الأستاذ حسوني قدور بن موسى: صواريخ العزة والكرامة الإيرانية كعمل انتقامي لأرواح الأطفال الأبرياء في غزة

الأستاذ حسوني قدور بن موسى: صواريخ العزة والكرامة الإيرانية كعمل انتقامي لأرواح الأطفال الأبرياء في غزة

 

الأستاذ حسوني قدور بن موسى
أعلنت وكالة تابعة للأمم المتحدة أن الحرب في غزة كانت مدمرة بالنسبة للأطفال، حيث قتل فيها أكثر من 13 ألف طفل فلسطيني، فضلا عن إصابة نحو 25 ألفا، كما نقل أكثر من 25 ألفا آخرين إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية.وقال نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة “جيمس كاريكي” ، في الآونة الأخيرة لمجلس الأمن: “كونك طفلا، فإن غزة هي أخطر مكان في العالم يمكن أن تكون فيه، و أطفال غزة لم يختاروا هذه الحرب، ومع ذلك فقد دفعوا الثمن الأكبر”.
وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أنه من بين 40 ألفا و717 جثة فلسطينية تم التعرف عليها حتى الآن في غزة، كان ثلثها من الأطفال الابرياء.وقالت الوكالة إن هذه الأرقام صادرة عن وزارة الصحة في غزة. وأفادت وكالة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، بأن تقديراتها تشير إلى إصابة 25 ألف طفل بناء على تحليل للمعلومات التي تم جمعها مع وزارة الصحة في غزة.
و بالرجوع إلى  التاريخ الأسود، منذ نكبة 1948 تقوم السياسة الأمريكية العدوانية في الشرق الأوسط على مبدأ مساندة الكيان الصهيوني عسكريا و سياسيا و اقتصاديا و الاشراف المباشر على شؤون دول المنطقة دون اشراك عنصر ثالث في هذه المعادلة وهي واثقة من أنها قادرة على السيطرة على الوضع الحالي الذي تسيطر فيه اسرائيل على الاراضي الفلسطينية و محاولةاحتواء دول المنطقة و من بينها ايران التي تشكل خطرا حقيقيا على وجود هذا الكيان منذ سقوط شاه ايران محمد رضا بهلوي و ذلك اما عن طريق استعمال القوة العسكرية و اما عن طريق التطبيع و تعتبر ايران الرافضة للوجود الاسرائيلي في المنطقه من بين الاهداف العسكرية الإسرائيلية، كما أن سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيارالكتلة الشرقية أدى إلى سيطرة أمريكا و انفرادها بزعامة العالم الأمر الذي أتاح لها فرصة التدخل العسكري في كثير من الدول في أمريكا اللاتينية وأسيا وافريقيا والشرق الأوسط للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، وفي هذا الاتجاه يأتي الدعم  الامريكي لإسرائيل و تأتي زيارة رؤساء امربكا إلى المنطقة العربية و محاولة استرجاع زعامتها لقطب النظام العالمي الأوحد و هي التي كانت زعيمة الائتلاف الدولي المنتصر في حرب الخليج لحماية مصالحها المرتبطة بالنفط و حماية أباره و ضمان وصول امداداته الى الدول الصناعية المتقدمة من دون انقطاع خاصة في ظل حرب روسيا على أكرانيا التي تسببت في أزمة الطاقة و الغذاء، و منذ الخمسينيات وضعت الدول الغربية و على رأسها أمريكا و بريطانيا ترتيبات أمنية تواكب مصالحها في منطقة الشرق الأوسط اتخذت شكل أحلاف عسكرية لكنها اصطدمت بقوى شعبية رافضة رغم تحالف أنظمة عربية خائنة للقضية الفلسطينية و للوحدة العربية، وما نشاهده اليوم من رفض شعبي في الدول العربية للسياسة الأمريكية الرامية الى السيطرة على المنطقة بكاملها، والمقصود من التواجد الأمريكي في المنطقة هو ضرب طوق على دول الخليج و خاصة ايران والعراق واليمن لمنعها من لعب أي دور في المنطقة لكن أمريكا تغيب عنها حقيقة ثابتة وهي أن هذا الحصار على دول المنطقة و سرقة خيراتها البترولية سيكون مكلفا حيث أن تدخلات أمريكا في كثير من دول العالم كلفتها خسائر بشرية و مادية جسيمة واجهتها منظمات حقوقية وشعبية في العالم وفي أمريكا نفسها باحتجاجات قوية رافضة للتدخل العسكري الأمريكي كما وقع أثناء التدخل العسكري الأمريكي الدموي في فيتنام والعراق واعدام الرئيس صدام حسين في يوم عيد الأضحى أمام أنظار مليار و 800 مليون مسلم في العالم، وكانت أمريكا تبرر تدخلها العسكري في العراق بمنع العراق من امتلاك الأسلحة النووية و محاربة الارهاب لكن في الحقيقة أن ذلك التدخل كان يهدف إلى أضعاف قدرات العراق العسكرية و الاقتصادية و حماية أمن اسرائيل، غزو وسيطرة عسكرية شاملة أدت إلى احتلال العراق بذريعة امتلاك أسلحة دمار شامل مما أدى إلى خسائر بشرية قدرت بمليون قتيل و مصاب و ملايين المشردين و إسقاط نظام الرئيس صدام حسين و انزلاق البلاد في عنف دموي لكن في الحقيقة أن الغزو العسكري كان يهدف إلى وضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة من طرف مسؤولي شركات نفط أمريكية كبيرة من بينها مجموعة  “هاليبيرتون النفطية” التي كان نائب الرئيس الأمريكي ”ديك تشيني” يتولى ادارتها والدليل على ذلك هو أن وزارة الدفاع الأمريكية منحت شركة النفط الأمريكية عقدين مختلفين بسبعة مليارات دولار لاعادة البنى التحتية النفطية العراقية والتزويد بالمنتجات النفطية المكررة في العراق و الثاني لتقديم دعم لوجستي للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط و أسيا الوسطى بقيمة 8.6 مليارات دولار ، كما أكدت وثائق سرية حكومية بريطانية وجود علاقة قوية بين شركات و مؤسسات نفطية وعملية غزو العراق و قالت أن خططا لاستغلال الاحتياطي النفطي العراقي تمت مناقشتها بين مسؤولين حكوميين و بين اكبر الشركات النفطية العالمية وخاصة البريطانية و منها شركة “شال” قبل عام من تاريخ غزو العراق وهذا يدل على أن التخطيط للغزو العسكري كان بمشاركة شركات البترول الكبرى و كشفت الوثائق السرية بأن الشركات البريطانية سيكون لها حصتها من الاحتياطات العراقية الهائلة من النفط والغاز مقابل التزامها سياسيا و ذلك مكافأة لها على الدور الذي ستقوم به بريطانيا عسكريا لاسقاط النظام العراقي و هذه العملية تذكرنا بأفلام  “رعاة البقر” الذين يتفقون على سرقة و نهب مؤسسة بنكية لاقتسام الغنيمة بينهم، وهذا العدوان، مع الأسف، شارك فيه بعض الحكام العرب اعتقادا منهم بأن الرئيس صدام حسين يهدد الأمن والسلم في المنطقة بل العكس من ذلك انه كان يهدد الكيان الصهيوني الذي يقتل الاطفال و النساء و الشيوخ ،و في مطلع يناير 2003 أعلن الرئيس الأمريكي  “جورج بوش” في خطاب له ألقاه باحدى القواعد العسكرية الأمريكية بولاية ” تكساس” أن بلاده جاهزة و على استعداد عسكريا للتدخل في العراق إذا رفض العراق نزع أسلحة الدمار الشامل التي يملكها و لقد حرضت أمريكا في عدوانها على العراق عشرين دولة استخدمتها لغزو هذا البلد، هذا بالاضافة الى قوى المعارضة بكردستان التابعة للحزبين الرئيسيين “البشمركة” العراقية و التنظيمات المقيمة بالمهجر و الأحزاب الشيعية اللاجئة و شخصيات تعيش في أوروبا كل هذا من أجل حبك خيوط عملية الغزو لاضفاء الشرعية على عملية عسكرية عدوانية غير شرعية تم تنفيذها دون موافقة مجلس الأمن، لكن الغزو العسكري الأمريكي الذي قام على أساس أن العراق يهدد دول المنطقة عن طريق أسلحة الدمار الشامل ما هو الا ذريعة و خدعة هدفها سيطرة أمريكا و حلفائها على منابع النفط والغاز العراقي و هذا ما يحدث اليوم من وراء العدوان الاسرائيلي على ايران ، وأمريكا التي اتهمت العراق بانتاج أسلحة نووية هي نفسها أول دولة طورت أسلحتها النووية وأنظمة ايصال الأسلحة بعيدة المدى وأجرت أكثر من 1000 تجربة نووية وأنفقت أكثر من 8.75 تريليون دولار لتطوير الأسلحة النووية، واستعملت العنف و دمرت دولا عديدة عن طريق التدخل العسكري في كوبا وغواتيمالا والدومينكان و كمبوديا وأفغانستان و ليبيا و الصومال و رووندا وهايتي و دولا أخرى ذات سيادة، و كان التدخل العسكري الأمريكي في العراق بتأييد من بعض الدول العربية الخليجية التابعة لأمريكا خلافا للمادة 7 من ميثاق الأمم المتحدة التي تسمح باتخاذ تدابير زجرية كلما وقع تهديد للأمن و السلم الدوليين.
وتعتبر قضية فلسطين المحتلة من أشهر وأبرز القضايا التي لعبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية متزعمة حقوق الانسان في العالم دورا شيطانيا خبيثا اذ نصرت الباطل على الحق فساهمت بذلك في اقتلاع شعب بأكمله من أرضه ربما لأول مرة في التاريخ الحديث ليحل محله عصابات صهيونية مسلحة  غرباء تهافتوا على أرض فلسطين من جميع أنحاء العالم امتثالا لدعوة الحركة الصهيونية العنصرية التوسعية بزعامة مؤسسها  “تيودور هرتزلت ” النمساوي الجنسية من أصل يهودي الذي يعتبرالمهندس والأب الروحي التاريخي للصهيونية السياسية الحديثة الذي شجع يهود العالم على الهجرة الى فلسطين والتخطيط لما يسمى بالهجرة المعاكسة أي تهجيرالفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين و طردهم الى خارج فلسطين.
وبميلاد الأمم المتحدة عام 1948 ساندت أمريكا الصهاينة على احتلال القدس العربي وأجزاء كبيرة من فلسطين بدعوى حق مزعوم لليهود فيها و بعثت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة لاستطلاع رأي السكان لتقديرالموقف وبضغط من أمريكا والصهيونية العالمية وضعت ما يسمى بخطة أكثرية بتقسيم فلسطين الى دولة عربية و دولة يهودية و تدويل مدينة القدس و رغم ادانة اسرائيل عشرات المرات في مجلس الأمن وألاف المرات في لجان الهدنة بسبب أعمال العدوان المستمر ضد الشعب الفلسطيني عجزت الأمم المتحدة عن تخطي مرحلة اللوم والانذار والتهديد الكلامي الى فرض العقوبات الواردة في الميثلق لقمع الاحتلال بل عجزت الأمم المتحدة عن ادانة العدوان الاسرائيلي سنة 1967 الذي افتخرت واحتفلت به اسرائيل امام الأمم المتحدة و ظلت أمريكا تدعم العدوان الاسرائيلي وتسانده عسكريا و سياسيا و اقتصاديا و في المقابل ظل الفلسطينيون يقاومون لوحدهم قوات الاحتلال الصهيوني الى يومنا هذا واستولى الكيان الصهيوني على نحو 78 في المائة من أرض فلسطين التاريخية متجاوزا بذلك ما نص عليه قرارالتقسيم رقم 181 الصادرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 علاوة على اقتلاع وتهجير سكان الأرض الأصليين حيث غادر فلسطين أثناء الحرب وبعدها زهاء 940 ألف لاجئ فلسطيني وترتب عن ذلك صدور القرار رقم 194 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولا ننسى أن الدول الغربية التي أصدرت اعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 هي التي احتلت مصر بقيادة نابليون وقسموا الوطن العربي إلى دويلات مصطنعة صغيرة لاضعاف القدرات العربية ولتسهيل عملية نهب و سرقة خيراتها الطبيعية و أهمها النفط و الغاز و لا ننسى كذلك أن هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 اعترفت بدولة (إسرائيل) وأنكرت حق الشعب الفلسطيني في الوجود فأصبح مشردا مطرودا من أرضه بلا وطن ولا هوية وأمريكا التي تتزعم اليوم، الدفاع عن أوكرانيا التي كانت حقيقة جزءا من الاتحاد السوفياتي، هي التي اعترفت بالكيان الصهيوني 5 دقائق بعد اعلان قيام اسرائيل في 14 مايو 1948 و كانت سببا في النكبة منتهكة بذلك العرف الدولي بخصوص الاعتراف بالدولة الجديدة وأمريكا التي أزعجها استعمال روسيا لحق الفيتو داخل مجلس الأمن هي التي استعملت هذا الحق عشرات المرات لعرقلة قراراته الصادرة ضد اسرائيل كما ظهر تواطؤ أمريكا مع اسرائيل عندما عارضت في 19 مارس 1948 صدور قرارعن مجلس الأمن يتضمن اتخاذ الاجراءات التنفيذية لضمان حقوق الشعب الفلسطيني ضد سياسة التوسع أثناء حرب 5 يونيو 1967 فأعلنت أمريكا صراحة مساندتها لاسرائيل وأعطتها الضوء الأخضر لكي تبدأ الحرب و قال الرئيس الأمريكي كلينتون أمام الكنسيت الاسرائيلي في 27 أكتوبر 1994:” رحلتكم هي رحلتنا وأمريكا الى جانبكم الأن وعلى الدوام” واستطاعت أمريكا الغاء قرار الأمم المتحدة الذي يعتبرالصهيونية معادلة للعنصرية و ظلت أمريكا على الدوام تشجع اسرائيل على المذابح الجماعية و قتل أطفال فلسطين وهدم المنازل و تهجير السكان الأصليين من ديارهم.
و تقوم السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط و الخليج العربي على عزل و منع أي دولة في المنطقة و خاصة ايران  من لعب أي دور سياسي أو عسكري حتى تبقى اسرائيل هي المتفوقة و البقاء على الحدود المرسومة حسب اتفاقية سايكس – بيكو المشؤومة التي قسمت الوطن العربي الى دويلات مصطنعة لاضعافها عسكريا و سياسيا واقتصاديا و لابقاءها دوما مرتعا للشركات الأجنبية الأمريكية و الأوروبية ، و كانت اسرائيل و منذ نشأتها تسعى بشتى السبل و الوسائل كي تقيم علاقات علنية مع الدول العربية و الاسلامية ليس من أجل التعاون بل من أجل احتوائها و السيطرة عليها مستغلة في ذلك التغيرات الاقليمية والعالمية خاصة بعد توقيع مصر و الأردن لاتفاقيتي كامب ديفد عام 1977 و وادي عربة عام 1994 و مما شجع اسرائيل على التطبيع هو تساقط أنظمة مركزية و صراع دول الخليج مع ايران الأمر الذي جعل اسرائيل تحصد ثمارا ديبلوماسية هي في الحقيقة اتفاقات تطبيع مع بعض دول الخليج و في هذا الاتجاه كانت زيارة “جو بايدن ” الى المنطقة العربية لتثبيت أقدام أمريكا في المنطقة بعد اهتزازات عرفتها المنطقة كان لها أثر سلبي على العلاقات الأمريكية الخليجية وهي لا تسعى الى اقامة أنظمة ديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان كما تزعم بل من أجل حماية مصالح أمريكا الاقتصادية والسياسية برعاية اسرائيل حارسها في المنطقة العربية، و ظل الرئيس ” دونالد ترامب” يدافع عن المملكة السعودية لكنه تساءل عن استمرار أمريكا في الدفاع عن النفط السعودي الذي يباع للصين و الدول الأسيوية و ليس لأمريكا و أوروبا و بدأ التفكير في اعادة النظر في الأموال التي تنفق والجنود الذين تذهب أرواحهم للدفاع عن مملكة دينية لا تشترك مع القيم الأمريكية.
الجزائر