آسيا العتروس: الاعتداء الإسرائيلي على إيران… حق الدفاع عن النفس مُعترف به للاحتلال فقط!

آسيا العتروس: الاعتداء الإسرائيلي على إيران… حق الدفاع عن النفس مُعترف به للاحتلال فقط!

اسيا العتروس

اسرائيل تهاجم الفلسطينيين منذ عقود طويلة.. اسرائيل تهاجم الضفة وتهاجم غزة وتهاجم الاقصى واسرائيل تهاجم لبنان واسرائيل تهاجن سوريا وتهاجم العراق وتهاجم ايران.. وهذا طبعا في قانون اسرائيل وقانون الحلفاء في الغرب يتنزل في اطار حق الدفاع عن النفس وهو ما أكده الرئيس الامريكي ترامب وكرره نظيره الفرنسي ماكرون وسوقت له المفوضة الاوروبية فان ديرلاين بما يعني تبني الموقف الاسرائيلي بشأن الهجوم على ايران والغاء ما تضمنه ميثاق الامم المتحدة بشأن حق الدفاع عن النفس الذي كفله لكل الشعوب.
يشير البند 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالحق الفردي والجماعي للدول في الدفاع عن النفس بوضوح لا لبس فيه أنه يتيح للدول الأعضاء استخدام القوة المسلحة في حال تعرضها لهجوم مسلح، وذلك إلى حين اتخاذ مجلس الأمن الإجراءات اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين…
ومنذ اللحظات الاولى للهجوم الاسرائيلي الذي استهدف ايران البلد العضو في الامم المتحدة وأدى الى دمار كبير استهدف منشاتها العسكرية والمدنية والى اغتيال قيادات عسكرية و فريق من كبار العلماء النوويين ظل رئيس الوزراء الاسرائيلي مجرم الحرب ناتنياهو يردد الاسطوانة المشروخة أن العملية العسكرية ضد طهران تاتي دفاعا عن النفس ,وهي مسألة تستدعي الانتباه جديا الى خطورة هذه العقلية التي يسعى ناتنياهو لتسويقها للغرب والترويج بأن فيما أقدم عليه دفاع عن قيم الغرب المتحضر وسلامة مواطنيه من خطورة السلاح النووي الايراني ولا شك أن في استساغة و تلقف هذا الموقف الذي يقطر زيفا وكذبا من جانب ناتنياهو يعني بكل بساطة الاستعداد لمزيد السيناريوهات العدائية من جانب ناتنياهو تتجاوز السيناريوهات المسجلة من سوريا و لبنان والعراق وفلسطين سواء في غزة أو الضفة و يمهد لتحويل مختلف دول الجوار الى حلبة مفتوحة يرتع فيها ناتنياهو الذي يقوده جنون العظمة وهوسه  باخضاع المنطقة لا هواءه واخضاع العالم لقانونه الاحتلالي التوسعي بكل الطرق المتاحة ..
حق الدفاع عن النفس مشروع لاسرائيل مرفوض لغيرها.
حق الدفاع عن النفس حاضر في مؤسسات العدالة الدولية بقوة لنصرة اسرائيل غائب عن فلسطين وسوريا ولبنان واليمن حاضر كالعادة لاجل اسرائيل ..
اختار نتنياهو أن يكون الهجوم يوم الجمعة في اشارة لا تخفى على مراقب في محاولته اسباغ الطابع الديني على الهجوم والمجاهرة بذلك واعتبار أن المواجهة دينية أيضا ..وذهب ناتنياهو الى أبعد من ذلك عندما خاطب الشعب الايراني وصرح بان العملية قد تؤدي الى تغيير النظام في ايران وهوما يذكر بتهديدات ناتنياهو بعد عملية طوفان الاقصى وتهديداته لاجتثاث المقاومة و استعادة الرهائن فلا هو اقتلع المقاومة ولا هو استعاد الرهائن والواضح ان ناتنياهو لا يريد استعادة الرهائن ولكنه يريد تدمير غزة وتحويلها الى مقبرة مفتوحة ويريد تكرار السيناريو في ايران.
والسؤال المطروح هل أن ايران من بادر بمهاجمة كيان الاحتلال الاسرائيلي؟ والجواب طبعا لا لم يحدث هذا ولا يمكن بأي حال من الاحوال ادعاء أن ما قام به ناتنياهو استباق لخطر وشيك. ولا شك أن الاعتداء الاسرائيلي على ايران حدث قبل أيام على المفاوضات الامريكية الايرانية المرتقبة في العاصمة العمانية مسقط وهو ما يقودنا للقول ان العملية كانت تهدف الى منع هذه المفاوضات , ولا يمكن الا لساذج أو غبي الاعتقاد أن ايران يمكن أن تذهب الى هذه المفاوضات بعد الاعتداء على سيادتها والقبول بأي اتفاق مذل ومهين لها وفق شروط ترامب ومن ورائه حليفه نتنياهو ..
الهجوم الاسرائيلي تم بانتهاء مهلة الستين يوما التي حددها ترامب لايران يوما بيوم و قال لوسائل اعلام أمريكية “لقد منحت أمريكا مهلة ستين يوما واليوم هو اليوم الواحد والستون كان عليهم ابرام اتفاق ” ترامب أشار ايضا ان اسرائيل استعملت معدات أمريكية ممتازة وأن الهجمات القادمة ستكون ستكون أكثر عدوانية “.
الهجوم الاسرائيلي جاء أيضا بعد تقرير وكالة الطاقة الذرية بعدم الامتثال للاتزاماتها بالضمانات النووية, فهل مهد موقف الوكالة الطريق للهجوم الايراني وهي التي يفترض أنها تتعاطى بنزاهة وشفافية مع هذه الملفات ومع كل الاطراف ولماذا تغض الوكالة الطرف عن المشروع النووي الايراني الذي فضحه الجاسوس افيغدور فعنونو وهل أن عدم توقيع الكيان الاسرائيلي على اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي يمنح مشروعها النووي ومخططاتها الحصانة ولماذا تنفرد تل ابيب بالتفوق النووي في المنطقة؟
من البداية شددت الادارة الامريكية على أنها كانت على علم مسبق بالعملية ولكنها لم تشارك فيها والحقيقة أن مؤشرات كثيرة و منها التعجيل باجلاء الموظفين الامريكيين  وعدد من القوات الامريكية بعدد من السفارات في المنطقة كان يمهد للعملية التي غفلت عنها ايران والتي ستدفع ايران للرد عليها دفاعا عن النفس كما ينص على ذلك ميثاق الامم المتحدة الذي لا يمكن تجاهله في هذه المرحلة ..موقف الرئيس الامريكي الذي سجل دعما أعمى كالعادة لما أقدم عليه ناتنياهو معلنا الاستعداد لتقديم ما تحتاجه اسرائيل من عتاد وهو ما كان واضحا بالنظر الى عملية تزود الطائرات الاسرائيلي بالوقود جوا لا يمكن أن تتم بدون مشاركة أمريكية ..
تغير رد الفعل الامريكي ازاء الهجوم الاسرائيلي على ايران اتضح بعد الرد الايراني على الهجوم الذي جاء بعد انقضاء حالة الصدمة واستعادة ايران بوصلة الدفاع عن النفس وبادرت بتوجيه ضربات موجعة استهدفت قلب كيان الاحتلال وكبدته خسائر مادية و بشرية وفرضت حالة من الهلع والرعب في صفوف سكانه الذين لاذوا بالملاجئ..
وفي اليوم الرابع للحرب المستمرة بين اسرائيل وايران بدأ خطاب الرئيس الامريكي يتغير وهو يلوح بضرورة وقف الحرب والعودة الى المفاوضات ..وهي تصريحات لا يمكن اعتبارها تحولا حاسما في الموقف الامريكي من هذه الحرب مع اعلان ترامب أنه طالب اسرائيل بعدم اغتيال المرشد الايراني اية الله خامنئي , وهو ما يعني علم ترامب بمخطط اسرائيلي في هذا الاتجاه ..
خلاصة القول في اليوم الرابع من الحرب بين اسرائيل وايران وجب الاشارة أن ما يحدث على هذه الجبهة لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يحول الانظار عن جرائم الابادة المستمرة في حق أهالي غزة منذ أكثر من ست مائة يوم ولا عن العودة لقطع الانترنت والتواصل عن القطاع لاخفاء ما يحدث ولا أيضا عن كل التحركات التضامنية الشعبية وقوافل الصمود برا وبحرا وجوا التي تطالب برفع الاحتلال وكسر الحصار والتجويع عن قطاع غزة .
المسألة التالية التي سيتعين الانتباه لها أنه اذا كان تاريخ بداية أي حرب أمر معلوم فان طي صفحة الحرب والانتهاء من العمليات العسكرية مسألة مؤجلة ..وفي انتظار ما يؤشر وجود ارادة دولية حقيقية لانهاء هذه الحرب قبل أن تتوسع وتمتد نيرانها الى كل المنطقة من الواضح أن اليد الامريكية موجودة في هذه الحرب التي لا يمكن لاسرائيل بمفردها مواجهتها ..
ناتنياهو أراد هذه الحرب وسعى اليها لعدة أسباب داخلية وخارجية لاخفاء فشله في غزة ودفع أمريكا للتدخل مباشرة في الحرب على ايران ولا يبدو أنه فكر في تداعيات هذه الحرب عندما هاجم ايران .. مطارات اسرائيل كما مدارسها وجامعاتها ومؤسساتها واقتصادها معطل وسكانها في الانفاق. كيف ومتى تنتهي الحرب وحدها الايام كفيلة بالرد وتوضيح ما خفي عن الاذهان وكشف المفاجات.
صحفية وكاتبة تونسية