د. شهاب المكاحله: دونالد ترامب في الرياض: القمم الثلاث ومسار الشرق الأوسط الجديد

د. شهاب المكاحله
تشهد المملكة العربية السعودية في منتصف مايو 2025 حدثا سياسيا استثنائيا يتمثل في انعقاد ثلاث قمم متتالية برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة قادة مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، والعالم الإسلامي. يُتوقع أن تحمل هذه القمم رؤى جديدة حول إعادة تشكيل المنطقة سياسيا واقتصاديا، وسط توقعات بإبرام صفقات اقتصادية ضخمة وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بحلول عامي 2026-2027. وتأتي تلك القمم بعد مضي أكثر من شهرين على مجازر الساحل السوري التي راح ضحيتها الآف المدنيين العزل وسط مطالبات بحماية دولية عاجلة للأقليات في المناطق المنكوبة. هذه القمم ستعقد في تلك الفترة ما لم يحدث تطور إقليمي كبير يؤثر على انعقادها في موعدها.
قمة ترامب مع قادة مجلس التعاون الخليجي: الاقتصاد والأمن في المقام الأول
من المتوقع أن يركز ترامب في قمته مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي على القضايا الاقتصادية والأمنية، مع تقديم مقترحات لتعزيز التعاون في مجالات الدفاع المشترك، والتكنولوجيا المتقدمة، والطاقة، وخاصةً في قطاع الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة. قد تشهد القمة أيضا توقيع اتفاقيات استثمارية ودفاعية بمليارات الدولارات، خاصة مع دول مثل السعودية والإمارات وقطر إضافة الى بحث موضوع التطبيع بين إسرائيل والدول الخليجية.
القمة العربية: رسم ملامح سياسية جديدة
تعد هذه القمة الأكثر حساسية، حيث سيتناول ترامب مستقبل المنطقة في ضوء التحولات الجارية، بما في ذلك مشاريع إعادة الإعمار في سوريا واليمن، ومجابهة النفوذ الإيراني، وتعزيز التطبيع مع إسرائيل. كما يُتوقع أن يكون أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، من بين الحاضرين، ما يفتح الباب أمام مقاربة جديدة للأزمة السورية، قد تشمل اتفاقيات اقتصادية واستراتيجية جديدة. وهناك معلومات عن تطبيع سوري إسرائيلي يسبق التطبيع السعودي، يكون بلقاء مسؤولين من الحكومة السورية المؤقتة مع مسؤولين من إسرائيل في دولة عربية كخطوة أولى.
القمة الإسلامية: توازنات دينية وسياسية
في قمة ترامب مع قادة الدول الإسلامية، سيكون التركيز على التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، ومكافحة التطرف، إضافةً إلى الدور الأمريكي في تأمين الاستقرار في المنطقة. هذه القمة ستكون بمثابة محاولة لطمأنة الدول الإسلامية بشأن السياسات الأمريكية المستقبلية وتعزيز شراكات استراتيجية جديدة.
إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط
تشير مصادر عديدة إلى أن هذه القمم قد تكون نقطة انطلاق لمشروع جديد يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، من خلال تقسيم بعض الدول الكبرى إلى كيانات أصغر، أو خلق تحالفات جديدة تعيد ترتيب موازين القوى في المنطقة. هذا السيناريو قد يتضمن منح الأكراد استقلالاً جزئيا، أو تقسيم سوريا والعراق وفق خطوط عرقية وطائفية.
التحديات والمخاطر
رغم الطموحات الكبيرة لهذه القمم، هناك العديد من التحديات التي قد تعرقل تحقيق الأهداف المرجوة. فمن ناحية، قد تواجه بعض الدول العربية مقاومة داخلية لأي تغييرات جذرية. ومن ناحية أخرى، قد تثير هذه القمم قلق إيران وروسيا، ما قد يؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة في المنطقة.
في المحصلة، ستكون قمم الرياض في مايو 2025 بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة دونالد ترامب على إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤيته الخاصة، وهو ما قد يترك أثرا عميقا على مستقبل المنطقة لسنوات قادمة.
ولا تبدو الضربة الإسرائيلية الأميركية لإيران خلال أيام كما كان متوقعا، لكن من المرجح ان تتم عقب عودة ترامب من زيارته للمنطقة.
كاتب اردني