محمد الغفري: هل تأخرت باكستان في مساندة إيران؟

محمد الغفري: هل تأخرت باكستان في مساندة إيران؟

 

 

محمد الغفري

شهدت الأيام الماضية تصعيداً خطيراً في الصراع بين ايران والكيان الصهيوني ، وسط مشهد إقليمي متوتر. وفي خضم هذا المشهد، برز موقف باكستان المتردد في تقديم الدعم المباشر لإيران، مما أثار لدي تساؤلات حول انعكاس هذا التردد على باكستان نفسها وعلى التوازن الإقليمي. خاصة وأن انتصاراً  حاسماً للكيان الصهيوني على إيران قد يضع دولاً مثل باكستان وتركيا ومصر في مرمى الضغوط والتحديات الجديدة، بل قد تجد باكستان نفسها بين كماشة قوتين كبيرتين: الهند و الكيان الصهيوني.

ربما يعود هذا التردد للعلاقات الباكستانية-الإيرانية التي ليست تحالفاً استراتيجياً متيناً. بل علاقتهما متوترة ، في ظل تنافس جيوسياسي خفي، ومع وجود خلافات حول قضايا مثل الحدود وأمن بلوشستان.
 لكن تبقى الهند التهديد الأمني الأول والأساسي لباكستان، والذي يجعل باكستان أمام خطر وجودي.

 هل يمكن اعتبار باكستان في دائرة الخطر؟

نعم، إذا أسفرت الحرب الامبريالية على ايران عن هزيمة إيرانية واضحة أو إضعاف حاد للسلطة في طهران،  ـ ولا اقول إسقاط النظام كما يدعي النتن ياهو لانه عمليا غير ممكن ـ فإن التداعيات ستطال باكستان أولاً والمنطقة بأسرها:

اولها : سيظهر الكيان الصهيوني كقوة إقليمية مهيمنة بلا منازع حقيقي، مدعوما بقوته العسكرية التقليدية والنووية وحلفائه الغربيين. وسيعمل هذا المحور على بسط هيمنته على المنطقة.
وثانيها : الكيان الصهيوني اليوم يرى في باكستان، القوة النووية الإسلامية التي لها علاقات تاريخية مع العالم العربي وبعض الفصائل الفلسطينية، و تهديداً استراتيجياً بعيد المدى. وإضعاف باكستان أو تقسيمها أو احتواؤها يصب في صالح الاهداف الاستراتيجية للكيان  ويسهل  عليه فرض الهيمنة الإقليمية. ويصبح التعاون مع الهند ضد باكستان أولوية استراتيجية.

وبالتالي فإن موقف باكستان الحذر تجاه دعم إيران يعكس حسابات براغماتية صعبة للبقاء اقتصادياً وتجنب العزلة الدولية. غير أن هذا التردد يحمل مخاطرة جيوسياسية كبرى على المدى البعيد.

إن سيناريو هزيمة إيرانية سيفتح الباب أمام مرحلة جديدة خطيرة، حيث ستجد باكستان نفسها في مرمى مصالح قوتين معاديتين هما الهند و الكيان الصهيوني، مستفيدين من غياب حليف إقليمي قوي مثل إيران لخلق نوع من التوازن. قد تدفع باكستان ثمناً باهظاً لحيادها اليوم، ليس فقط في مكانتها الإقليمية، بل ربما في أمنها القومي واستقرارها الداخلي ذاته.

أمام القيادة الباكستانية مهمة صعبة أكيد: إيجاد معادلة توازن دقيقة تحمي مصالحها الحيوية الفورية دون التضحية بأمنها الاستراتيجي الطويل الأمد في نظام إقليمي آخذ في التغير بسرعة، قد لا يكون فيه مكان للضعفاء أو المترددين. مستقبل باكستان، في هذا السياق المتأزم، معلق بين مطرقة الضغوط الدولية والاقتصادية، وسندان التهديدات الجيوسياسية المتفاقمة في حال انهيار التوازن الإقليمي الحالي.
تردد باكستان قد يهدد مستقبلا وجودها وامنها ووحدتها .