استكشف براغ خلال 48 ساعة: وجهات لا تفوّت في قلب أوروبا

استكشف براغ خلال 48 ساعة: وجهات لا تفوّت في قلب أوروبا

لندن-راي اليوم
تتربع العاصمة التشيكية براغ على قائمة المدن الأوروبية التي تحتفظ بسحر خاص يجمع بين التاريخ الحي والجمال الآسر، فهي ليست مجرد مدينة بل لوحة متكاملة من العمارة والفنون والثقافة. لكل زاوية في براغ قصة، ولكل مبنى ماضٍ يعيد الزائر إلى عصورٍ متداخلة من المجد الملكي والروح البوهيمية. وفي هذه الجولة، نسلط الضوء على أهم المحطات التي لا تُفوّت عند زيارة هذه المدينة الفاتنة.
قلعة براغ… تاريخ يتنفس فوق نهر فلتافا
ليست قلعة براغ مجرد مبنى أثري، بل مجمع معماري وثقافي ضخم يحتضن قرونًا من التاريخ السياسي والديني والفني. تطل القلعة من موقع استراتيجي مرتفع على نهر فلتافا، وشهدت على مر العصور حكم الملوك والأباطرة وحتى رؤساء الجمهورية الحديثة. وتُصنف عالميًا كأكبر قلعة قديمة لا تزال قائمة.
ينصح الزائرون ببدء الجولة من البوابة الشرقية، مرورًا بالساحات الداخلية، مع التوقف عند كاتدرائية سانت فيتوس التي تعانق السماء، وكنيسة سانت جورج والقصر الملكي القديم. ولا تكتمل الزيارة دون مشاهدة تبديل الحرس في مشهد احتفالي تقليدي، ثم الصعود إلى الحدائق الجنوبية حيث تنتظر الزائر إطلالات بانورامية تخطف الأنفاس لأسطح المدينة الحمراء وأزقتها القديمة.
جسر تشارلز… معبر إلى الزمن الباروكي
يمتد جسر تشارلز كقوس زمني يأخذك إلى العصور الوسطى، حيث أمر الملك كارل الرابع ببنائه في القرن الرابع عشر ليربط بين المدينة القديمة والحي الصغير. ما يميز هذا الجسر ليس فقط هندسته الباروكية ولا الثلاثون تمثالًا لقديسين مصطفين على جانبيه، بل أيضًا أجواؤه النابضة بالحياة بفضل الموسيقيين وفناني الشوارع.
المشهد عند شروق الشمس من على الجسر لا يُنسى، حين تذوب السحب تدريجيًا كاشفة عن المدينة بتفاصيلها الساحرة. ويُقال إن لمس تمثال القديس يوحنا نيبوموك يجلب الحظ، وهو تقليد شائع بين السكان والزوار على حد سواء.
ساحة المدينة القديمة والساعة الفلكية… قلب براغ النابض
في قلب المدينة، تتربع ساحة المدينة القديمة كمسرح مفتوح للتاريخ والحياة اليومية. تحيط بها مبانٍ تعود لعصور متعددة من القوطية إلى الباروكية، وتزدحم بالمقاهي والفنانين والكنائس التاريخية مثل كنيسة تين.
ومن أبرز معالم الساحة الساعة الفلكية “أورلوي”، التي تعود لعام 1410 وتُعد من أقدم الساعات العاملة في العالم. تقدم عرضًا مذهلًا كل ساعة بمشاركة تماثيل الرسل، وتعرض مواقع الشمس والقمر والأبراج، لتجسد التقاء العلم بالروحانيات بطريقة تثير الإعجاب.
تل بيترين… لحظات تأمل في حضن الطبيعة
لعشاق الهدوء والمناظر الخلابة، يُعد تل بيترين وجهة مثالية. يمكن الوصول إليه عبر القطار الجبلي أو من خلال نزهة هادئة. هناك، بين الحدائق الهادئة ومسارات المشي، تجد برج بيترين الذي يُشبّه ببرج إيفل الصغير، ويوفر إطلالة ساحرة من ارتفاع 63 مترًا.
لا تفوّت متاهة المرايا التي تضفي طابعًا مرحًا على التجربة، خاصة للأطفال والعائلات، أما عند الغروب، فتتحول المدينة من الأعلى إلى لوحة ذهبية ساحرة.
ساحة فاتسلاف… التاريخ في مواجهة الحداثة
على الرغم من طابعها العصري كمركز تسوق وترفيه، فإن ساحة فاتسلاف لا تزال تحتفظ بروحها الثورية. كانت هذه الساحة شاهدًا على لحظات مفصلية في تاريخ التشيك، أبرزها الثورة المخملية عام 1989.
يهيمن على مقدمة الساحة تمثال القديس فاتسلاف على جواده، أمام المتحف الوطني، الذي يستعرض كنوزًا فنية وتاريخية. في كل زاوية، تروي الساحة قصة، وتُذكر الزائر بأن الحرية كانت يومًا ما حلمًا تحقق من قلبها.
قلعة فيشيهراد… براغ من منظور مختلف
بعيدًا عن الزحام، تقع قلعة فيشيهراد على تلة مطلة على النهر، وتُعد من أقدم المواقع المحصنة في المدينة. يقول البعض إنها كانت المقر الأول للأمراء التشيك، واليوم تُقدّم تجربة هادئة ومختلفة.
القلعة تحتضن كنيسة بطرس وبولس ذات الطابع الفريد، بالإضافة إلى مقبرة تضم رموز الثقافة والفكر التشيكي، ما يجعل من المكان متحفًا مفتوحًا للأرواح التي صنعت تاريخ الأمة.
منتزه لتنا… حيث يتنفس أهل براغ
لختام الجولة، لا بد من زيارة منتزه لتنا الذي يطل على المدينة من علٍ. بين أشجار الظل ومسارات الركض، ينبض هذا المكان بالحياة المحلية. النصب التذكاري “الميترونوم” الذي حل مكان تمثال ستالين، أصبح رمزًا للتحول والتقدم نحو المستقبل.
ومن أعلى التل، يمكن للزائر أن يشاهد جسور براغ وهي تتقاطع فوق النهر المتعرج، بينما تودع الشمس المدينة بألوانها الذهبية.
براغ ليست مجرد وجهة سياحية بل تجربة حسية وروحية، تتنقل بك بين التاريخ والجمال، بين الأسطورة والواقع. إنها مدينة لا تُنسى، تُخاطب زائرها بشغفها الصامت وعمقها الذي لا يُرى من النظرة الأولى.