما نتابعه عبر وسائل الإعلام من أخبار القتل الرجيم في غزة لا يعدو أن يكون محض افتراء من أعداء السامية، وقلب لحقيقة طبيعتكم “الملائكية” التي نحاول إنكارها حسدا من عند أنفسنا.
أيها الساميون الاستثنائيون، لكم أن تقتلوا منا من تشاؤون، توقفوا في ساحة السراح المؤقت من تريدون، وتُسَمِّنُوا من شئتم إلى حين أن يأتي أوان ذبحه بالطريقة التي تشاؤون، وفي اللحظة المناسبة التي ترون… لكم أن تبثوا الدسائس بيننا، وتنشروا خبثكم كما تريدون، وتسمموا العلاقات الإنسانية بكل وضاعة وحقارة، وتفرقوا شمل الدول والمجتمعات، وتخلقوا الفتن…، وليس من حق أي منا أن يعترض، أو يعبر عن شطر شطر الرفض، ومن يتجرأ على اقتراف جريمة الإدانة، فلكم أن تقصفوه بوحشية، ولكم، فوق ذلك، أن تصلوا صلوات الإحساس بالمظلومية، وتفضحوا تمرده على رؤوس الأشهاد، ولكم أن تتباكوا في المؤتمرات والملتقيات بسردية الذات المظلومة التي لا يُراعَى مقامُها العالي بالخسة والدناءة والانحطاط الأخلاقي والإنساني.
أيها الساميون، لا يعقل أن تظلوا حبيسي مساحة صغيرة كما قال راعيكم، لكم أن توسعوا على أنفسكم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، خذوا الشرق الأوسط كله، وأضيفوا إليه كل آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا, فكل البلدان في مختلف قارات العالم، لا يجوز أن تكون في عهدة إنسان لا ينتمي إلى كيانكم، لأنكم ببساطة أبناء الرب، وهذه القرابة تخول لكم الخلافة فيها، وتوظيف إنسان الدرجة الثانية والثالثة والعاشرة لخدمتكم، كُلٌّ حسب مرتبته وجنسه وعرقه.
أيها المخبولون، لقد حان الوقت لتتخلصوا من أوهامكم العقدية، ومن تخاريفكم، وتخلصونا من دعاياتكم الكاذبة، فما أن أنتم سوى حثالة البشر، ولو نُسخ الخنزير مسخا ثانيا ماكان ليصل إلى حقارتكم، كفاكم ترديدا لسمفونية ناشزة، صارت مقرفة، وتحولت إلى نكتة سمجة، تبعث على الضجر، وتزيدنا مقتا لكم وإدراكا لتخلفكم عن ركب الإنسان الخالص ورسوخكم في قعر الحيوانية المتوحشة.